حول قضية تعرضت طفلة لعنف بدني من قبل أحد أفراد أسرتها أكد القاضي الشيخ سعد بن عبدالعزيز الحقباني أن المملكة هي أقوى دولة تصدر العقوبات الجزائية في قضايا العنف، حيث وصلت بعض الأحكام إلى القتل للمعنّفين الذين قتلوا أبناءهم، وهذا ما لم يحدث في أي دولة من الدول المتقدمة التي لا تتجاوز الأحكام فيها السجن لمدد طويلة في قضايا العنف. مشيرا إلى أن هذا دليل واضح على أن المحاكم الشرعية تباشر حالات العنف وأن البعض يعتقد أن القضاء السعودي قد يتهاون في تشديد العقاب على المعنّفِين المعتدين, لكن القضاء يُراعي مسائل تتعلق ب"لمّ الأسرة وترابطها" والتوجيه للمعنف والضحية أو الحكم بالعقاب الذي يليق. جاء ذلك خلال برنامج تدريبي نظمته وزارة الشؤون الاجتماعية بالمنطقة الشرقية صباح أمس في الدمام وحضره عدد من المسؤولين والموظفين والموظفات في الوزارة. وقال الحقباني: إن من القواعد الشرعية الواجب تطبيقها هو رفع الضرر عن الغير من منطلق قوله صلى الله عليه وسلم "الضرر يُزال"، حيث يشير إلى أن أي ضرر يلحق بالمرأة أو الطفل أو أي فرد بالمجتمع فإنه يضر الدين قبل أن يضر المجتمع. وأضاف في ورقة العمل التي قدمها "العنف الأسري والحماية الاجتماعية بين النظام والواقع": أن وجود إدارة للحماية الاجتماعية مطلب شرعي ورسالة إنسانية ومن خلالها يتم تحقيق مسؤولية ولي الأمر تجاه المستضعفين، وتنفيذ لمواثيق الدولية المقررة من قبل الدولة والتي أكد على وجوب تطبيقها ما لم تخالف الشريعة الإسلامية. وانتقد الحقباني تصرفات بعض العاملات في دور الحماية الاجتماعية على مستوى مدن المملكة بناء على زياراته للدور والاستماع للمعنفات جراء عدم اتخاذهن الإجراءات اللازمة بحجة عدم وجود نظام أو قانون ينظم عملهن في الوزارة ومن أمثلة ذلك رد البعض منهن ب"لا أعلم ماذا أكتب" أو "لا أتحمل مسؤولية ذلك", وقال "هذه رسالة إذا لم تحملوها في قلوبكم لن تنجحوا ومن لا يستطيع حملها فليبحث عن عمل آخر". وركز على النساء العاملات في الوزارة تحديدا كونهن الأكثر استقبالا للحالات المعنفة، مؤكدا على أهمية تطبيق ما يتعلمه العاملون في دور الحماية في الدورات التثقيفية والتوعوية في مجال الحماية وتقييم ذلك. وذكر الحقباني أن وضع القوانين وسن التنظيم لدور الحماية الاجتماعية مطلب شرعي, مستشهدا على ذلك بدور الصحابة في تنظيم السياسات الشرعية بناء على الأحكام الشرعية، موضحا أن الأنظمة لا يمكن تطبيقها من منطلق المثالية، ولكن ذلك لا يعني أن يصاب العاملون بالإحباط وعدم الوصول للأفضل. ويرى الحقباني أن العنف في المجتمع السعودي لم يصل إلى حدّ الظاهرة بناء على بعض الدراسات التي أجريت حول ذلك، ويعود ذلك إلى مفهوم العنف الذي يعرّفه بتكرار وقوع الإيذاء. ويرى الحقباني أن القضاء السعودي تميز برغبته في ترابط الأسرة، وليس فكاكها، ولذلك فإن القضاة لا يتعجلون في إصدار الأحكام بل يُنظر في الإصلاح بين أفراد الأسرة. مشيرا إلى أن فكرة الغرب التي تذهب إلى نزع الأطفال عن آبائهم في حال حدوث عنف للطفل لا إنسانية كونها تزيد من المشكلة وتبعد الطفل عن ذويه وإيداعه في دار للأيتام وغير ذلك، وهذا ما لا يمكن للطفل تحمله، والحل في نظره هو الإصلاح بين المعنفين والضحايا أو التوجيه بالعقاب الذي يليق. وذكر الحقباني أهمية أن يكون لدور الحماية دور في رفع دعوى حق عام في قضايا العنف التي تصلهم وطلب من العاملين أن يكونوا عونا لهيئة التحقيق والادعاء العام والجهات الأخرى في حدود اختصاصها، وليس الاعتماد على أوراق جافة ومهمشة لا اعتبار تذهب إلى إمارات المناطق ولذلك طالب بوجود دور بارز وأكثر قوة لدور الحماية مع مؤسسات المجتمع الأخرى مثل دراسة حالات الأطفال المعنفين في مدارسهم ومنازلهم. 3