تتداعى في ذاكرة أسر عرائس الموت في مدينة الحليفة حكايات بعضها مضيئة والأخرى ترتدي ثوب الحداد، وبعد الفاجعة بدت هذه القصص تطفو على السطح مليئة بالشجن، والخوف من المجهول ولكأنما القدر يريد أن تسطع تلك السيناريوهات بعد رحيلهن إلى الضفة الأخرى. وخلف جدران البيوت في تلك المدينة الهادئة، أصبح الخوف من السيارات يشكل فوبيا يومية في أحاديث الطالبات، ما دفع الكثير منهن إلى مقاطعة الدراسة، فيما استعادت ذاكرة بعض صديقات الطالبات الراحلات قصصا بريئة، وفي نفس الوقت فإن الحادث فتح جراحات لأسرة سبق أن منيت بوفاة أعزاء لهم. وفي مجالس المدينة الصغيرة لا شيء يطغى على الفاجعة، ومن الحكايات المؤلمة أن الطالبة دلال عبدالله الرشيدي وشقيقاتها ال11 رفضن الذهاب إلى مدارسهن بعد الحادث الفاجع، فضلا عن إصابتهن بحالة هستريا عارمة واكتئاب أثر على صحتهن. وقال والدهن «جميع بناتي رفضن الذهاب إلى المدارس بعد تلك الحادثة الفاجعة وحاولت إبلاغهن أن الحادث مصاب جلل وأنه قضاء وقدر ولكن رغم ذلك ما زال الحزن يسيطر عليهن وما لنا إلا الدعاء أن يرحم الله الراحلات». وفي سياق متصل بالفاجعة يتذكر مهنا الرشيدي فجيعته بوفاة ابنته حنان إحدى الطالبات اللاتي قتلن في حادث كارثة حائل، ويبدو أن الرشيدي موعود مع فواجع الحوادث المرورية، وكان الرشيدي سبق أن فجع أيضا قبل نحو ستة أشهر بوفاة طفلته أربع سنوات في حادث دهس، وأعقبها وفاة ابنه 18 عاما قبل نحو ثلاثة أشهر في حادث مروري آخر، ورغم الأحزان العابرة في تضاريس حياته إلا أن الرشيدي ظل صابرا ومحتسبا لقضاء الله وقدره. وفي سياق متصل بالحادثة وتداعياتها، يضع مواطنو حائل أياديهم على صدورهم مع كل صباح جديد حينما تنطلق أرتال من السيارات تحمل على متنها عشرة آلاف طالبة جامعية في رحلات الذهاب والعودة إلى دور العلم، ما يفاقم من ازدحام الطرق في مدن وقرى المنطقة ويزيد من احتمالات وقع حوادث فاجعة شبيهة بسيناريو طالبات جامعة حائل. ووفقا لأهالي الضحايا، فإن محافظة الغزالة والمدن التابعة لها تخرج منها يوميا نحو 40 حافلة خاصة لنقل الطالبات الجامعيات متجهة إلى مدينة حائل يقطعن قرابة 600 كيلومتر ذهابا وإيابا، ومن محافظة بقعاء نحو 20 حافلة نقل لطالبات يقطعن 200 كيلومتر يوميا، ومن الشنان يتجاوز العدد 14 حافلة نقل خاص تقطع 240 كيلومترا يوميا. ولا يزال أهالي المحافظات يترقبون نتائج الدراسة المتمثلة في إطلاق أقسام كليات جامعة حائل في المحافظات وفقا لأعداد الطالبات والتي مضى على دراستها نحو عامين. وقال أحمد الرشيدي من ذوي أسر ضحايا الحادث من القرى والمدن الجنوبية، «يبلغ عدد الطالبات 500 طالبة فقط من مدينة الحليفة من إجمالي 1400 طالبة، وسبق أن رفع الأهالي طلبات متكررة كانت البداية من مدير جامعة حائل السابق ونائب الوزير الحالي الذي كان متحمسا لافتتاح أقسام للكليات، ولكن يبدو أن الرياح جرت بما لا يشتهي أهالي حائل». وأضاف أحمد، الراحلات شهيدات بإذن الله والحادث قضاء وقدر ولكن مدينة الحليفة يخرج منها 500 طالبة، ومن الحائط 300 طالبة، ومن القرى والمدن والهجر 500 طالبة، فهل منطقيا يتجاهل فتح كلية وأقسام لها بدلا من المعاناة. وأشار سعد الرشيدي إلى أن المتسبب فيما يحدث جامعة حائل بطاقمها الإداري والتعليمي من خلال رفضها المتكرر لتوزيع أقسامها حسب الطالبات من المحافظات والقرى بدلا من إغلاق أذانها حتى تحدث الكوارث.