يبدو أن المهندس عادل فقيه موعود بالمهمات الصعبة، فمن أمانة جدة التي يئن الصخر من عظم وطأة أثقالها وضخامة أعبائها إلى وزارة العمل ذات الأدواء المستفحلة والأمراض العضال. يأتي الوزير الجديد إلى وزارة مثقلة بالأعباء، تنتشر في كل جزء من جسدها أدواء مزمنة، وعليه أن يبحث عن الحلول وأن يجد الدواء. في هذه الأيام كل العيون مصوبة نحو وزارة العمل، تحدق بلهفة وترقب بأمل، عسى أن يكون لدى الوزير الجديد ما يأذن بانفراج قريب لأكبر ضائقة يعاني منها المجتمع هذه الأيام وهي ضائقة البطالة. لكن البطالة قد تكون عرضا لمرض أو أمراض وليست هي الداء في حد ذاتها، فهناك قضايا أخرى معلقة تحتاج إلى البت فيها بحزم، وقد تكون هي منبع البطالة ومولدتها، مثل النقص في مهارات التدريب، وتدني الأجور، وسوء ظروف بعض أنواع العمل وحصر مجالاته أو التعنت في بعض الاشتراطات حوله خاصة في حالة عمل النساء. إضافة إلى هذا التدفق غير المقيد من العمالة الوافدة التي تكتسح سوق العمل تحت ظروف عملية قاسية مثل تدني المرتب وطول ساعات العمل وزيادة الأعباء، فتشكل بذلك منافسا عسيرا للمواطن الباحث عن عمل بمرتب مجز وساعات عمل محددة وعبء محتمل. وقد يمكن القول إن وزارة العمل على مدى السنوات الماضية قدمت شيئا من الحلول التنظيمية والتخطيطية التي يرجى منها أن تسهم في حل مشكلة البطالة، إلا أنها على مستوى التطبيق الفعلي لما خططته لم تحقق القدر الكافي، فظلت المشكلة تتصاعد مع التصاعد في أعداد الشباب الباحثين عن العمل من الجنسين. خاصة أن الوزارة لم تستطع إلى الآن أن تتخذ إجراء حاسما في قضيتين ترتبطان جذريا بمسألة البطالة؛ إحداهما وضع حد أدنى للأجور، والأخرى الحد من اليد العاملة الوافدة. وهما قضيتان مرتبطتان ببعضهما، فعدم وضع حد أدنى للأجور يدفع بأصحاب العمل إلى البحث عن عمالة تقبل بأدنى أجر (بصرف النظر عن المهارة)، وهو في الغالب أجر لا يفي بحاجة المواطن ولا يحقق له حتى عيش الكفاف، لكن الوافدين -لظروفهم المختلفة- يقبلون به، فيتوافدون متكاثرين، وأغلبهم غير مهرة وغير مدربين، لكنهم مع ذلك يشبعون حاجة سوق العمل لرخصهم فيزيحون المواطن بعيدا عنها. فالوزارة لم تلتزم فعليا بما يعالج قضية المنافسة غير العادلة بين المواطن والوافد رخيص الأجر. وكنت وما زلت أرى أن وضع حد أدنى للأجور يشمل الوافد والمواطن بلا تفريق، هو إحدى صور الحد من الاستقدام والالتفاف إلى تشغيل المواطنين. ومن المتوقع أن فرض حد أدنى للأجور سيؤدي إلى رفع التكلفة على أصحاب رؤوس الأموال ومن ثم رفع الأسعار لتفادي انخفاض الربح، لكنه -من جهة أخرى- ستكون له مزية تشغيل الأيدي الكثير العاطلة وتدفق المال في أيدي كثير من المفلسين الآن ومن ثم تزايد القوة الشرائية وإعادة ضخ المال من الداخل، بدلا مما يحدث الآن حيث تقوم العمالة الوافدة بإنفاق أموالها المكتسبة خارج البلاد وليس داخلها. فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة