تحوّلت شوارع وأرصفة الحدائق والمنتزهات والطرق الرئيسية بجهة الهدا والشفا بالطائف إلى مواقع يحرص زوّار المدينة والمصطافون على افتراشها، وشكّلت هذه الظاهرة السلبية أرقا طويلا لمدينة الورد، ودعا الكثير من الأهالي والأسر إلى منعها ومحاولة وضع الحلول المناسبة لتفاديها حرصا على سلامة أبنائهم والبعد عن ضجيج السيارات والمارة على جنبات الشوارع. وتنتشر هذه الظاهرة غالبا في فترة الصيف، خصوصا في منطقة الهدا والشفا؛ حيث يتوقف المسافرون القادمون من مكةوجدة بها للاستمتاع بأجواء الطائف اللطيفة، غير مبالين بما قد يحدثه الافتراش من كوارث لا سمح الله. المعاناة من هذا الوضع الذي لا يتناغم مع طبيعة المنطقة السياحية لم تمنع الأهالي من أخذ نصيبهم من التمتع بمنطقتهم التي وهبتها الطبيعة كل السحر والجمال، ولكن يبقى الاستياء عنوان الحالة النفسية لهم تجاه عشوائية المفترشين الذين شوّهوا جمال المدينة وأربكوا الحركة المرورية للسير، واتخذ بعضهم من تلك الطرق مسارات للإحماءات الرياضية واللعب؛ ما يشكل خطرا حقيقيا على المارة. مفترش على الرصيف سليمان العتيبي أحد الزوار التقته “شمس” مفترشا أحد المواقع على طريق الهدا السريع يقول إنه لا يرغب في افتراش الأرصفة بتاتا، وهو ضد هذه الظاهرة، ولكنه وجد أن أفضل المواقع الجميلة للجلوس والاستمتاع بأجواء الطائف بالقرب من الشوارع العامة لمنطقة الهدا خصوصا، وكذلك الشفاء؛ لما تتمتعان به من اهتمام حقيقي من أمانة الطائف وجهاز السياحة بالمحافظة لإظهارهما بالشكل اللافت للنظر. ويضيف العتيبي: “تجوّلت لأكثر من مرة بعيدا عن تلك المواقع التي احتلت الحدائق والمنتزهات المستثمرة الجزء الكبير منها وتعنى بنظافة واهتمام شخصي من ملاكها، فضلا عن المواقع الأخرى التي لا يجد السائح ضالته بها من ناحية النظافة والخدمات الموازية لخدمات المستثمرين”. ويتابع قائلا: “ظاهرة الافتراش شكّلت تشويها لجسد عروس المصايف، وقد حباها الله بجمال الأرض والطبيعة، ولكن لم تتضافر معها جهود الجهات ذات العلاقة في إبرازها بالشكل المأمول”، وضرب مثالا بحديقة الردف التي تعد مزارا حقيقيا لزوار المدينة والمصطافين وأبناء المحافظة، وأضاف: “المشاهد لحالها يأسف لها؛ إذ اقتطع الجزء الكبير منها وجيّر للاستثمار الخاص، حيث لم يكن هناك موقع للجلوس بها سوى أرصفتها المتهالكة؛ لما يعانيه باطنها من إهمال في أعمال النظافة التي عجنتها الخيول المؤجرة والجمال بأقدامها، وحوّلتها إلى سماد، إضافة إلى سوء الصيانة الدورية للألعاب الترفيهية بها؛ الأمر الذي دعا السائح والزائر إلى افتراش الأرصفة، وهو أمر مقزز بالنسبة إليها؛ فمع توافد السيّاح بكثافة على محافظة الطائف في الصيف دائما ما يتسابقون لحجز الأرصفة لما تتمتع به من اهتمام ونظافة”. قلق المصطافين من جهته يشير محمد الغامدي وهو قادم من جدة للطائف مع عدد من رفاقه ويفترشون طريق الهدا السريع، بقوله: “قدمت من جدة لتناول الغداء في الطائف والاستمتاع بهوائها العليل وأجوائها الخلابة حتى المساء ثم نعود”، ويضيف أن افتراشهم للأرصفة بات منظرا مألوفا في الطائف، خصوصا مع تزايد أعداد الزوار لفترة الخميس والجمعة، ولم يخف عدم اكتمال سعادته الحقيقية بالجلوس بجانب الطريق، بقوله: “خلال جلوسي مع رفاقي أشعر بقلق يصاحبني منذ الوهلة الأولى لجلوسنا؛ لخوفي على أبنائي الصغار الذين أصروا على الذهاب معي، وذلك خشية من أن يسقط أحدهم على طبقة الأسفلت الرئيسي؛ فدائما ألاحقهم بالنظر وأشعر بحزن لئلا يرتموا تحت عجلات السيارات وهم صغار لا يعون تلك الكوارث”، ويضيف: “بحثنا عن متنفس نبتعد فيه عن إزعاج السيارات وصراخ عجلاتها في الأسفلت، ولكن في منطقة الهدا باتت المناطق التي كنّا نزورها في فترات سابقة ملكا لأصحاب الحدائق والمتنزهات المستثمرة، ولم تكن هناك مواقع محددة بعيدة تتوافر بها الخدمات المطلوبة التي ينشدها الزائر والسيّاح؛ ما دعانا إلى افتراش الأرصفة كحال كثير من العوائل”. كوارث إنسانية ويلفت محمد الزهراني وعبدالله شجاع العتيبي إلى الحلول الجذرية لمنع هذه الظاهرة تتلخص في الاهتمام بما خلف الطرق والأرصفة، كزيادة حصص الاستثمار العائد إلى المواطن، إضافة إلى الاعتناء بنظافتها وتقديم كافة الخدمات الضرورية بها من المطاعم والمساجد وكذلك دورات المياه، مضيفين أن ظاهرة الافتراش سلبية ولا بد من اجتثاثها؛ فهي بالكاد تشوّه معالم الجمال الذي اكتست به مدينة الطائف. ويشيران إلى أن غالبية سالكي طريق الهدا من وإلى الطائف يشعرون بحجم ما تحدثه ظاهرة الافتراش من كوارث إنسانية في حال عدم تداركها؛ كون الكثيرين يفترشون أرصفة الطريق الذي يتميز بكثرة المنعطفات الخطرة التي لا يتمالك قائد المركبة تفادي ما يراه أمامه من سيارات أو أطفال يلعبون؛ فمعظم قائدي السيارات يمرون بسرعات جنونية.