رفض فيصل أبو طالب الاستسلام لإعاقته وقسوة الظروف، ويسعى الرجل البالغ 45 عاما، أن يمارس حياته بصورة طبيعية كالأصحاء، ورغم أنه لا يستطيع أن يحرك قدميه، إلا أنه يتنقل على الأرصفة في محافظة العلا وبين الطرقات من خلال زحفه وسحبه جسده النحيل المثقل بالآلام، وكثيرا ما تعرض لمخاطر الدهس لولا لطف الله، هو يرفض الاستجداء ويفضل أن يعيش بكبرياء. اقتربت منه «عكاظ» وحاولت تجاذب أطراف الحديث لمعرفة ما يختزنه في نفسه من مشاعر، فردد «انا قدمت من مصر» ثم لزم الصمت، وطلب منا تركه لأداء الصلاة، وتوجه نحو القبلة وكبر مباشرة على الرصيف ونصف جسده بلا ستر أو لباس، وبعد أن سلم مضى في مسيرته ساحبا جسده على الاسفلت الذي كثيرا ما أحرقته ظهيرة الصيف وقطعت وجرحت بعض لحمه، حتى بلغ الجهة المقابلة التي أوقف فيها عربة وهبت له من المستشفى، ثم تحرك بها نحو أحد المطاعم. سألت المارة عن وضع فيصل فأجاب أحدهم أن غالبية أهالي العلا يعرفونه منذ سنين، مشيرا إلى أنه يبيت في الشارع وعلى الرصيف في مختلف الظروف، تحت حرارة الصيف أو زمهرير الشتاء، واعتبروه أحد أعلام المنطقة لعفته. وحين اتصلنا بشقيقه طارق لمعرفة قصته أجاب أن فيصل يعاني من الشلل منذ أن كان عمره عامين، وتزوج من مصر وأنجب يوسف 13 عاما ومحمد 11 عاما ووليد تسعة اعوام، إضافة إلى ابنتين، يقيمون حاليا في تبوك، لذا كان يردد باستمرار اسم مصر على لسانه، متسائلا إذا كان أبناؤه مع والدتهم في مصر. وذكر طارق أنهم نقلوا شقيقه فيصل لتلقي العلاج في العديد من المستشفيات لكن دون جدوى، موضحا أن التأهيل الشامل ودار الرعاية بالمدينة المنورة اعتذرا عن استقباله بدعوى عدم وجود كرسي أو بحكم اختصاص الغير. وأشار طارق إلى أن شقيقه بات اسيرا للرصيف عاريا أمام الملأ، ملمحا إلى أن فيصل وقع ضحية الروتين، على الرغم من وجود مكاتبات بين جهات حكومية عدة.