تنسب الدول إلى عواصمها السياسية حيث يكون مقر الحكومة واجتماعاتها، فيكفي ذكر الرياض ليعرف المستمع أن المقصود هو مملكتنا الحبيبة، ويجمع الدول أحيانا تجمع سياسي معين كدول الكومنولث مثلا أو الفرانكفورتية فتنسب إلى عاصمة واحدة هي واسطة عقدها كمدينة لندن للأولى وباريس للثانية. ويكون للدولة الواحدة أحيانا عدة عواصم، الولاياتالمتحدةواشنطن عاصمتها السياسية ونيويورك عاصمتها المالية والتجارية وهوليوود عاصمتها الفنية، حتى لدينا فالطائف عاصمتنا الصيفية وجدة عاصمتنا التجارية والدمام عاصمتنا الاقتصادية ولا ضير في ذلك. بل إن بعض المدن تعتبر عاصمة عالمية لرمز ما كباريس عاصمة الأنوار والعطور وجنيف عاصمة للسياحة وجمال الطبيعة وتعتبر هوليوود عاصمة العالم للفن السابع، وجميع الدول والمدن تسعى وتجاهد لدعم رمزيتها وتثبيت شهرتها المكتسبة في أذهان الناس فما بالكم عندما يرتبط اسم لمدينتنا بالدين والإسلام وقدسيتهما. مناسبة الحديث ما جاء في بعض صحف الأسبوع الماضي عن اقتراح قدم لسمو ولي العهد في أحد مجالسه بتغيير مسمى أمانة العاصمة المقدسة إلى مسمى أمانة مكةالمكرمة، وكان من حصافة سموه أن وعد بدراسة المقترح. ومعلوم تاريخيا أن هذا المسمى «أمانة العاصمة المقدسة» كان قد سماها به المؤسس الملك عبدالعزيز، طيب الله ثراه، ضمن أعماله التأسيسية ليشمل كافة دوائرها الإدارية وليس بلديتها وحسب، وكان اختيارا موفقا لأنه أطر بشكل رسمي ما يجمع عليه العالم الإسلامي باعتبار مكةالمكرمة عاصمتهم الروحية وقبلتهم في صلاتهم ومقصدهم في حجهم، وهي حقيقة تاريخية ودينية منذ أذن إبراهيم عليه السلام في الناس بالحج، فترسخت تسمية المؤسس، رحمه الله، في ذهن مسلمي العالم أن هناك عاصمة دينية واحدة تجمعهم، وآتت التسمية أكلها عندما كان يتم الفزع إليها في كل ضائقة تلم بالمسلمين سواء بالدعاء أو بالاجتماع، وهذا ما حدث قبل أيام بانعقاد مؤتمر التضامن الإسلامي وما يحدث على الدوام حتى بالمفهوم السياسي لزعماء العالم الإسلامي. وكانت مبادرة خادم الحرمين الشريفين ببناء «ساعة مكة» تدعيما لهذا التوجه لتوحيد أوقات المسلمين وربطها بمكةالمكرمة وجعل توقيت مكة، وبالتالي توقيت المملكة عالميا بدلا من الارتباط بتواقيت غربية خارجية سواء في ما سمي قديما بتوقيت جرينتش أو ما يسمى حاليا بالتوقيت العالمي. المساس بهكذا رمز سيهز مكانة المملكة ومسماها العالمي كبلد الحرمين الشريفين ومسمى حاكمها كخادم للحرمين الشريفين.