كذب المنجمون ولو صدقوا، عبارة تجسدت واقعا في التنبؤات التي أطلقها الغرب بنهاية العالم عند حلول 2012، فأنتجوا فيلما عالي الدقة، يؤكد هذه النظرية الحتمية، محاولين كما صرح شرعيون التقليل من اعتماد المسلمين على علم الغيب، وما جاء في النصوص القرآنية الصريحة في ذلك كقوله تعالى: (يسألك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند الله)، علاوة على حرصهم على صرف النظر عن بذل الجهود، إلى الاعتماد على الأساطير والخرافات والتخاذل عن العمل، بإيهام المرء أن نهاية العالم على وشك المثول. وأبان مختصون بأنه لو صح زعم المروجين، لكانوا أول من امتنع عن البناء والتطوير والتشييد، بحجة النهاية المنتظرة في هذا العام، قائلين: سبقت هذه الدعاية مزاعم عدة كلها تشير إلى نهاية العالم، لكنها كانت زائفة، حتى أن أحد علماء المسلمين، حدد وقتا لنهاية العالم، ولم تفلح تحليلاته. عكاظ تقصت الموضوع فإلى السطور: في البداية لم يخف ناصر عبدالرحمن حقيقة اهتمامه ب 2012، لانتظاره أمرا طارئا أو خارجا عن المألوف، مبينا أن نهاية العالم المنتظر عبر الفيلم الذي انتشر، كون له رصيدا من الاعتقادات المتنوعة. متسائلا: لم الغرب الذي لا يؤمن بالخرافات ينتجون هذا الفيلم إن كان كذبا، مفسرا الحقيقة بحسب اعتقاده بوجود إشارة إلى أن العالم لن ينته، كما يشير الفيلم إليه، بل لوجود عوامل طارئة، يحس الغرب بها، لكنهم لا يستطيعون تحديد نوع الخطر المحدق، لافتا إلى أنه قابل عددا من زملائه يشعرون بوجود شيء خلف هذا الفيلم، ولا يتمكنون من تحديده. إلى ذلك، نفى مفتي عام المملكة، ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارات البحوث العلمية والإفتاء، الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ كل مايتناقل عن أن نهاية العالم ستكون في نهاية عام 2012 وقال ل«عكاظ» : علم الساعة عند الله، ولا يصح تحديد وقتها أو زمانها، كما تفشى في الفيلم الذي أنتجه الغرب، المتحدث عن نهاية العالم. واستشهد مفتي عام المملكة على ذلك بقوله تعالى: (يسألك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند الله وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا) وقوله تعالى: (يسألونك عن الساعة أيان مرساها فيم أنت من ذكراها إلى ربك منتهاها). ووافقه الداعية الإسلامي الدكتور عوض القرني، مبينا أن هذه مزاعم باطلة، لا غرض منها سوى التسلية، أو لإخماد روح العمل في الأمم النامية. وقال الداعية الإسلامي: لو صح ما يزعمونه، فلماذا يبني الغرب ويطورون من أنفسهم، إلا لإيمانهم بأسطورتها. مشيرا إلى أن ميل الغرب إلى الإثارة، لجني مبيعات تدر دخلا هائلا عليهم، كان سبب إنتاجهم برامج دقيقة تتحدث عن أمور غيبية وغريبة. ناصحا القرني عموم المسلمين بعدم الإلتفات للأساطير، بل إلى النافع، واكتساب المفيد، والعمل الحثيث. لا يتصل بالواقع من جانبه، أبان الداعية الإسلامي الدكتور سلمان العودة، أن نهاية العالم في 2012 وهم، وأن الفيلم المتحدث عن ذلك لا يتصل بالواقع، قائلا: ما جاء أيضا عن وكالة ناسا، بهبوب عاصفة تعيد العالم إلى القرون الوسطى غير صحيح، بل نفت الوكالة في وقت سابق ما نسب إليها، لافتا إلى أن هذه الأمور من علم الغيب الخاصة بالله، مشيرا العودة إلى أن البعض يتأثر بهذه المواضيع عند قراءته للتحليلات، فإن انتهى العام دون حدوث المنتظر، دخل في وهم آخر، لافتا إلى أن البعض اعتقد في وقت سابق أن العالم سينتهي بحلول عام 2000، كما أشارت إلى نهايته في العام 1000، لكن الأوهام جميعها تبددت وطالب الداعية الإسلامي عموم المسلمين الإيمان بقوله تعالى: (يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون)، مختتما