درجة الحرارة لدينا تضرب في العالي، وتصل في أحيان كثيرة إلى النسب القصوى التي تحيل أي عمل ينفذ تحت أشعة الشمس من الأعمال المحرمة قانونيا، أي أن أنظمة العمل لا تجيزها لوقوع ضرر كبير على العامل. وهذه الرسالة التي تلقيتها من أحد موظفي شركة الكهرباء تشير إلى معاناة عظيمة يجدها البعض في أيام رمضان، ويقسم هذا الموظف أنه لم يكذب في سرد معاناته ومعاناة من هم على شاكلته يقول: أنا موظف في شركة الكهرباء في قسم الطوارئ ومع كل الظلم الذي نواجهه نحن موظفي الكهرباء فإن الشركة لم ترحمنا في هذا الشهر المبارك، حيث ألزمتنا إلزاما ومن غير أخذ موافقتنا أو الاستنارة بآرائنا بدوام ثماني ساعات منها ساعتان بدل إضافي، وهذا أمر قد يقول قائل إنه دوام رسمي واجب على الجميع لكن بسبب رداءة نوعية الكابلات المستخدمة وعدم المبالاة بالمواطنين من قبل تخطيط الشبكة فإن كمية الأعطال التي تحصل يوميا حدث ولا حرج، والموظف سيئ الحظ من تكون ورديته في الظهيرة (من الساعة الواحدة إلى التاسعة ليلا)، وأنا سيئ الحظ، حيث أعمل تحت أشعة الشمس الحارقة والكابلات المجمرة والمحطات التي تفوح الحرارة منها كما تفوح جهنم، واضطر إما أن أفطر أو أموت عطشا، لأنه لايوجد إنسان يتحمل الظمأ في هذه الظروف أو أترك الناس الصائمين في الحر ولا أتوجه لإصلاح العطل الحادث الذي تسبب في انقطاع التيار عنهم وأتوقع أن هذا الخيار صعب وسوف يترتب عليه الدعاء علي من قبل هؤلاء الصائمين هذا إن لم يفطروا وأكون المتسبب في إفطارهم، لذلك فأنا والله لم أصم ولا يوما منذ أن بدأ رمضان إلى هذا اليوم، ولأنني بين نارين فوالله إن الموت أرحم مما نحن فيه، فماذا أفعل؟). انتهت رسالة موظف الكهرباء، ولا أريد من نقل هذه الرسالة سوى إشعار الجميع أن هناك من يكابد في عمله ولا يجد أذنا صاغية من جهة عمله لبحث مشاكله وإيجاد الحلول التي تقلل من تلك المكابدة. وبالضرورة هناك حل إما بالتنسيق وتوزيع المهام على أعداد كبيرة، بحيث يتحمل الموظف ساعتين أو ثلاث في هذا الفرن أو أن يكون هناك مزايا تمنح لمن يعمل في مثل هذا الجو كاحتساب زيادة في الدخل أو أن يعمل يوما ويرتاح يوما، بمعنى آخر كان باستطاعة الشركة إيجاد حلول لهؤلاء الموظفين.. إما إفطار هذا الموظف فلا أفتي فيه وأعلم أن هناك من سيقول إن كل أمجادنا ومعاركنا حدثت في رمضان ولهؤلاء أقول لم تحدث داخل فرن من لهب، فالإنسان يستطيع التأقلم مع المناخ الطبيعي وليس داخل الفرن. كما أن الإشارة التي جاءت في رسالة الموظف عن استخدام الكابلات رديئة الصنع وكذلك تخطيط الشبكة قد يفسر لنا أسباب انقطاع التيار الكهربائي المتكرر.. والقضية مرة أخرى هي قضية كل الموظفين الذين لا تتنبه جهات عملهم إلى ما يعانوه ولا تقدر هذه المعاناة بحجة هذا عملك قم به وأنت ساكت.. أعتقد أن الإدارة (أي إدارة) معنية بتوفير الجو النفسي للموظف من أجل تقديم خدمة متقدمة، إما تكتيف الموظف ومطالبته بالإنجاز فهذا الذي هو بحاجة إلى المراجعة. [email protected]