أجمع عدد من المعنيين بالتنمية البشرية من مسؤولين وخبراء على أهمية التركيز على عدة محاور لاستيعاب الشباب من الجنسين وتوفير فرص عمل لهم، مشيرين الى ان ذلك لا يعني بالضرورة توفير وظائف للجميع بقدر ما يشمل ايضا توليد فرص توظيف جديدة في القطاع الخاص من خلال دعم وتشجيع المنشآت الصغيرة وتحفيز الشباب أن يكونوا اصحاب عمل خاص. كما طالبوا بالاستفادة المثلى من موارد صندوق تنمية الموارد البشرية وتوجيه الدعم الى عدة برامج تؤدي في مجملها الى خدمة الهدف الاستراتيجي في التنمية البشرية، كما طالبوا بربط العقود الحكومية التي تعد الأكثر إنفاقا في المخصصات الحكومية التشغيلية بتدريب وتوظيف الشباب من الجنسين والتدقيق والتأكد على التزام القطاع الخاص بذلك. يرى أسامة الخريجي الخبير في مجال الموارد البشرية والتدريب أن التركيز في الفترة الماضية كان على التوظيف وإيجاد فرص وظيفية للشباب والشابات، وهو بلا شك أمر مهم ولكن الأهم هو العمل على تشجيع الشباب وتمكينهم من ان يكونوا هم اصحاب عمل وبذلك سيتم خلق فرص عمل جديدة لآخرين وهكذا، واضاف: هناك ضغط على الشركات في مسألة التوظيف لكن القطاع الخاص لن يستطيع استيعاب الكل باستمرار، ويجب ان تكون لدينا رؤية واضحة بالنسبة للمجالات والفرص المتاحة في هذا المجال، ونادى الخريجي بأهمية وجود هيئة أو جهة تقييم مستقلة فيما يتعلق بالتدريب والتأهيل. تأهيل الشباب فيما أكد مدير عام التربية والتعليم في محافظة جدة عبدالله بن أحمد الثقفي على ضرورة تأهيل الشباب السعودي عن طريق التدريب في المعاهد والكليات المتخصصة وتهيئتهم للعمل سواء في الدوائر الحكومية او الأهلية، كما طالب الثقفي بضرورة إيجاد فرص عمل بعد تأهيلهم وتدريبهم للعمل الميداني، مناشدا باستحداث مراكز تدريب متخصصة ويقوم على تأهيل الشباب أكاديميا ومهاريا نخبة من الاكاديميين ومحترفي التدريب، وأضاف الثقفي ان هناك عدة دورات تأهيلية تقوم بها ادارته لطلاب وطالبات المرحلة الثانوية، حيث يتم تأهيلهم وتوضيح فرص العمل المستقبلية التي تحتاجها الدولة حتى يتم اختيار تخصص دراسته الجامعية بشكل افضل يضمن مواكبة ميوله وتطلعاته مع الحاجة في سوق العمل، وتمنى لجميع الشباب التوفيق كونهم هم من سيقود الأمة ويرفع من شأنها في المستقبل القريب وهم من سيتسيد المشهد العملي في المملكة. وقال: اننا في المملكة نعول على شبابنا الكثير على ونتطلع أن نرى منهم نماذج مشرقة تسهم في الازدهار والتقدم لبلادنا، وان ما توليه حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لفئة الشباب من دعم وتشجيع يعد فرصة لهم للنهوض بأنفسهم وببلادهم الى آفاق أرحب. دعم وزارة العمل ويقول طراد بن سعيد العمري الخبير في مجال التنمية البشرية: سيأخذ التعليم والتدريب نصيب الأسد من الموازنة بأكثر من (25%). ما زال العمل والتشغيل لم يأخذ مكانه من وعي واهتمام المجتمع، بدءا بالمنزل وانتهاء بالمنشآت سواء حكومية أو قطاع خاص. في حالتنا، شبه الاستثنائية، نجد أن الدولة تنفق أموالا طائلة في التنمية سواء في مشاريع معتمدة في الموازنة أو من فائض الموازنة بهدف التسريع في التنمية وتوفير فرص عمل، إلا أنه لم يتم القضاء على