أكد رئيس هيئة المساحة الجيولوجية الدكتور زهير بن عبدالحفيظ نواب، أن معايير البناء المقاوم للزلازل ليست خياراً يمكن الأخذ به أو تركه، بل يجب أن يكون أمراً ملزماً خصوصاً في المناطق المعرضة للمخاطر الطبيعية، مؤكداً في الوقت نفسه أن الزلازل في منطقتنا هي في الغالب من النوع الخفيف، وفي النادر من النوع المتوسط، وفي جميع الأحوال يجب رفع درجة الوعي بين المواطنين وإرشادهم لطرق الأمن والسلامة. وذكر الدكتور نواب في حوار مع «عكاظ» أن هيئة المساحة الجيولوجية السعودية قامت من خلال خطتها الخمسية بإعداد الدراسات للاستكشاف المعدني في المملكة فإلى نص الحوار: • احتضنت جدة خلال الشهر الماضي المنتدى الخليجي للزلازل، كيف تقيمون التوصيات التي خرج بها المنتدى؟ • إن ما تم التوصل إليه من توصيات تشير إلى نجاح الملتقى بشكل كبير حيث تمت مناقشة العديد من أوراق عمل بحثية متخصصة في كل ما يتعلق بمحاور الملتقى وخاصة فيما تتعرض له المنطقة العربية بشكل عام والمملكة بشكل خاص في مجال الزلازل والبراكين والسيول، كما أشارت التوصيات إلى العديد من الحلول لمعالجة هذه المشكلات ومنها: زيادة عدد محطات الرصد الزلزالي لعمل تغطية جيدة بما في ذلك إنشاء محطات رصد زلزالي في قاع البحر داخل المياه الإقليمية بالبحر الأحمر (OBS) أو بعض جزر البحر الأحمر، وذلك لعمل تغطية مناسبة من أجل الحصول على معلومات دقيقة وكافية لتحديد المناطق النشطة زلزالياً ومعرفة نوعية الصدوع الحديثة وربطها جيولوجيا، لاستخدامها كمدخلات هامة لتقييم المخاطر الزلزالية عند إقامة المنشآت الهامة والاستثمارات الكبرى، وإنشاء شبكة وطنية لرصد التشوهات الأرضية في المملكة والتركيز على منطقة ساحل البحر الأحمر والحرات البركانية وذلك لدراسة حركية وبنائية الصفيحة العربية بشكل أكثر تفصيلاً، وتحديد معدلات التشوهات الأرضية داخل الصفيحة العربية، وضرورة ربط شبكات الرصد الزلزالي بين المملكة والدول العربية المجاورة لتبادل البيانات الزلزالية آنياً من خلال اختيار عدد محدد من المحطات من كل من الشبكات العاملة بالمنطقة على أسس ومعايير فنية وعلمية من أجل الحصول على دقة عالية فيما يخص معاملات الزلازل المسجلة، وتحديد نوعية الصدوع، مما يعطي مخرجات دقيقة وصحيحة لدراسات تقييم المخاطر الزلزالية، وهو الهدف المرجو من إنشاء شبكات الرصد الزلزالي حفاظاً على الأرواح والممتلكات كما هو متبع في الدول المتقدمة، حيث يتم تبادل البيانات آنياً بين الشبكات العاملة بها من خلال عقد اتفاقيات علمية لتبادل البيانات الزلزالية الرقمية آنياً بعد أن يتم وضع ضوابط ومعايير فنية للحفاظ على حقوق كافة الدول المشتركة. المدن الساحلية • وهل نحن في مأمن من الزلازل، وخصوصا المدن الساحلية؟ • المواقع المعرضة للزلازل بالدرجة الأولى تقع في الجزء الغربي من المملكة على طول امتداد ساحل البحر الأحمر من شماله إلى جنوبه بما في ذلك سلسلة جبال السروات، وبدرجة أقل الساحل الشرقي للمملكة لتأثره بالزلازل التي تقع في إيران، ونحمد الله على أن الزلازل في منطقتنا هي في الغالب من النوع الخفيف، وفي النادر من النوع المتوسط، وفي جميع الأحوال يجب علينا رفع درجة الوعي بين المواطنين وإرشادهم لطرق الأمن السلامة. كود البناء • ما رأيكم في عدم الالتزام بكود البناء الزلزالي أثناء تصميم المباني، خاصة في المدن الواقعة على امتداد الخليج العربي؟ • كود البناء أو معايير البناء المقاوم للزلازل ليست خياراً يمكن الأخذ به أو تركه، لا بل يجب أن يكون أمراً ملزماً خصوصاً في المناطق المعرضة للمخاطر الطبيعية بكافة أنواعها لأن ذلك له علاقة بالخسائر في الأرواح قبل الممتلكات. زلازل عابرة • تشهد بعض مناطق المملكة وتحديداً المدينةالمنورة زلازل عابرة، ما تفسير ذلك؟ • المدينةالمنورة تقع في الجزء الغربي من المملكة الذي تحدثنا سابقا عن تعرضه للمخاطر الزلزالية، لذلك يجب الإسراع في تطبيق معايير البناء المقاوم للزلازل لأن المدينةالمنورة تستقبل ملايين الزوار طيلة العام. الأبحاث العلمية • هناك حلقة مفقودة بين المساحة الجيولوجية والجامعات السعودية في جانب الأبحاث العلمية، ما تعليقكم؟ • التعاون بين هيئة المساحة الجيولوجية والجامعات السعودية لا يرقى إلى المأمول وقد يكون السبب هو أن مشاريع هيئة المساحة الجيولوجية مشاريع فنية سنوية تبدأ مع بداية السنة المالية وتنتهي عند نهاية السنة المالية وكذلك الصرف المالي مرتبط بالسنة المالية ويجب إقفال الصرف قبل نهاية السنة المالية بشهر واحد على الأقل بينما الأبحاث العلمية في الغالب مع الجامعات تمتد لأكثر من سنة واحدة، ولكن اعتمد مجلس إدارة هيئة المساحة الجيولوجية السعودية في اجتماعه الأخير في شهر ربيع أول 1433ه توصيته بالتغلب على هذه المشكلة وذلك بالتنسيق بين الهيئة والجامعات السعودية. حرة الشاقة • هل هناك مؤشرات علمية تشير إلى احتمالية حدوث ثوران بركاني في حرة الشاقة «العيص»؟ • تراقب الهيئة كافة المتغيرات المصاحبة للنشاط البركاني في حرة الشاقة، وقد أنشأت الهيئة شبكة محلية لمراقبة ورصد النشاط الزلزالي وتتبع مراحله ودراسة مدلولاته، كما تراقب الهيئة التغيير في درجات الحرارة وتفسيرها وربطها بمعدل النشاط الزلزالي، وتم إنشاء محطات لمراقبة ورصد وحساب عجلة التسارع الأرضية، وقياس الغازات في التربة، وجار إنشاء محطات لقياس تشوهات القشرة الأرضية، ويتم ربط كل هذه المتغيرات سوياً لمعرفة مدى إمكانية حدوث نشاط بركاني من عدمه، وإن كانت كل المؤشرات تشير في الوقت الراهن إلى استقرار المنطقة حيث تشير كافة المتغيرات أنها في معدلاتها الطبيعية ولله الحمد. خطر السيول • من وجهة نظر جيولوجية، هل الحلول التي اتخذت لدرء خطر السيول في جدة كافية؟ • إن شاء الله تكون كافية إذا التزم عند التنفيذ بالمواصفات التي وضعتها الهيئة، ولعلي أتذكر ما قاله صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بعد الانتهاء من مشاريع الحلول العاجلة بالسامر وأم الخير بأن قوة الله لا غالب لها وما نقوم به ما هو إلا لدرء مخاطرها والتقليل من آثارها، أما قوة الله سبحانه وتعالى فلا راد لها. أودية جدة • هل أجرت المساحة الجيولوجية دراسات عن أودية جدة، وما هي التوصيات التي أثمرت عنها؟ • نعم درست هيئة المساحة الجيولوجية السعودية بعد كارثة جدة الأولى التي وقعت يوم الأربعاء 8/12/1430ه بالتعاون مع أمانة محافظة جدة كل من وادي قوس ووادي مثوب ووادي غليل، وشملت الدراسة كيفية درء مخاطر السيول في هذه الأودية لحماية الناس والممتلكات من الأضرار التي قد تنتج عنها، وتوصلنا بعد إجراء الدراسات الهيدرولوجية والهندسية وكذلك الدراسات الجيوفيزيائية لهذه الأودية والتي استمرت 8 أسابيع إلى الاقتراح بإنشاء خمسة سدود متفرقة بحيث تكون 3 سدود في وادي قوس وسدين بوادي مثوب، مع تحديد المواقع المناسبة لهذه السدود آخذين بالاعتبار كيفية تصريف كميات المياه المتجمعة خلف السدود بواسطة قنوات يتم ربطها بالقناة الجنوبية مع مراعاة التصاميم الهندسية والقطاعات العرضية ودرجة الميول لهذه القنوات. البراكين والكهرباء • تدرس بعض الدول بما فيها المملكة الاستفادة من البراكين في إنتاج الكهرباء، ما هي جهود المساحة الجيولوجية في هذا الجانب؟ • الطاقة وإنتاجها ليسا من ضمن أعمال هيئة المساحة الجيولوجية السعودية ولكن بحكم العمل الجيولوجي تم تحديد عدد من المواقع وعلى وجه الخصوص في الجزء الغربي من المملكة كمواقع تتميز بوجود بؤر حرارية تظهر على السطح في هيئة أبخرة مرتفعة الحرارة أو في هيئة ينابيع ساخنة وهي التي عادة يستفاد منها في توليد الطاقة، والهيئة مستعدة للتعاون في مثل هذه المشاريع التي تتكون عادة من أربعة مراحل، المرحلة الأولى منها فعلا من صميم عمل هيئة المساحة الجيولوجية السعودية وهي تكلف أقل من 50 مليون ريال، أما المراحل الثانية والثالثة والربعة التي تصل إلى الإنتاج التجاري فتكاليفها جداً عالية ولكن دراسة الجدوى الاقتصادية هي الفيصل في إكمال المشروع من عدمه. مشاريع التعدين • ماذا عن مشاريع التعدين في جانب البحث عن الذهب في بعض المناطق؟ • حتى الآن ولله الحمد ومن خلال أعمال التنقيب عن المعادن الأولية والتفصيلية تم اكتشاف خامات جديدة للذهب والفضة في مناطق المملكة التالية: «منطقة عسير، منطقة مكةالمكرمة، منطقة الرياض»، ويقوم الآن فريق العمل بتكملة خطته الموضوعة لتكملة باقي المسوحات والدراسات الأولية والتفصيلية في كل من منطقة تبوك ومنطقة الرياض. جديد المساحة • وأخيرا، ما الجديد في المساحة الجيولوجية؟ • قامت هيئة المساحة الجيولوجية السعودية من خلال خطتها الخمسية بإعداد الدراسات للاستكشاف المعدني بالمملكة التي قام بها فريق عمل التنقيب عن المعادن لبحث عن جميع الخامات بشقيها الفلزي واللافلزي، وذلك من خلال إجراء مسوحات ودراسات حقلية تم من خلالها اكتشاف رواسب جديدة ولله الحمد في مناطق مختلفة من المملكة. ومن هذه الاكتشافات، اكتشاف رواسب جديدة للمعادن والصخور الصناعية مثل (الجبس، الرمل الأبيض الحجر الرملي، الجرافيت، الحجر الجيري، فلدسبار، البازلت) إضافة إلى أحجار الزينة (جرانيت)، وجميع الخامات التي ذكرت هي خامات هامة لصناعات قائمة بالمملكة مثل (صناعة الزجاج، السيراميك، الطوب، الخرسانة، البويات، العوازل الحرارية، ومواد البناء)، وأيضا تم اكتشاف خامات جديدة لمعادن الأساس مثل: النحاس، النيكل، الزنك ولكن تحتاج إلى دراسات اقتصادية متقدمة لتحديد احتياطيات هذه الخامات، وحاليا الهيئة تشرع في إعداد دراسات بحثية في مجال المعادن تفيد المجتمع بالإضافة إلى العاملين بمجال التعدين، حيث قامت الهيئة بإعداد دراسة عن إمكانية الاستفادة من مخلفات التعدين للحفاظ على البيئة، ومثال على ذلك قامت الهيئة بإعداد دراسة عن الاستفادة من مخلفات محاجر الجرانيت والرخام لإيجاد صناعة جديدة. كما ستشارك الهيئة إن شاء الله في عدد من المنتديات واللقاءات داخل المملكة لإلقاء الضوء على الثروات المعدنية في المملكة ودورها كرافد اقتصادي لدخل المملكة.