• إذا ما بحثنا بين هذا السيل الهادر من المواد التي تطفح بها شاشات الفضائيات العربية فيما يسمى ببرامج رمضان طوال هذه الأعوام القريبة الماضية، لا نجد في السواد الأعظم منها إلا هذا النهم في إغراق ساعات البث عبر جل القنوات بما يتم «تجييشه» من حشود الدراما بمختلف ألوانها وأطيافها، ومؤسسات إنتاجها التي لم يجد المعنيون بها من بين كل أشهر السنة غير هذا الشهر الكريم لممارسة هذا «الشره» في تسويق هذه الأرتال من المسلسلات التي يصعب حصر مسمياتها، ناهيك عن قدرة فرز ما يمكن أن يكون من بينها موائما في مضامينه وأهدافه مع متطلبات وطبيعة توقيت العرض، وما هو متاح للمشاهد من وقت في ظل ظروف وطقوس هذا الشهر الدينية، وما تستوجبه كل هذه الاعتبارات من إعادة نظر وبصيرة وتبصر، حتى لا يأخذنا ما نعتقد أنه مهم بعيدا عما لا شك أنه الأهم. •• ومما شجع على هذه «الظاهرة» وكرس لها تهافت القنوات الفضائية على هذا «الماراثون» السنوي في تنافس محتدم قصب السبق فيه يتمثل في أي القنوات بذلت الغالي والنفيس من أجل «الفوز» بأكبر نسبة من «بضاعة المسلسلات» التي ستتحف بها مشاهديها في «شهر رمضان»!!، فأصبح هذا الشهر الكريم لمنتجي هذه المسلسلات والقائمين بها هو مغنمهم وموسمهم الخصب لتسويقها، فجندوا عدتهم وعتادهم، وانبروا هم وجيوش الممثلين والممثلات لتقديم ما لا حصر له من «التضحيات» والعناء والغربة والرحلات المكوكية بين دول ومواقع التصدير.. كل هذا وسواه «يبذل» ويتواصل طوال 11 شهرا، وربما أكثر، و «كله من أجلك يا رمضان» !!، ليس هذا فحسب، بل لا يمكن إغفال ما يتزامن مع «قصص كفاح حشد هذه المسلسلات» من متابعة إعلامية حثيثة «خطوة بخطوة»، من خلال مختلف وسائل الإعلام المعنية، ثم ما تتوج به هذه المتابعة من حملات إعلانية مكثفة قبل إطلالة شهر رمضان بوقت مبكر.. بكل الألوان والمساحات والصور وأسماء المسلسلات التي جهزت «لاستقبال رمضان»، أيضا ليس هذا فحسب، بل بكل جرأة وافتراء تقدم هذه الإعلانات بعناوين حولت حسب مضامينها «الروحانية جدا» هذا الشهر الكريم إلى: (شهر الدراما)، و(شهر الترويح)... إلخ، وإعلامنا ينشر ويبث ويعلن ويعرض. •• ألا يوجد لهذه البضاعة ما هو أولى بها من هذا الشهر المبارك الذي خصه الله من بين كل الشهور بما هو أحوج للمحاكاة والترسيخ؟!، ألا يوجد من يعيد لنا ما كان في رمضان الأمس القريب، البسيط الأجمل، رحم الله الشيخ علي الطنطاوي، والأستاذ محمد حسين زيدان، وكل من وما يذكرنا برمضان ذاك الزمان. والله من وراء القصد. • تأمل: وأن البر خير في حياة وأبقى بعد صاحبه صوابا فاكس: 6923348 !!Article.extended.picture_caption!!