لن نختلف على أن المشهد العام لمعرض الرياض الدولي للكتاب حضاري ومحفز للأفراد على اقتناء الكتب وبكميات كبيره قياسا على صعوبة الحصول على بعض العناوين في المكتبات ودور النشر المحلية في أغلب فترات العام لذا يعد المعرض فرصة ذهبية للقراء ولدور النشر في الداخل والخارج وتظاهرة ثقافية كبيرة جدا. وإذا كان المشهد العام بذلك الرونق والجمال إلا أن المشاهد التفصيلية داخل المعرض تجبرك على الوقوف متأملا بعضها خاصة ذلك الدوي والتزاحم الشديد لأعداد الزائرين المتدافعين بهمة ونهم على المعروض من الكتب وكأنهم في سباق مع الزمن وخشية أن يحاصرهم الوقت ولم يُشبعوا هوسهم في الاقتناء بعد! وهنا تتحول الصور في ذهنك إلى علامة استفهام حول جديتنا في الحصول على تلك الكميات من الكتب وهل الدافع حب القراءة وارتفاع نسبة ثقافة الفرد أم أن العملية هي هوس شراء واقتناء دون محاسبة أو وعي لما نشتريه خصوصا وهذه الصفة ملازمة لنا كسعوديين وتزداد وتيرتها في المواسم والمناسبات الدينية والاجتماعية وبعد أن نكدس الأشياء تمر الأيام والشهور دون أن نستهلكها. والخوف أن ما نمارسه في معارض الكتاب وتلك الكميات المشتراة من الكتب لا تخرج عن كونها عادة وبالتالي لا نفرق بين ما نشتريه إن كان كتبا أو مواد غذائية أو حتى ملابس وكماليات. البعض قد يقول إن الكتب حتى وإن كدست لدى الشخص فهي لا تعد خسارة بل هي أوعية للمعرفة وصالحة للاستهلاك في كل زمان ومكان، وهذه وجهة نظر سليمة ولكن ذلك الأمر قد يعطيك قياسا تضليليا عن مدى ثقافة المجتمع إذا قيست بكمية ما لدى الأفراد من كتب كذلك يسهم بطريقة أو بأخرى في زيادة الأعباء الاقتصادية على الأسرة بسبب هدر المال في ما لا يستفاد منه حتى وإن كان ما يصرف ثمنا لأمهات الكتب والمراجع. هوس الشراء هذا يقابله هوس البحث عن عناوين معينة لمؤلفات يقال إنها كسرت التابو وفصلت بإسهاب عن بعض القضايا الاجتماعية التي ظلت لفترات طويلة مطمورة بل ويحضر تناولها في الأعمال الأدبية، الغريب في المشهد أن من يبحث بكثرة وحرص عن تلك المؤلفات هم المراهقون من الجنسين وهنا لا نعلم ما الذي استهوى تلك الفئة في مثل هذا النوع من الأدب هل هي الضجة الإعلامية حول بعضها أم الرغبة في اكتشاف المجهول فقط أم أنه لم يعد هناك صغار في ظل ثورة الإعلام الجديد والإنترنت والذي لا يفرق بين صغير أو كبير عند تقديمه للمعلومة؟!