ينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أن «لكل فرد يقوم بعمل الحق في أجر عادل يكفل له ولأسرته عيشة لائقة بكرامة». ولأن أصحاب الأعمال بشر من فطرتهم حب تنمية الثروة، فإنهم لايتوقع منهم جميعا الالتزام بما ورد في نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فيظلون يبحثون عمن يقوم بالعمل بأدنى أجر بصرف النظر عن كفاية الأجر وتوفيره للعامل عيشة لائقة بالكرامة الإنسانية، كما أن العامل من جانبه مضطر إلى القبول بأجر متدن لأنه لا يريد أن يموت جوعا، لذلك كان لابد من تدخل الجهات المنظمة للحياة في المجتمعات بفرض حد أدنى للأجر يكفل للعامل أن يجد فيه ما يسد حاجته للعيش بكرامة، وسعت كثير من دول العالم إلى وضع حد أدنى للأجور خاص بها يعلو على خط الفقر في مجتمعها، وهو حد ليس ثابتا وإنما يعاد النظر فيه بصورة دورية كل بضع سنوات لتكييفه حسب التغير المعيشي في المجتمع. وزارة العمل يجب أن تحمي العمال وتتكلم باسمهم وتطالب بحقوقهم، وترعى حقوق العاملين وتحميهم من أن تبخس أجورهم استغلالا لفقرهم وحاجتهم. ومن هنا كان إعلان وزارة العمل عن فرضها حدا أدنى للأجور يتوقع تطبيقه خلال الستة أشهر القادمة أمرا منتظرا منها منذ زمن بعيد، فالأجور المتدنية التي تعطى للعاملين في القطاع الخاص تجعلهم يعيشون تحت خط الفقر ولا تكفل لهم أي نوع من المعيشة الطيبة، خاصة أنه لا توجد أنظمة اجتماعية أخرى تسد حاجة الفقراء كتوفير مساكن مجانية أو كوبونات غذائية بأسعار مخفضة أو تأمين صحي أوغير ذلك من وسائل معينة على تكلفة المعيشة. إلا أن وزارة العمل قصرت تطبيق تقييد الحد الأدنى للأجور على فئة محددة من العاملين هي فئة العاملين لدى المنشآت التي تتلقى دعما من صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف)، في حين إن تقييد الحد الأدنى للأجر ليس ترفا وليس أمرا اختياريا، هو واجب إنساني تفرضه العدالة الاجتماعية والمتوقع أن يطبق ذلك النظام على جميع فئات العاملين من المواطنين ومن غيرهم أيضا، فعدم المساواة في الحد الأدنى من الأجر يبدو فيها تفرقة وتمييز عنصري بعيد عن العدالة. ولا أظن أنه يسرنا أن نظهر أمام العالم نفرق في الأجر بين عامل مواطن وآخر مستقدم. ليس هذا فحسب، وإنما أيضا بقاء العمالة الأجنبية بأجر منخفض يجعل أصحاب الأعمال يشعرون بثقل ما فرض عليهم من رفع لأجر العامل السعودي، فيظلون يقاومون تشغيل المواطن تحت غطاء ادعاء عدم الكفاءة، فالمساواة في الحد الأدنى للأجر بين المواطن والوافد هي في صالح المواطن حيث يختفي الجانب المغري في العامل الوافد وهو رخص الأجر. ولا يغيب عن الذهن أن هناك بعض المحاذير التي يخشى من ظهورها عند فرض حد أدنى للأجور، فمن اعتاد الربح الكبير لا يقنعه ربح أقل ومن المتوقع أن يسعى إلى رفع الأسعار بحجة زيادة التكلفة، وقد تكون هذه لغة أصحاب الأعمال التي يهددون بها كلما لمسوا بادرة نحو وضع حد أدنى للأجور. لكن الاستمرار في الاستسلام لمثل هذا التهديد لن يغير شيئا في واقع حياة العاملين المتضررين من انخفاض الأجر.. فمن المتوقع أيضا أن الرفع للأسعار من أجل الحفاظ على نسبة الربح المعتادة، سيؤدي إلى انخفاض القدرة الشرائية لدى كثير من المستهلكين وهو ما سيضطر أصحاب الأعمال إلى التراجع والعدول عن الشطط في السعر كما حدث سابقا مع شركة الحليب التي رفعت أسعارها ثم لما رأت الكساد تراجعت. فاكس 4555382 1 للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة