الاعتكاف وأحكامه ما هو الاعتكاف؟ وإذا أراد الإنسان أن يعتكف فماذا عليه أن يفعل وماذا عليه أن يمتنع؟ وهل يجوز للمرأة أن تعتكف في البيت الحرام؟ وكيف يكون ذلك؟ سماحة مفتي عام المملكة عبد العزيز بن باز - رحمه الله - أجاب قائلا: الاعتكاف: عبادة وسنة وأفضل ما يكون في رمضان في أي مسجد تقام فيه صلاة الجماعة، كما قال تعالى: «ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد»، فلا مانع من الاعتكاف في المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف، من الرجل والمرأة، إذا كان لا يضر بالمصلين ولا يؤذي أحدا فلا بأس بذلك، والذي على المعتكف أن يلزم معتكفه ويشتغل بذكر الله والعبادة، ولا يخرج إلا لحاجة الإنسان كالبول والغائط ونحو ذلك أو لحاجة الطعام إذا كان لم يتيسر له من يحضر له الطعام فيخرج لحاجته، فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخرج لحاجته، ولا يجوز للمرأة أن يأتيها زوجها وهي في الاعتكاف، وكذلك المعتكف ليس له أن يأتي زوجته وهو معتكف؛ لأن الله تعالى قال: «ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد»، والأفضل له ألا يتحدث مع الناس كثيرا بل يشتغل بالعبادة والطاعة، لكن لو زاره بعض إخوانه أو زار المرأة بعض محارمها أو بعض أخواتها في الله ودار حديث فلا بأس، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوره نساؤه في معتكفه ويتحدث معهن ثم ينصرفن فدل ذلك على أنه لا حرج في ذلك. والاعتكاف هو المكث في المسجد لطاعة الله تعالى سواء كانت المدة كثيرة أو قليلة؛ لأنه لم يرد في ذلك فيما أعلم ما يدل على التحديد لا بيوم ولا بيومين ولا بما هو أكثر من ذلك، وهو عبادة مشروعة إلا إذا نذره صار واجبا بالنذر وهو في حق المرأة والرجل سواء، ولا يشترط أن يكون معه صوم على الصحيح فلو اعتكف الرجل أو المرأة وهما مفطران فلا بأس في غير رمضان. استخدام الهاتف هل يجوز للمعتكف الاتصال بالهاتف لقضاء حوائج المسلمين؟ فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - قال: نعم يجوز للمعتكف أن يتصل بالهاتف لقضاء بعض حوائج المسلمين إذا كان الهاتف في المسجد الذي هو معتكف فيه؛ لأنه لم يخرج من المسجد، أما إذا كان خارج المسجد فلا يخرج لذلك، وقضاء حوائج المسلمين إذا كان هذا الرجل معنيا بها لا يعتكف؛ لأن قضاء حوائج المسلمين أهم من الاعتكاف لأن نفعها متعد، والنفع المتعدي أفضل من النفع القاصر إلا إذا كان النفع القاصر من مهمات الإسلام وواجباته. ليلة القدر اعتاد بعض المسلمين وصف ليلة سبع وعشرين من رمضان بأنها ليلة القدر، فهل لهذا التحديد أصل وهل عليه دليل؟ فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - قال: نعم، لهذا التحديد أصل وهو أن ليلة سبع وعشرين أرجى ما تكون ليلة للقدر كما جاء ذلك في صحيح مسلم من حديث أبي بن كعب - رضي الله عنه - ولكن القول الراجح من أقوال أهل العلم التي بلغت فوق أربعين قولا: أن ليلة القدر في العشر الأواخر، ولا سيما في السبع الأواخر منها، فقد تكون ليلة سبع وعشرين، وقد تكون ليلة خمس وعشرين، وقد تكون ليلة السادس والعشرين، وقد تكون ليلة الرابع والعشرين ولذلك ينبغي للإنسان أن يجتهد في كل الليالي حتى لا يحرم من فضلها وأجرها، فقد قال الله تعالى: «إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين» وقال - عز وجل-: «إنا أنزلناه في ليلة القدر. وما أدراك ما ليلة القدر. ليلة القدر خير من ألف شهر. تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر. سلام هي حتى مطلع الفجر». عمل المسلم كيف يكون إحياء ليلة القدر؟ أبالصلاة أم بقراءة القرآن والسيرة النبوية والوعظ والإرشاد والاحتفال لذلك في المسجد؟ سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز بن باز -رحمه الله - أجاب قائلا: أولا: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجتهد في العشر الأواخر من رمضان ما لا يجتهد في غيرها بالصلاة والقراءة والدعاء، فروى البخاري ومسلم عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كان إذا دخلت العشر الأواخر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد المئزر»، ولأحمد ومسلم: «كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها». ثانيا: حث النبي - صلى الله عليه وسلم - على قيام ليلة القدر إيمانا واحتسابا، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه»، رواه الجماعة إلا ابن ماجة، وهذا الحديث يدل على مشروعية إحيائها بالقيام. ثالثا: من أفضل الأدعية التي تقال في ليلة القدر ما علمه النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة، رضي الله عنها، فروى الترمذي وصححه عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «قلت: يا رسول الله، أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟» قال: «قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني». رابعا: أما تخصيص ليلة من رمضان بأنها ليلة القدر فهذا يحتاج إلى دليل يعينها دون غيرها، ولكن أوتار العشر الأواخر أحرى من غيرها والليلة السابعة والعشرون هي أحرى الليالي بليلة القدر؛ لما جاء في ذلك من الأحاديث الدالة على ما ذكرنا. خامسا: وأما البدع فغير جائزة لا في رمضان ولا في غيره، فقد ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»، وفي رواية: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد». فما يفعل في بعض ليالي رمضان من الاحتفالات لا نعلم له أصلا، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتها. شروط الاعتكاف ما هي شروط الاعتكاف، وهل الصيام منها، وهل يجوز للمعتكف أن يزور مريضا، أو يجيب دعوة، أو يقضي حوائج أهله، أو يتبع جنازة، أو يذهب إلى عمل؟ سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز بن باز -رحمه الله - أجاب قائلا: يشرع الاعتكاف في مسجد تقام فيه صلاة الجماعة، وإن كان المعتكف ممن تجب عليهم الجمعة ويتخلل مدة اعتكافه جمعة فالاعتكاف في مسجد تقام فيه الجمعة أفضل، ولا يلزم له الصوم، والسنة ألا يزور المعتكف مريضا أثناء اعتكافه، ولا يجيب دعوة، ولا يقضي حوائج أهله، ولا يشهد جنازة، ولا يذهب إلى عمله خارج المسجد؛ لما ثبت عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: «السنة على المعتكف ألا يعود مريضا، ولا يشهد جنازة، ولا يمس امرأة، ولا يباشرها، ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بد منه».