بالرغم من بلوغ عامه السبعين إلا قليلا، لا زال محبوب متمسكا بمهنته التي أحبها وأحبته ولا يرضى بغيرها مهما بلغت المغريات، إنها مهنة إصلاح أجهزة التسجيل التي يزاولها منذ 30 عاما من دكانه المعروف لسكان جنوبجدة، وبعد مرور ثلاثة عقود تقريبا على المهنة لا زال محبوب يتقن وبكل براعة تصليح كافة أنواع المسجلات القديمة بحرفية يحسده عليه الشباب، فهو يستقبل زبائنه بابتسامته المعهودة التي عهدها زبائنه الذين يأتون إلى محله منذ سنوات لإصلاح ما لديهم من أجهزة، ويدرك بغريزته مقدار المحبة التي يكنونها له سكان الحي العتيق، بعد أن جعل الله له من اسمه نصيبا. ومحبوب الهندي ابن السبعة والستين عاما لا زال يعمل بنشاط في مهنته التي يرفض التخلي عنها أو استبدالها بمهنة أخرى أو حتى الركون للراحة والعودة للديار، وهنا يقول بابتسامته المعهودة «30 عاما قضيتها في هذه المهنة الرائعة التي قدمت لي كل شيء.. أحببتها وعشقتها كأبنائي، واعتبرتها جزءا لا يتجزأ من واقعي اليومي الذي ظل معلقا بين غرفتين النوم والعمل». ويعشق محبوب اللعب في الأماكن الضيقة بين مسامير المسجلات القديمة التي لا يصعب التعامل معها بسهولة، وتحتاج لوقت من الزمن حتى تجيد التقاطها ووضعها في مكانها المناسب، إلا أنه يلعب بملقاط المسامير بين يديه كلاعب تنس ماهر يتلاعب بخصومه، علما كل حركة يخطوها بجسده المنهك تؤكد مدى علاقته بالمهنة التي قضى فيها نصف عمره في رحلة ركض مستمرة في مكان ضيق وسط حارة شعبية تشهد ببراعته في هذا المجال. محبوب الذي يعاني من ثقل في السمع، يبدوا أكثر براعة في التعامل مع أعطال المسجلات التي يشرع في تنفيذها أول بأول، ويرى نفسه أنه يحب العمل في جو يسوده الهدوء والمصابرة للخروج بعمل أكثر إتقانا.