في هذا الكتاب الذي جاء تحت مسمى «قراءات في جوانب الراحل الدكتور غازي القصيبي الإنسانية»، يقدم مؤلفه حمد القاضي صورا من شخصية القصيبي المتعددة والواسعة والعميقة، الرجل الذي كان واسع الثقافة قوي الموهبة يملك حضورا مؤثرا وقويا من شاعر إلى روائي إلى أستاذ الجامعة إلى الوزير والسفير. يقول حمد القاضي في إضاءة: «ما كنت أنوي طبع هذا الكتاب، أو بالأحرى هذا الكتيب الذي هو بالأصل محاضرة ألقيتها في نادي المدينةالمنورة الأدبي في الخامس من شهر رمضان 1431ه أي في الشهر الثاني لرحيل غازي القصيبي إلى رحاب ربه، وقد نشرت مقاطع ومختصرات منها في الصحف، لكن ما حضرني إلى الرجوع إليها والإضافة عليها وطبعها في كتاب مقروء له ثلاثة أسباب. السبب الأول رغبة عدد من محبي الفقيد في توثيق المحاضرة في كتاب يطرح لمحبيه وأيضا للجيل المقبل ليدرك الجميع أن غازي القصيبي رغم كل مشاغله وارتباطاته لم تصرفه مسؤولياته عن روابط إنسانيته رحمه الله، والسبب الثاني، أن الناس عرفوا الدكتور غازي القصيبي وزيرا وسفيرا وأديبا واقتصاديا وسياسيا على آخر صفاته ومسؤولياته، إلا أن قليلا منهم عرفوه إنسانا تفيض دمعته وتسهر مقلته ويسخر الكثير من جاهه ووقته لمؤازرة محتاج وإغاثة ملهوف ومسح عبرة يتيم، والثالث أن غازي القصيبي أفضى إلى خالقه وبقدر ما سيبقى ذكرا عاطرا بمنجزاته الإدارية والأدبية، فهو أحوج ما يكون الآن إلى دعوة صادقة في جنح ليل وهذه أكثر ما يحفز إليها تذكر أعماله الإنسانية والخيرية. الكتاب الجديد يحتوي إضافة إلى الإهداء، الجانب الإنساني في حياة الدكتور غازي والعمل الإداري والمؤطر بإنسانيته، مبادرة الزيارات المفاجئة والقرارات الفورية، الملمح الإنساني في عمله الإداري والجانب الثقافي وخطابه التسامحي، الهاجس الإنساني عندما تقلد وزارة الصحة، إنسانيته وتأسيس جمعية الأطفال المعاقين، شمولية غيمته الإنسانية وقصة ترك مكتبه لهدف إنساني، وغيرها من الأبواب التي كتبها القاضي ليرصد من خلالها مواقف القصيبي الإنسانية ومتابعة دقيقة لجوانب أخرى غائبة تماما عن أعين الناس ومتابعة القراء الذين لا يرون القصيبي إلا بوصفه شاعرا ومثقفا وأديبا وسياسيا ودبلوماسيا. هنا شخصية أخرى للقصيبي: في هذا الكتاب نقرأ ونرصد شيئا آخر ووجها لغازي القصيبي، فيما يقدم حمد القاضي نماذج من شعره الإنساني منها في ذكرى رحيل شقيقه عادل وقصيدة من أجل يارا: أبي لا تصحبنا؟ إنني أود أن تصحبنا.. يا أبي وانطلقت من فمها آهة حطت على الجرح.. ولم تذهب وأومضت في عينها دمعة مالت على الجدار ولم تسكب وعاتبتني كبرت دميتي وهي التي من قبل لم تعقب وهكذا تهجرنا يا أبي لزحمة الشغل وللمكتب *** وقصيدته خمسون التي منها: خمسون تدفعك الرؤيا فتندفع رفقا بقلبك كاد القلب ينخلع من الفيافي التي آبارها عطش إلى البحار التي شطآنها وجع وأنت في أذرع الإعصار متكئ على الرياح فما ترسو ولا تقع ثم يصل القاضي إلى رصد القصائد الإنسانية للقصيبي إلى قصيدته الشهيرة واحة الغروب وغيرها من القصائد التي تنضج حزنا وألما.. ووجعا على الذين افتقدهم من أقربائه وأصدقائه والتي تعبر عن حزن وألم ووجع جميع الناس به.