يتكرر المشهد كل صباح، وتجتر الأعين الدمع في كل حين، وعلى مدى ثلاثة عشر عاماً هي حسبتنا تتجدد المعاناة التي عاش وجعها أب «أثير» وأمها قرابة أربعة آلاف يوم بدقائقها وثوانيها، حين تنظر إليهم تطلب المساعدة للحراك من على ذلك السرير الذي ألفها وألفته، فأضحى الحضن الذي يواسيها في الليل والنهار. جاءت «أثير» إلى الحياة لا تعرف شيئا عن قدرها، ربما حلمت وهي في رحم أمها أن تصرخ وتحبو وتلاحق «رضاعتها» لتسد رمق العطش، وحين شارفت على الوصول إلى الحياة، حاولت أن تقترب من حد الشروق لترى شمس الغد، وتخيلت المشهد مرتدية «مريولها» وعلى الكتف حقيبة تركض هنا، وتمازح زميلة الصف هناك، حتى يرن جرس «الصرفة» وتعود لأمها تطلعها على «نجمة» وإلى جوارها «بارك الله فيك يا بطلة» كتبتها لها معلمتها. تلك أحلام «أثير» التي غادرت عالم أحشاء أمها المظلم، لتنطلق باحثة عن النور، لكن بصيصه ما لبث أن أفل، بعد أن تجاوزت عامها الأول، وبدأت ملامح الإعاقة ترتسم على جسدها، «أثير» التي رأت في المنام يوما أنها تسير، وتسابق أنفاسها وضربات قلبها نحو الحياة، بددت الإعاقة الحلم بعد 360 يوماً فقط، لتوأد كل الأمنيات ولتكون الأحلام إلى قفزة كما هو حال إخوتها الخمسة. من على شرفة السرير تسترق «أثير» النظر إلى «رهف» تتمنى أن تشاركها لعبة «الغميمة»، وتنتزع الحبل لتشاركها «شبرا قمرا» لكن كواكب الحراك بعيدة عن كل أحلامها. حمل والد أثير طفلته على كتفه منطلقا بها عله يجد علاجاً لها بعد أن ضعفت أوتار جسدها، وتقوست عظامها والتفت الساق بالساق، حتى أن عمودها الفقري انحرف بعيداً عن حوض جسدها الموغل في النحالة، ولا شيء يتحرك سوى عينيها فيسابق السواد البياض. لم يترك بابا إلا قرعه، لكن الأبواب أوصدت في وجه أثيره، فانطلق يبحث عن أوامر علاج ولكن لا مجيب، ظل يحلم على مدار ثلاثة عشر عاماً عمر أثير الذابلة بأن يؤمن لها كرسيا متحركا، تجهيزات لقضاء حاجتها، وسيارة تقلها، واستمر يطرق الأبواب عله يجد قطاعا صحيا ينتشلها من على ذلك الكرسي لكن المواعيد والأعذار بددت الحلم. أثير الزهرة الذبلانة، تبكي دون دموع لأن الوجع نال من دموعها فجفت، أثير لا شيء حولها يوحي بالحياة سوى صم الجدران التي ألفت استغاثة وجعها وأصبح صداها يداعب سقف غرفتها. أثير تنادي وتبكي وتحلم أن تكون طفلة..!!! [email protected]