البطالة، والسبب، من وجهة نظرنا، أمران، الأول: عدم تشخيص حالة العمل، الثاني نقص الدعم الموجه لوزارة العمل. كما كشف «حافز» أيضا ان قرابة (85%) من المستفيدين من الدعم المالي هم من النساء اللائي يشكلن الحلقة الأصعب والأضعف في التوظيف والتوطين، فلدينا ثقافة اجتماعية ترفض عمل المرأة، كما أن كثيرين من قطاع الاعمال غير متحمسين لتوظيف النساء، لما لذلك من كلفة لوجستية تتطلبها الأنظمة والأعراف، من ناحية، وعدم إمكانية نقل الموظفة من مكان الى آخر تبعا للأعراف السائدة، من ناحية أخرى. وأضاف، خلقت اجتهادات ومبادرات وزارة العمل والصندوق بيئة جدلية إيجابية، حيث نقلت «الكرة» إلى ملعب التجار وقطاع الأعمال، بحيث أصبحت «السعودة» تشغل جزءا من تفكير التاجر حول أي مشروع. ولذا، تتسم المرحلة الراهنة بالسجال والاحتيال، فكلما أصدرت الوزارة برنامجا أو مبادرة جديدة، تصدى لها التجار بالرفض والدخول في جدل وجدل مضاد، من ناحية، وامتهان الاحتيال والتحايل من ناحية أخرى، حتى أصبح كثير من قرارات وزارة العمل ردود أفعال لسد ثغرات يتحايل منها التجار، لكن هذه المرحلة طبيعية في قطاع مدلل، لا تلبث أن تتلاشى لثلاثة أسباب: الأول، الإصرار والمتابعة والحزم والعقوبات من وزارة العمل؛ الثاني، خروج بعض أدعياء التجارة أو «الدكاكنجية» من سوق العمل؛ وثالثا، انتقال التجار الحقيقيين والجادين إلى مفهوم أفضل في تطبيقات الموارد البشرية ومن أهمها تخطيط القوى العاملة. أما بالنسبة لدعم وزارة العمل من الدولة بالمال والكفاءات لكي تستطيع ان تنفذ وتتابع برامجها ومبادراتها، بالتوازي مع ما سبق يتوجب على وزارة العمل إعادة هيكلة صندوق تنمية الموارد البشرية وإعادة صياغة أهدافه التي تضخمت حتى فقد الصندوق قدرته على التركيز، فأصبح مثل «الشعير مأكول مذموم»، كما يقول المثل الشعبي. يضطلع الصندوق بمهمتين رئيسيتين وهما: التدريب والتوظيف، لكنه فشل في كليهما، ونجح الصندوق في تسهيل برنامج «حافز» للمستفيدين ماديا. المهمة الحقيقية والهدف الوطني التي أنشئ من أجلها الصندوق هو التوظيف ثم التوظيف ثم التوظيف. وزارة العمل مطالبة، أيضا، بتفعيل التفتيش والمراقبة التقليدية غير الإلكترونية للتأكد من أمرين، الأول: دراسة ومعرفة متطلبات المنشآت ومساعدتها في تطبيقات الموارد البشرية. الثاني: مراقبة تنفيذ عشرات القرارات التي تخدم سوق العمل. وهنا لا بد من تخصيص التفتيش لتوفير كوادر سعودية عبر شركات وطنية تؤدي مهمة معلومة وواضحة ومحددة في زيارة قرابة مليون منشأة تنتشر في طول البلاد وعرضها. كما أنها مطالبة بدعم مكاتب وشركات التوظيف الأهلية وتطوير صناعة التوظيف لكي تصبح من الصناعات المستجدة في اقتصادنا الوطني أسوة بالدول المتقدمة، إضافة الى ضعف وانعدام المعايير العالمية في التوظيف الأهلي، كل ذلك يلقي بمسؤولية كبرى على وزارة العمل لكي تنظم سوق العمل المتنامي بتسارع في الحاضر والمستقبل. أخيرا، دعم وزارة العمل بما يتناسب وحجم المهمة المطلوبة أمر ضروري وحيوي؛ وإعادة هيكلة صندوق تنمية الموارد البشرية أمر تأخر كثيرا؛ وتطوير قطاع التفتيش وخصخصته من متطلبات المرحلة؛ كما أن دعم وتطوير صناعة التوظيف الأهلي مسألة غاية في