يستشهد البعض بأرقام على نهاية إسرائيل، ولا دليل لذلك. لم نر شيئا ووافقه الأستاذ المشارك في جامعة أم القرى الدكتور إحسان المعتاز قائلا سمعنا عن نهاية العالم في عام 1999م وظهور أمور تتعلق بعيسى عليه السلام عند حلول 2000م ولم نر شيئا. ولفت الأستاذ المشارك في جامعة أم القرى إلى تبدد كل تلك الدعايات لتظهر أنها من علم الغيب مناديا المسلمين إلى عدم الالتفات لهذه الأمور بل إلى المفيد النافع. مشيرا إلى عدم وجود مانع من مشاهدة الفيلم للتسلية دون تصديقه مطالبا عموم الناس عدم إرجاع الأمور إلى المؤامرات كما أشارت الأقوال إلى أن الفيلم لعبة سياسية، ناصحا بالانشغال والعمل على أنفسنا. ونوه المعتاز أن الإيمان بالغيب حل للتصدي للخرافات، مطالبا بضرورة الوعي وعدم تصديق كل ما يسمع أو يشاهد، مضيفا تعلق البعض بذلك دلالة على وجود فجوة في إيمانهم وإشارة إلى نقص علمهم وهذا يحتم على الناس ضرورة تقوى الله والوعي بدينهم مثلما عليه أمور دنياهم. مجرد دعايات ورفض عضو هيئة التدريس في الجامعة الإسلامية الدكتور هاني فقيه إحالة الأمر لعوامل مدروسة، مشيرا إلى أنه ومن خلال الملاحظة، تبين أن هذه الدعايات تخرج بطريقة أو بأخرى في كل فترة. وأبان أن الأمور واضحة في الإسلام، فلا إشارة على نهاية العالم في وقت معين، مستشهدا على ذلك ببطلان قول أحد علماء المسلمين وهو السيوطي، الذي أشار عبر رسالته التي عنوانها: الكشف عن مجاوزة هذه الأمة للألف، إلى أحاديث تبين عدم تجاوز الحياة للعام 1200ه، لكن الحقائق أثبتت بطلان قوله، ونوه فقيه بالدعاية التي حدثت في العام 1999م، والتي تبددت وتبين زيفها. وأرجع عضو هيئة التدريس في الجامعة الإسلامية الهدف من الفيلم إلى الحرص على الإثارة والظنيات، أو لأمور دينية لدى اليهود، لا إلى لعبة سياسية مثلما تتقاذفه المزاعم. فيلم منظور من جهته أفاد الكاتب والباحث في علم الاجتماع السياسي الدكتور خالد الدخيل، أن تنبؤات تغيير المستقبل، ينبغي وضعها في صيغة الاحتمالات، وذلك بحسب المؤشرات الموجودة، فماذا سيكون الشرق الأوسط عليه بعد خمس سنوات، يدخل في إطار التنبؤ. وأبان الدخيل أن نهاية كل عام، أو عقد، أو قرن، تظهر تنجيمات وتوقعات، كالفيلم الذي يتحدث عن نهاية العالم في 2012، قائلا: لم أطلع على الفيلم، لكن بعض هذه الأمور تدخل في سياق الأفكار التنجيمية أحيانا. ودعا الكاتب والباحث في علم الاجتماع السياسي إلى أهمية تحديد نوعية الفيلم، فهل يعود لعلماء مثلا، أم هو وثائقي، أم فيلم تنجيمي، عندها يعرف حقيقة مادته. لافتا إلى أن الفضاء خاضع لمراقبة عالمية دقيقة، دون الحاجة للاستشهاد بسقوط أجرام في هذا العام، بلا وجود استنادات موثقة، وتحليلات وبراهين من قبل العلماء، فليس كل ما نشاهده أو نسمعه يصدق. خرافة وأساطير إلى ذلك، أكد عضو مجلس الشورى سابقا الدكتور محمد آل زلفة، أن إنتاج هذا الفيلم لا يخرج عن نطاق الخرافة والتنجيم، أو ربما لحرص رجال الكنيسة والدين في الغرب على تربية النفوس بفناء الدنيا، وبالتالي ضرورة العمل للآخرة، فيتخذون من الأفلام سبيلا لنشر الموعظة. مستغربا نشوء هذا الأمر مع تواكب تطور العلم، إضافة أننا نحن المسلمين نؤمن أن الأمر بيده سبحانه، وأن الساعة علمها عنده سبحانه. واعتبر عضو مجلس الشورى سابقا، هذه الأفلام خرافية، مستهجنا المروجين لها، برغم فقدها للمصداقية، مدللا على خرافتها، بالمزاعم التي سبقتها، والتي أولها كبار المتنبئين، لكنها لم تكن واقعية. ورأى آل زلفة أن السعي خلف المال روج ووسع انتشار هذه الخرافات، ليحقق البسطاء لأهل الأهواء الهدف والمغزى، حتى جنى المروجون والمنتجون دخلا وافرا من الأفلام الدجالة.