أستمتع هذه الفترة بإجازتي السنوية من عملي، والتي ومن حسن حظي صادفت شهر رمضان المبارك. ظننت أني أستطيع بابتعادي عن أجواء العمل أن أتوقف عن التفكير قليلا لكني كنت مخطئة! وها هو تساؤل ظل ينقر على رأسي ليلا ونهاراً كي أخضع له وأبدأ سلسلة لا تنتهي من «كيف» و«لماذا» و«ماذا لو» وأمسك بالقلم لأدون كل ذلك.. وأنا أفكر! واكتشفت أن انشغالي بالعمل له من الفوائد ما لم أكن أدركه! قد أكون مخطئة في تقديري للأمور، وربما ما يحدث هذه الأيام هو السبب! لكن ألا تلاحظون معي أن الكثير من حولنا يعيش في الوقت الراهن حالة من العشوائية؟ أقصد هنا العشوائية في اتخاذ القرارات المصيرية، وفي تحديد الرغبات والأهداف بعيدة المدى، وفي البيع والشراء، وفي القراءة والكتابة، وفي السعي خلف أضواء الشهرة، وفي الزواج والطلاق، وفي اختيار السلع، بل وصل الأمر إلى العشوائية في إطلاق الأحكام! فنصادف من يعجب بأمر دون سبب وينتقد أموراً أخرى دون استثناء وبلا أسباب منطقية! لماذا يا ترى؟. في الحقيقة لا أعلم لكني سأقص عليكم قصة «رامز»! «رامز» فتى في عقده الثالث تخرج من كلية الاقتصاد وتخصص في العلاقات الدولية والتحق في عمل أحبه. كان يعمل منسقاً للعلاقات الخارجية في إحدى السفارات ويتقاضى راتباً خيالياً يحسد عليه! عدا عن امتيازات لا حصر لها، وكل ذلك بسبب تلك الشبكة الواسعة من العلاقات والسمعة الطيبة التي حققها والده طيلة سنوات عمله كباحث ومحلل دولي. وفي إحدى الليالي اقترح عليه أحد الأصدقاء الذي شاهد إعلاناً في الصحيفة، أن يعمل كعارض للأزياء في تلك الشركة التي تبحث عن وجوه جديدة، فأعجبه الاقتراح وأغرته فكرة الشهرة! فذهب لتجربة الأداء وتم قبوله، فترك عمله وتفرغ للأزياء! ثم تركه وعمل في التمثيل ثم هجره للتقديم التلفزيوني والصحافة، ومنها إلى العمل كمتحدث وممثل لبعض المنشآت الإعلامية، وأخيراً أصبح وجهاً تشاهده في أي مكان وكل مكان دون سبب! أخيراً أقول بأن «رامز» سيتم بعد عدة أيام التاسعة والثلاثين ولم يحقق شيئاً يذكر في سجل حياته، ولا يشعر بالرضى عن نفسه! ترى كم «رامز» صادفتم في حياتكم حتى الآن؟ [email protected]