الأهمية، أربع قضايا عاجلة تنتظر وزارة العمل بعد إقرار الموازنة العامة. الاستثمار في التدريب من جهة اخرى يصف الدكتور مبارك الطامي مدير عام التدريب الاهلي بالمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني ان من أبرز الأهداف التي يسعون إليها تنمية الموارد البشرية من خلال تشجيع القطاع الخاص للاستثمار في التدريب بما يساهم في سد حاجة سوق العمل من القوى البشرية المؤهلة، من خلال الترخيص للقطاع الخاص بالتدريب والإشراف عليه وتحديد معاييره الفنية. وتساهم منشآت التدريب الأهلية الرجالية والنسائية من معاهد ومراكز بدور كبير وبارز في تنمية الموارد البشرية السعودية المؤهلة في العديد من المجالات بما يساهم في تنفيذ برامج الدولة المستهدفة في الميزانية السنوية. وأضاف ان الإدارة سعت إلى تشجيع المستثمرين إلى الزيادة في التخصصات المرخصة وتنوعها لتفي بمتطلبات سوق العمل في جميع المجالات، حيث بلغ عدد التخصصات المرخصة لمنشآت التدريب الأهلية الرجالية والنسائية (310) تخصصات، شملت مجالات عديدة يتطلبها سوق العمل منها: (الحاسب الآلي الكهرباء والالكترونيات الميكانيكا السيارات اللحام الهندسة الإدارة القانون السفر والسياحة العلوم الفندقية السلامة والإطفاء الجيولوجيا الطرق البترول والغاز البلاستيك الإعلام الفنون التشكيلية الأغذية الحراسات الأمنية تطوير الذات المجال الأسري والاجتماعي الغوص والصيد البحري الخياطة والتفصيل التجميل التصميم والديكور... وغيرها). العقود الحكومية والتوظيف ويؤكد الدكتور سمير حسين رئيس لجنة الموارد البشرية في الغرفة التجارية الصناعية بجدة على ضرورة سعودة العقود الحكومية وتقنين الاستقدام بحيث لا تستقدم الا الكفاءات المتميزة لضمان نقل المعرفة الى ابنائنا وربط ذلك بالعقود الحكومية بنسبة سعودة لا تقل عن 70%، كذلك يلامس الدكتور حسين قضية الإحلال ويقول: برامج وزارة العمل مثل نطاقات وغيرها جيدة، ولكن ما الذي يضمن تدريب السعودي في الشركات والقطاع الخاص، ويستشهد بأن هناك في النظام مواد تؤكد على ضرورة تدريب العاملين السعوديين في الشركات ورفع كفاءتهم ولكن لا يطبق ذلك في معظم الشركات والمؤسسات، لذلك يجب ان تكون هناك آلية لهذه الأمور ترصد وتدقق، وطالب الدكتور حسين بأن يكون هناك تدقيق محاسبي على تدريب الشباب حتى نضمن الاستثمار في ابناء الوطن وقيام الشركات بواجبها وان نربط ذلك بالعقود الحكومية التي تمثل أكبر حصة في الانفاق الحكومي في ظل المشاريع القائمة والمستقبلية وضمان تشغيلهم في المشاريع، وطالب وزارة المالية مراعاة تدريب وتشغيل الشباب السعوديين في العقود الحكومية، كما طالب القطاع الخاص بأن يتحمل مسؤوليته الوطنية تجاه التوظيف وتشغيل الشباب وتدريبهم وتأهيلهم لأنه في النهاية استثمار وطني يعود نفعه على الوطن في مختلف المجالات. واضاف الدكتور سمير حسين: على الشركات والمؤسسات في القطاع الخاص مراجعة العمليات الداخلية في الشركة لرفع الكفاءة والانتاجية وتقليص عدد العمالة الزائدة، ومن ناحية اخرى تطبيق مفاهيم ومناهج ادارة الموارد البشرية السليمة لمساعدة الشركات على استثمار الكفاءات البشرية الموجودة لديها وتحسين الاداء والانتاجية.