الساعة ظهرا حسب اتجاه الشمس نحو الغروب، بينما أسابق الخطوة إلى الشرق حيث العاصمة المقدسة ف «أحمد» ينتظر هناك على أحر من الوجع الذي لا يشعر به أبدا وهذا ما زاد المعاناة وأوصلها إلى جسد ناحل وأريكة ظل حبيسها ست سنوات عجاف. نعم في عمر الزهور لكنه لا يشبهها.. نعم في ريعان الشباب إلا أنه لا يملك من مقوماته حتى الشارب. ولد أحمد ذو الأربعة وعشرين ربيعا في أطهر بقاع الأرض فجاءت مراحل العمر تسابق سنوات الطفولة لتبدأ أسنانه في الظهور قبل أن يكمل عامه الأول الأمر الذي أدهش والديه وأذى أمه حال الرضاع فأمر الأطباء بنحت أسنانه ومن هنا بدأت المعاناة بكل تفاصيلها التي لم يحمل من وجعها شيئا، لكن عيني والده تغرورقان بالدموع كلما عانقتا مشهد أحمد. كسرت يد أحمد دون أن يشعر بألم، ومرت يدا والده على تفاصيل جسد الطفل النحيل لكن ابنه فاقد لحاسة اللمس الأمر الذي اضطر الناس للهرب حتى من مصافحته إذ إن عدم الإحساس يدفعه للمصافحة بعنف لتبدأ مرحلة جديدة من الوجع الذي يبكي قلب والده. انسكب الحليب على وجه الشاب الذي تجمع الإحساس في قلبه بينما غاب عن بشرته الصلبة، وأيضا بدأت المعاناة بمراجعة المستشفيات التي ما لبثت أن ملت رعاية أحمد، ليتحدث والده عن بقايا التفاصيل وليس بعيدا عن الوجع. أحمد تكسر فخذاه دون أن يشعر بذلك، دون أن يدب إحساس الألم، بعيدا عن ردة فعل أوتار الأجهزة العصبية والحسية المتقطعة، وانكسر ظهره فأصبح أحمد مقسما إلى ثلاثة أجزاء ولا شيء يسند طوله سوى قطع حديد ما لبثت أن هتكت جلده لتخرج من ظهره والتي وصفها والده بأنها تشبه «الأريل» المنتصب في ظهر مركبة. طفل مكة تتلخص حكايته في طفل فاقد للإحساس يؤذي نفسه دون أن يذرف دمعة، دون أن يصدر صرخة استغاثة، دون أن يتلفظ ب«آآآآه» أشعر بالألم، دون أن يحاسب على عظامه التي تهشمت بعيدا عن مرسى صوت الوجع. طفل العاصمة المقدسة يبحث عن علاج، عن مركز مختص يراعي تعبه، يبحث عن من يحس به بعد أن فقد الإحساس من غير شلل، وفي صوت عينيه رسالة تحمل همه «اعلموا أني صبي ... أريد من يرعاني .. أين المستشفيات والمراكز المتخصصة، أين الصحة ووزارتها عما أشعر به... أين أنتم مني؟».. أعدت تدوير محرك السيارة باتجاه الغرب حيث جدة مسكن «أثير» هل تذكرونها ؟! التي تفضل مشكورا وزير الصحة بطلب معلومات عنها إذ هاتفني مكتبه الأسبوع بنية العلاج. [email protected]