أصبحت الشهرة والسلطة والنفوذ مثلث السعادة المنشود وأتقنت الظروف سكبها في قالب جميل يمثل العصر الذهبي أو الفضي أو حتى البرونزي من الحالات الاجتماعية أو الاقتصادية، عوضا عن العاطفة المفقودة التي تجسد الاستلاب، الذي غرب الإنسان عن ذاته وانفصم عن كنه كيانه ليواكب المحيط الزمني القصير ويراهن على الفوز به رغم الضياع للمصدر الذي يتمنى أن يعيشه بعيدا عن «الرأسمال الرمزي» الذي حوله إلى مجموعة من المصطلحات، وبالمقابل يبحث في زوايا الفراغ عن لحظات اللهو التي تصور له الغرائز على أنه عاطفي وما زال يمارس إنسانيته المشتركة بين العقل والقلب، إن الأولوية والأسبقية والأهمية في الحياة هي للعاطفة التي تحدد الانفعال والاندماج والمؤثرات الرئيسية في الأجساد والتصرف عامة أن لكل فرد في المجتمع صناعة خاصة من أجزاء الثقافة العشوائية التي حددها لنفسه حسب المعطيات التي شكلها ويعطي لهذه الصناعة هوية وقيمة.. لم أكتب الموضوع كقضية وإنما صياغة تحمل كلماتها استفهاما كبيرا لما آل إليه الحال الراهن للبشر، حيث تفوقت القيود على حرفية الشعور وتدشين عصر الحداثة التقنية على حساب الكثير من العواطف التي افتقدها الإنسان المعاصر، حينما ذهب جل وقته في محاكاة الابتكار الآلي الذي يترجم كلمات الحب إلى أدوات صناعة، وفتح باب المهنية الصناعية المطالب بها، ولكن هذا هو عصر العلم الحديث، كانت العصور السابقة رغم العدم وقلة الموارد إلا أن ماهية العاطفة غلبت المفاهيم وملأت الفراغات حتى وصفتها العرب بالجنون لشدة الهيام، فكان الغزل في الشعر العربي كالمفاهيم الأساسية في عصرنا، وكان لتلك العاطفة الفياضة أثر في الأدب العربي والأدب الفارسي اعتمد العصر الجاهلي على الأدب ومنه الشعر المقفى والنثر ومن أشهر الكتب التي جمع فيها الشعر الجاهلي: (الأصمعيات) للأصمعي، و(المفضليات) للمفضل الضبي، و(طبقات فحول الشعراء) لمحمد بن سلام الجمحي، والمحرض الوحيد كانت العاطفة في الغزل والهجاء والرثاء، إن لكل نفس وصمة عار في حق الذات لا تنساها أبدا إذا تجردت من العاطفة وبدونها يظل الإنسان كمطرقة قاض يبحث عن ميزان عدل بين الحق والباطل.