أكد الدكتور زكريا الاغا عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح، أن القيادة الفلسطينية ماضية في التوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لطلب عضوية دولة مراقب رغم الضغوط والتهديدات الأمريكية والإسرائيلية. وشدد الاغا في حوار مع «عكاظ» على أن المفاوضات مع إسرائيل لن تستأنف قبل وقف الاستيطان والاعتراف بحدود عام 1967 كمرجعية للتفاوض، وحمل الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية الأزمة المالية، وانتقد عدم إيفاء الدول العربية بتعهداتها بتوفير شبكة أمان اقتصادية للسلطة الفلسطينية بمئة مليون دولار شهريا. وفيما يلي نص الحوار: طرح الرئيس الفلسطيني في الجمعية العامة للأمم المتحدة رؤيته لتقديم طلب عضوية دولة مراقب رغم التهديدات والضغوط التي تتعرض لها من أكثر من جهة، فإلى ماذا تهدفون من وراء هذا المسعى؟ نجاح مسعانا مؤكد بإذن الله، إذ أن هناك 133 دولة عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة تعترف بدولة فلسطين على حدود 1967، ولذلك لا أعتقد أن هناك مشكلة في الحصول على أغلبية، لكننا نريدها أغلبية نوعية بمعنى أن تضم دولا أوروبية فاعلة إلى جانب دول عدم الانحياز التي تشمل الدول العربية والأفريقية والإسلامية. نعم نتعرض لضغوط وتهديدات من الأمريكيين والإسرائيليين للتراجع عن هذه الخطوة. حتى بعض المسؤولين في الأممالمتحدة طلبوا منا ذلك، لكن القيادة الفلسطينية مصممة على تقديم الطلب في خطاب سيلقيه الرئيس محمود عباس. والموافقة عليه تعني أن الجمعية العامة تعترف بدولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس. وتصبح هذه الدولة تحت الاحتلال وليست أراضي متنازعا عليها كما تدعي إسرائيل، وأي تحرك سياسي أو مفاوضات مستقبلية أو تحرك في الأممالمتحدة يكون على أساس أن هناك دولة تحت الاحتلال ويجب أن تتحرر منه، وهناك أمثلة كثيرة مماثلة في التاريخ مثل فرنسا حينما كانت تحت الاحتلال الألماني قبل أن تتحرر. ووضع دولة محتلة يعني أن على الاحتلال الجلاء عنها كاملا سواء كان احتلالا عسكريا أو استيطانيا. وهذا يحفظ على الأقل حقوق الفلسطينيين ويتيح لنا الفرصة للانضمام لكل مؤسسات الأممالمتحدة ورفع دعاوى قضائية ضد إسرائيل أمام محكمة الجنايات الدولية ويعطينا مجالا أوسع للتحرك السياسي والدبلوماسي. لكن الدولة الفلسطينية تحتاج إلى أن تكون عضوا كامل العضوية في الأممالمتحدة، وهو ما يتطلب موافقة مجلس الأمن. والجميع يعرف بأن أمريكا استخدمت حق النقض «الفيتو» في المجلس العام الماضي لعرقلة طلبنا في هذا الشأن. وإسرائيل في المفاوضات معنا والممارسات التي تتبعها تعتبر الأراضي الفلسطينية أراضي متنازعا عليها وليست محتلة. مفاوضاتكم مع إسرائيل مجمدة منذ أكثر من عام في ظل توسع الاستيطان في الضفة وتواصل العدوان على غزة وانشغال الراعي الأمريكي بانتخاباته الرئاسية، كيف تبدو لكم الصورة؟ في الحقيقة تبدو الصورة قاتمة، لكن ذلك لا يعني أننا وصلنا إلى مرحلة اليأس رغم الانسداد في الأفق السياسي بسبب إصرار إسرائيل على الاستيطان ورفض الالتزام بالقرارات الدولية، وأيضا الانقسام الفلسطيني الذي يضعف موقفنا أمام العالم. وكذلك الموقف العربي فالثورات العربية لم تضف كثيرا للوضع الفلسطيني بل بالعكس كل الدول العربية أصبحت منشغلة بنفسها، والدول التي شهدت ثورات انشغلت بأوضاعها الداخلية. ولذلك لا نستطيع أن نقول إن هناك موقفا عربيا قويا يستطيع أن يدعم الجانب الفلسطيني بشكل فعلي. من الممكن أن تكون هناك قرارات عربية داعمة، لكن على أرض الواقع لا يوجد دعم عربي سياسي أو مادي. وهناك قرارات اتخذت لإنشاء صندوق للقدس برأس مال 500 مليون دولار وللأسف لم يترجم هذه القرار إلى واقع رغم مضي سنوات على إقراره. كما أن هناك قرارا يتعلق بشبكة حماية اقتصادية للفلسطينيين تتضمن