العنف الأسري قضية من المفترض أن تشكل هما لكل من يعنى بالشأن الأسري والإنساني في مجتمعنا. فالأسرة هي نواة المجتمع والمرأة والطفل هما حجر الزاوية فيه، وهما أيضا الشريحتان الأكثر تعرضا للتعنيف، لكن إذا تحقق لها حماية قانونية واجتماعية فإننا نكون أسسنا وأرسينا أهم أساسيات حقوق المرأة والطفل في المجتمع بأسره. إن كل ما يمس المرأة والطفل من عنف نفسي وجسدي واقتصادي ولفظي منشؤه الأسرة التي تصدره بدورها للمجتمع. ولذلك يوجد في المصحات النفسية ودور الرعاية والحماية الاجتماعية ودور الأحداث الكثير من ضحايا العنف الأسري نساء وأطفالا. إلا أنه من الملاحظ أن جل ما تم اتخاذه بهذا الخصوص من إجراءات كانت فقط إنشاء هذه الملاجئ والدور لاستقبال الضحايا، وهو برأيي إجراء تنقصه الرؤية الفاحصة لهذه الإشكالية المزمنة وليس حلا لها أو علاجا لهذا المرض الاجتماعي وهو شراكة في الجريمة برأيي. فهذه الدور ومراكز الإيواء الاجتماعي للمعنفين أسريا سلبياتها على المعنف أضعاف إيجابياتها وهي لا تعدو كونها سجونا تحجبهم عن المجتمع وتقتل وجودهم وتنتهك حقهم الإنساني في حياة طبيعية سوية في المجتمع الطبيعي بأمان وحياة سوية مطمئنة ومستقرة. قضية المعنفين أسريا لاشك أنها قضية مهمة كونها لا تجد الحماية الاجتماعية ولا الحماية القانونية رغم أن ذلك هو الامتياز الذي يعطيه النظام الجماعي (الدولة والمجتمع) للأسرة على أفرادها بوصفه مخولا من السماء للوصاية على الفرد داخل الكيان الأسري سواء كان طفلا أو امرأة. وبناء على ذلك لابد من سن قوانين رادعة وصارمة تضمن الحماية القانونية والاجتماعية للمرأة والطفل داخل الأسرة فديننا الإسلامي لا يعارض ذلك.. وهنا أتساءل: لماذا يعامل المعنف أسريا معاملة الجناة ويكتفى بإيداعه في سجون الأحداث والرعاية والحماية الاجتماعية والمصحات النفسية دون النظر لحقوقه ومتطلباته التي كفلتها الدولة والشرع الحنيف؟.