الحديث عن الانتخابات بين عامة المثقفين في المملكة لا يكاد يهدأ، فهؤلاء يرون أن الانتخابات هي الحل الأمل للوقوف في وجه الفساد، وأنها أي الانتخابات تأتي بالأفضل غالبا فإن لم يكن فإن الانتخابات القادمة سوف تطيح به وتأتي بمن هو خير منه، كما أن الانتخابات تفرض على المنتخب العمل بكل جهد وإخلاص وأمانة لكي يرضي ناخبيه من جهة ولكي ينتخبوه مرة أخرى من جهة ثانية . في بلادنا مارسنا تجربة الانتخابات البلدية، وفي هذه الأيام نمارس تجربة الانتخابات في الأندية الأدبية، وفي رأيي أن هاتين التجربتين أثبتتا أن المثقف السعودي غالبا ليس مع فكرة الانتخابات عمليا إلا إذا جاءت هذه الانتخابات بمن يحب وإلا فله فيها رأي آخر!! الانتخابات البلدية الأولى جاءت بأكثرية صنفت بأنها «إسلامية» وهذا التصنيف من الطرف الذي لم ينجح في تلك الانتخابات، ومن الطرف الذي كان يحارب التصنيف بكل الوسائل!! وقد كتب هؤلاء كثيرا عن تلك الانتخابات، وتحدثوا عما اعتبروه عيوبا فيها، وطالبوا بإعادة النظر في نتائجها. ومع أن كل الدلائل كانت تؤكد أنها عادلة إلا أن حديث أولئك المثقفين عنها لم يتسم بالرضا لأنها لم تأت كما يشتهون!! انتخابات الأندية الأدبية بدأت، والفضل فيها لمعالي وزير الثقافة والإعلام الذي أراد أن يعطي للمثقفين حقهم في انتخاب من يمثلهم في هذه الأندية. ولكن بداياتها لا تبشر بخير لأن الاختلافات بين المثقفين بدأت مع بدايات هذه الانتخابات، وأعتقد أنها ستستمر للسبب الذي أشرت إليه. غالبية المثقفين يريدون أن يفصلوا هذه الانتخابات كما يشتهون!!، وبعض منسوبي الأندية يريدونها بحسب مقاساتهم!!، ومن هنا ظهر الاختلاف حول شروط العضوية وللأسباب التي أشرت إليها. صاح البعض إنهم يريدون «أسلمة الأندية» !!. وكأن هذه الأندية كانت كافرة قبل ذلك؟!. وصاح آخرون: إن العلمانيين سيحولون هذه الأندية إلى أوكار للفساد والجريمة!!. وكأننا نعيش في بلد لا دين له!!. إن الذي أعتقده أن الأندية الأدبية إذا لم تتح لكل مثقف مهما كان تخصصه فرصة المشاركة فيها فإنها ستبقى خاوية كما هي الآن بعيدة عن مجتمعها ومحيطها، وأيضا، فإن انتخاباتها ليست شرطا أن ترضي الجميع وهذه طبيعة الانتخابات في كل أنحاء العالم. ومن المسيء أن يبدأ المثقفون بتصنيف بعضهم بعضا بسبب هذه الانتخابات، وللأسف فإن التجربة أثبتت أن مثقفينا ليسوا مع الانتخابات إلا بشروطهم ومواصفاتهم !!. * أكاديمي وكاتب.