ما زلت مؤمنا أن كثافة المعاريض التي تصل الديوان الملكي وزيادة حاجة المواطنين لمقابلة مسؤولي الديوان بقدر ما تمثل اهتماما حقيقيا بشؤون الناس فإن هذا الوضع يعكس بصورة مباشرة خللا في أداء الأجهزة التنفيذية لابد من مراجعته بشكل جذري. لا توجد أمامي الآن إحصائية بمعدل الخطابات التي تصل الديوان شهريا، ولا بعدد المراجعين له، لاسيما بعد أن خصص الديوان يوما لمقابلة المواطنين لكن العدد كبير حتما، ونستطيع استنتاجه من اللقطات التي يبثها التلفزيون أو من المشهد الذي يلاحظه أي شخص في يوم المقابلة.. هذا الموضوع سبقت الإشارة إليه أكثر من مرة، كان آخرها عندما كتبت في هذه الزاوية مقالا عنوانه: «لماذا الملك» أشرت فيه إلى أنه وضع غير طبيعي أبدا عندما توجه إلى الملك خطابات لتحقيق حاجات أساسية هي من صلب اختصاص وزارات أنشئت من أجلها، وأن الديوان يجب أن يكون مشغولا بما هو أهم لو قامت الوزارات وبقية مؤسسة الدولة بواجباتها على الوجه الصحيح.. مؤخرا احتفت المواقع الإلكترونية بخبر مفاده أن الديوان الملكي أصبح يتواصل مع المواطن فور وصول خطابه إلى الديوان بعبارة : «معاملتكم وصلت وسجلت برقم وتاريخ، مع فائق تحيات وتقدير الديوان الملكي».. وفي رأيي أن سبب هذا الاحتفاء كون الناس لم تتعود مثله من الوزارات والإدارات والمؤسسات الحكومية التي تراجعها، إذ الأصل هو ضياع المعاملة أو إهمالها أو تعطيلها ما لم يتفرغ المواطن للمراجعة الشخصية مرات عديدة، ويستخدم أكثر الواسطات تأثيرا لتحريك معاملته، وحين يتعامل الديوان الملكي بطريقة حديثة وآلية سريعة ومهذبة مع معاملات المواطنين فإنه يقلب الطاولة في وجه بقية الأجهزة الحكومية ويفضح إهمالها وعدم تقديرها للمواطنين، وهي النقطة الأساسية التي يجب بحثها وتحديد أسبابها ومعالجتها بصورة شاملة.. آلاف المسؤولين في كل وزارة وفروعها لا تدري ما هو عملهم حين تكتظ الممرات بالمواطنين الذين يتوافدون من كل المناطق والمحافظات لمتابعة معاملاتهم. وضع غير طبيعي أبدا، مع أن لدينا عددا لا يحصى من اللجان والهيئات المسؤولة عن الإصلاح الإداري، ومع أن كل وزارة تصرف مئات الملايين على ربط فروعها وأقسامها إليكترونيا، لكن لا نرى نتيجة عملية لهذا التحديث الذي يتشدق به معظم المسؤولين.. إنها خطوة جميلة حين يصل الديوان الملكي إلى هذا المستوى، لكننا سنظل في المربع الأول إذا لم يتم انتشال بقية المؤسسات الحكومية من الزمن الغابر الذي ما زالت تصر على البقاء فيه.. [email protected] للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز259مسافة ثم الرسالة