دعمهم بمائة مليون دولار شهريا، من أجل تغطية العجز إلا أنه لم ينفذ حتى الآن. وقد أدى الموقف الفلسطيني المضعضع والموقف العربي غير واضح المعالم إلى أن يصبح الموقف الدولي غير متشجع. وأمريكا تتحجج بالانتخابات الرئاسية، فالموقف الأمريكي بهذه الانتخابات أو بدونها دعم لاسرائيل. وسواء أعيد انتخاب الرئيس أوباما أو لم يعد انتخابه فإن كل السياسيين الأمريكيين يدعمون إسرائيل ويخطبون ودها، ولا يوجد في الولاياتالمتحدة مقابل الصوت اليهودي المؤثر تأثير عربي يذكر، رغم أن المصالح الأمريكية في المنطقة العربية أضعاف مصالح أمريكا في إسرائيل. وكذلك دور اللجنة الرباعية غائب لأن من يؤثر فيه هو الجانب الأمريكي. ودور الأممالمتحدة ضعيف. وأوروبا قبلت بأن يكون دورها ثانوي كبنك لدعم عملية السلام بالمساعدات. وكذلك الدور السياسي لروسيا غائب، فالولاياتالمتحدة تتحكم باللجنة الرباعية ما أفقدها مصداقيتها وحياديتها. وفي رأيي لن تستأنف المفاوضات مع إسرائيل قبل وقف الاستيطان والاعتراف بحدود عام 1967 كمرجعية للتفاوض. وصلت المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس إلى موقف مسدود في وقت ينشغل فيه الراعي المصري بأموره الداخلية، كيف ترون الخروج من هذا المأزق؟ أستغرب تماما الجمود في حوار المصالحة الفلسطينية مع أن هناك اتفاقيات واضحة بين الطرفين، منها اتفاق المصالحة الذي تم إبرامه في القاهرة العام الماضي وإعلان الدوحة وهناك جدول زمني وكل ذلك تعطل. وقد كنا على وشك أن نبدأ التطبيق حينما تم تشكيل اللجنة المركزية للانتخابات إثر الاجتماع الطارئ للقيادة في القاهرة. وبعد أن بدأت اللجنة عملها بقطاع غزة في الثاني من يوليو «تموز» الماضي لتسجيل الناخبين الذين لم يسجلوا منذ خمس سنوات تمهيدا للانتخابات المقبلة، وكنا بصدد الشروع في تطبيق بنود المصالحة وتشكيل حكومة فلسطينية وفوجئنا بقرار لقيادة حركة حماس يطلب من لجنة الانتخابات وقف عملها. وفي رأيي أن على الفلسطينيين أن يأخذوا الأمر بأيديهم خاصة في ظل انسداد الأفق السياسي وانشغال العالم العربي بهمومه. لكن مصر ما تزال راعية للمصالحة الفلسطينية. صحيح أن ظروفها الداخلية صعبة، لكن أعتقد أنها تستطيع أن تحسم الموضوع وتراجع كل ما تم وتكون هناك مصارحة لمن يعطل الاتفاق. فالانقسام الفلسطيني يؤثر سلبا على القضية الفلسطينية. ومعاناة الفلسطينيين في قطاع غزة لا يمكن أن تنتهي إلا بتحقيق المصالحة. تمر السلطة الفلسطينية بأزمة مالية خانقة في ظل ارتفاع الأسعار وتأخر صرف الرواتب، فأين تكمن الأسباب الحقيقية لهذه الأزمة؟ الأسباب الحقيقية والرئيسية للأزمة المالية تكمن في الاحتلال الاسرائيلي الذي يصر على قضم 60% من أراضي الضفة الغربية المصنفة مناطق (ج) وهي أراض لا زالت تحت الاحتلال ولا نستطيع أن نطورها وأن نستفيد من مواردها ومياهها وأراضيها. وهناك اتفاق باريس الاقتصادي المجحف الذي يجب أن نعيد النظر فيه والتفاوض بشأنه من جديد. وكذلك الحصار على قطاع غزة، وحصار الضفة والقدس وكل هذه الأمور تجعل الاقتصاد الفلسطيني غير حر ومرتبطا بالاقتصاد الإسرائيلي، فأي غلاء للأسعار في إسرائيل ينعكس سلبا علينا رغم فارق الدخل بيننا وبينهم. وأعتقد أن السلطة والحكومة تتحملان جزءا من المسؤولية. ويجب إعادة النظر في السياسات المالية. كما أن هناك أمورا يجب مراقبتها ومصروفات يجب أن توقف. ويمكن أن نضطر إلى خفض المرتبات العالية. ولا ننسى أن هناك واجبا على الدول العربية التي تعهدت بأن تنشئ شبكة أمان للسلطة الفلسطينية توفر لها 100 مليون دولار شهريا، لكن للأسف لم تنفذ تعهداتها، فالأمور معقدة ومن حق الشعب الفلسطيني سواء في الضفة أو غزة أن يعبر عن رأيه، لكن أدعو جماهير الشعب الفلسطيني إلى أن تكون واعية، وأن تكون احتجاجاتها سلمية دون اعتداء على الممتلكات والمؤسسات الخاصة والعامة.