اضطراب التوحد يعرف بأنه خلل عصبي يؤثر على وظائف النمو الإدراكي والتواصل الاجتماعي مع الآخرين، وهو خلل يبدو على المصابين به العجز عن التفاعل الاجتماعي وحاجتهم إلى تلقي تعليم وتدريب جيد كي يتغلبوا على إصابتهم، خاصة وأن منهم من يكون متفوقا في المجالات غير المرتبطة بالتواصل مثل الرياضيات والرسم والموسيقى. أما إن حرموا من التعليم والتدريب فإنهم يظلون في حاجة إلى رعاية دائمة مدى الحياة. في اللقاء الذي نشر في صحيفة الرياض (الثلاثاء 17 جمادى الآخرة) مع الأميرة سميرة الفيصل الفرحان، وهي أم لولدين أحدهما مصاب بالفصام والآخر بالتوحد، تحدثت عن معاناة أسر التوحديين بقلب الأم التي تعيش التجربة وتعرف جميع تفاصيلها ودقائقها. الأميرة سميرة مقتدرة ماديا، بإمكانها أن تصحب ولديها إلى أقصى بقاع الأرض لتبحث لهما عن علاج وتعليم وتدريب يتيح لهما حياة أفضل وتكتفي بذلك، لكنها لم تفعل، معاناتها الخاصة جعلتها تستشعر معاناة بقية الآباء والأمهات الذين يشتركون معها في أبوة أولاد مصابين كأولادها، تماهت في عينها صورة ولديها الغاليين في صور جميع أولاد الوطن المصابين بمثل إصابتهما. من هنا هي لم تحصر هدفها في معالجة ولديها وتقديم الرعاية التعليمية والصحية لهما وحدهما، كان هدفها أكبر وأعم وأشمل، هدفها أن يجد جميع أولاد الوطن المصابين ما يستحقون من التعليم والتدريب الجيد. سميرة الفرحان أراها امرأة تستحق كثيرا من التقدير والامتنان فهي مثال على الخروج من الانحصار في التفكير في الذات وحدها إلى التفكير في الآخرين والشعور بمعاناتهم والتفاعل مع مشكلاتهم والعمل على مساعدتهم. فمن خلال تجربتها مع ولدها المصاب بالتوحد انطلقت لتؤسس مركز (والدة الأمير فيصل بن فهد للتوحد)، ثم أسست جمعية (أسر التوحد). ومن معاناتها مع الولد الآخر المصاب بالفصام، أسست (الجمعية السعودية للانفصام). وهي الآن تسعى مجدة إلى التعجيل بتفعيل المشروع الوطني الذي يهدف إلى مساعدة أسر المصابين بالتوحد وحل ما يواجههم من مشكلات في رعاية ومتابعة أولادهم المصابين، وهو مشروع متى تحقق يرجى منه أن يحل كثيرا من مشكلات أسر التوحديين. الأميرة سميرة تدهشك بمستوى تثقفها حول اضطرابات التوحد والفصام، فهي حين تتحدث عن ذلك تشعرك أنها تتحدث عن علم ومعرفة وخبرة بتفاصيل كثيرة عن الإصابة واحتياجات المصابين وأسرهم، وهي ترى أن من أبرز المشكلات التي تواجهها أسر التوحديين في المملكة عدم توفر مراكز خاصة بتعليم ورعاية أطفال التوحد فيضطر الأهل إلى السفر إلى الأردن أو غيرها من الدول التي تتوفر فيها تلك الرعاية، بالرغم من أنه حتى تلك المراكز ليست كلها متكاملة وجيدة في إمكاناتها، لكنها الضرورة فالخدمات التي تقدمها وزارة التربية والتعليم لرعاية التوحديين لا تغطي أكثر من (1800) طفل، فضلا عن ضعف الخدمات المتاحة مما يعني أن الغالبية من التوحديين يبقون في البيوت بلا تعليم ولا رعاية، إضافة إلى أن من بلغ 16 عاما من التوحديين لا تقدم له داخل المملكة أي رعاية على الإطلاق، وإذا لم يلحقه أهله بمركز رعاية خارج المملكة يبقى محروما من التعليم والتدريب في حاجة إلى الرعاية طيلة حياته. لكن خدمات الرعاية مكلفة ماديا وليست جميع الأسر قادرة على تأمين ذلك، لهذا هي تطلب من وزارة التعليم العالي إنشاء مراكز داخل الجامعات لتقديم خدمات التدريب لخريجات أقسام التربية الخاصة لإعداد أخصائيات في علم التواصل بحيث يمكن الاستفادة منهن في العمل في مراكز رعاية متخصصة للتوحديين تقام داخل المملكة. تحية للأميرة سميرة الفرحان على جهدها المخلص وعملها النبيل، وإن مجتمعا يوجد فيه أمثالها لن يخذل ولن يخيب أبدا. فاكس 4555382-1 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة