لأن أحلامنا تحلق بأجنحة وردية، سأبدأ السنة الجديدة باستعراض ما تحقق من إنجازات للمرأة في بلادنا في مشوارها الطويل نحو الحياة بأمن وكرامة وإنسانية. من أكبر الأحلام التي تحولت إلى حقيقة إعلان خادم الحرمين الشريفين حفظه الله في وقفته التاريخية في مجلس الشورى نهاية عام 2011 عن حق المرأة في المشاركة السياسية عندما قال حفظه الله: «لأننا نرفض تهميش دور المرأة في مجتمعنا السعودي في كل مجال عمل وفق الضوابط الشرعية قررنا مشاركة المرأة في مجلس الشورى عضواً من الدورة القادمة كما يحق للمرأة أن ترشح نفسها لعضوية المجالس البلدية ولها الحق كذلك في المشاركة في ترشيح المرشحين بضوابط الشرع الحنيف». وتوالت بعدها الإنجازات وتعددت المسارات التي ساهمت في تمكين المرأة السعودية. ففي المسار المدني، أصبحت المرأة السعودية ملزمة ببطاقة الأحوال الوطنية باعتبارها مواطنة كما أصبحت قادرة على تسجيل أطفالها في بطاقة العائلة ولم تعد بحاجة إلى مدير أو وكيل شرعي لتمثيلها في المؤسسات التجارية. أما في مسار العمل والمشاركة الاقتصادية فقد انتفت الحاجة لموافقة ولي أمر المرأة على توظيفها طبقا لنظام العمل الجديد، وتمكنت المرأة من حقها في ممارسة العمل في أماكن بيع المستلزمات النسائية بعد أن كانت ملقاة على بسطات الطرق تحت الشمس الحارقة. كما أنها حصلت على حقها في العمل في مهنة المحاماة بشكل رسمي بعد حصولها على رخصة محاماة. أما في مسار الحقوق الشرعية من زواج وطلاق ونفقة وحضانة وميراث، فبالرغم من بعض الانفراجات البسيطة في ملف الوصاية، مازالت هناك الكثير من الممارسات الذكورية الجائرة والتي لا تمت لديننا الإسلامي العادل في حق المرأة الإنساني في الحياة الكريمة. إن التعامل مع هذه الملفات الشائكة يتطلب الحزم والجدية من الوزارات المعنية بإصدار قوانين واضحة وعقوبات صارمة في التعامل مع الزوج المماطل في دفع النفقة والأب العاضل لابنته الراشد أو المزوج لابنته القاصر، ومع الإخوة الذين يحرمون المرأة من الميراث الشرعي، ومع الذكور المعنفين للمرأة بالضرب أو الاعتداء أو التحقير. مازالت معاناة المرأة في المحاكم لإثبات الطلاق والحضانة والنفقة مستمرة، ومازالت الكثير من النساء ينتظرن سنيناً طويلة للحصول على حق الخلع الذي أقره الشرع لهن. ومازال المجتمع بأسره ينتظر صدور نظام الحماية من الإيذاء وقانون لمنع زواج القاصرات بعد أن اكتوينا بلهيب العنف الأسري وزواج القاصرات. وبالطبع لا يلزمنا أن نتطرق لموضوع حق المرأة في قيادة السيارة، لأنه حق أشبع بحثاً ودراسة، غير أنه مازال ملفاً مفتوحاً تتجاذبه الصراعات، والتي هي في جوهرها صراع على السيطرة على مفاصل المجتمع، وليست خلافا دينيا في قليلٍ أو كثير. [email protected]