الحب أجمل عاطفة وهبها الله للإنسان، ويزيد جماله كلما تألق فيه الصدق، لكن الصدق في الحب قد يكون مرادفا للعنقاء، تسمع به ولا تراه، قد تلتقي به على سطوح الشاشات البيضاء، أو بين طيات الروايات المسطورة، أو على أوتار أبيات شجية، لكن من المستبعد أن تلتقي به دائما في قبضة كفك، أو واقفا منتصبا أمامك على التراب الذي تطأه رجلك. ومع ذلك، فإن الصور المزيفة للحب، تظل تستبينا بجمالها تأسرنا وتترك تأثيرها علينا حتى وإن أدركنا مدى كذبها وعظم الزيف فيها. من الصور البديعة التي تعكس صدق أبيات العباس بن الأحنف، التي يصف فيها ردة فعله بعد أن حدثت القطيعة بينه وبين حبيبته، إثر خلاف نشب بينهما وتسبب في غضبها منه وهجرها له، لكنه لما أراد أن يقابل الهجر بالهجر، ويرد على انصرافها عنه بانصراف مثله، لم يطق ذلك، وفشل في تجربته بجدارة بالغة. كان طيف الحبيبة يلاحقه في كل مكان، مالكا عليه أطراف حسه وتفكيره وروحه، أينما التفت رآها أمامه، وحيثما ذهب لاح وجهها أمام ناظره، ضاقت الدنيا به في غيابها، وشحبت أيامه من غير رفقتها، دخل في صراع مع قلبه وضميره وروحه، ووجد نفسه مضطرا إلى الرجوع عن عناده، استسلم (صاغرا) لما تريد، فأعتبها مسلما لطلبها، خاضعا لإرادتها، أعطاها ما تشاء ليبرهن لها على صدق حبه وعظم تعلقه بها، يقول في بيتين يقطران حبا وعذوبة: تجنب، يرتاد السلو فلم يجد له عنك، في الأرض العريضة مذهبا فعاد، إلى أن راجع الوصل صاغرا وعاد إلى ما تشتهين وأعتبا هذه الصورة التي يجسدها الأحنف للحب الصادق وللحبيب المثال، هي ما يفسد على النساء حياتهن!!، فكل امرأة تنسج في أحلامها صورة للحب والحبيب، مستقاة من تلك الصورة الخيالية التي ظهر عليها ابن الأحنف في بيتيه السابقين، حبيب لا يمكن لخاطره أن يخلو ثانية من طيف الحبيبة، ولا يمكن لقلبه أن يكف عن النبض بحبها. حبيب متى فارقته الحبيبة عاتبة فنأت بعيدا عنه، ظل قلقا شقيا، يختنق ليله ويغيب نهاره، يتذكر أنها عاتبته فلم يعتبها، يتذكر دمعها، فتسري فيه رعدة الألم كطعنة خنجر، تخور مقاومته، يذوب عناده، يهون أمامه كل شيء، وفي لحظة هوان، لحظة حب، يركض إليها، مؤتمرا بأمر القلب ولا شيء سواه، فيركع أمامها، يعتبها، يسترضيها، يسلم لها طائعا، لا حاجة له عندها سوى أن يرى البسمة تشرق ثانية على محياها الذي أحب!!. حبيب كهذا، هو كالحلم، لا يمكن أن تجد له مطابقا على أرض الواقع، لكن النساء لا يردن أن يصدقن ذلك، فيبقين مغمضات الأعين مسترسلات في الأحلام ينتظرن، لعل وعسى أن ينبثق عليهن يوما، ذلك الحبيب من طيات الغيب. فاكس 4555382-1 للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة