تظل الإجازة الصيفية هاجساً مؤرقاً في الاختيار ما بين السياحة الداخلية والخارجية، في وقت بدأت فيه تنتعش فرص الداخلية في ظل الاهتمام المتعاظم من الجهات ذات العلاقة، إلا أن الثقافة المجتمعية السائدة في أوساط شرائح مختلفة تترك بوصلة الاتجاه تحت باب التكاليف الكلية والمقارنة في هذا الجانب ما بين الداخلية والخارجية قبل التفضيل النهائي لحسم الاتجاه. والمختصون من الاقتصاديين ورجال الأعمال وعلماء النفس في استطلاع «عكاظ» يميلون إلى تفضيل السياحة الداخلية على الخارجية بعدما شهدت خطوات ايجابية نحو تحسين البيئة المحلية وتهيئة العوامل المساعدة والمحفزة. أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك عبد العزيز والكاتب الاقتصادي الدكتور مقبل الذكير، أمن على أهمية السياحة الداخلية، والتطورات الايجابية في مستوى ونوع الخدمات وبيئة السياحة بشكل عام مقارنة بالماضي. وذكر أن ارتفاع الأسعار هو ظاهرة عالمية لا تختص ببلادنا، لكن أغلبنا يقع تحت تأثير عامل نفسي وهو انه لا يتردد في الإنفاق خارجيا، ولكنه يميل للتقتير داخليا، مشيرا إلى ان أسعار الفنادق والمطاعم ومدن الترفيه أرخص من الخارج، إلا انه طالب بتطوير مستوى جودة الخدمة ومدى تنوعها. وقال إذا كنا لا نستطيع أن نجعل من طقسنا الحار طقسا لطيفا، فإننا نستطيع أن نجعل تعاملنا لطيفا مع السائح الداخلي، وأن نطور المستوى ونزيد من تنوع الخدمات. ويرى الذكير أهمية ترشيد الناس للمصاريف، باعتبار أن الإنفاق على السياحة لا يختلف عن الإنفاق على متطلبات الحياة الأخرى من حيث القواعد العامة الحاكمة لها. وأضاف أن السفر ليس فرضاً سنوياً، لكن من الحكمة إذا قررت الأسرة ذلك عليها أن تخطط لبرنامجها مبكراً من خلال توفير نسبة كبيرة من التكاليف. ونصح بعدم التوجه للأماكن والمدن والشوارع التي يتجمع فيها أغلب الناس لأنها تكون أكثر ارتفاعاً في الأسعار، وتنويع البلدان والبعد عن السفر في أوقات المواسم. التنوع الداخلي ويفضل رجل الأعمال، وصاحب مشاريع سياحية، هيثم نصير السياحة الداخلية على الخارجية، قائلاً حين نقارن سياحتنا بالدول المجاورة مثل مصر أولبنان أو دبي نجد ان أسعار الفنادق في تلك الدول بالدولار، فالغرفة في فنادقها تكلف أكثر من 400 دولار ، بينما في جدة لا تتجاوز ال 800 ريال لخمسة نجوم، وهكذا المطاعم. وأشار إلى أن المواطن يفضل السياحة الخارجية لعدم وجود التنوع في السياحة الداخلية، وليس للتكلفة، وقال: التنويع المباح البريء تفضله الاغلبية، لأن السياحة عجلة متكاملة لابد ان تشتمل على جميع الخدمات والتسلية والترفيه، ولو أردنا توسيع السياحة الداخلية لا بد ان نبدأ بالموارد البشرية من خلال تأهيلها للمجال الفندقي والسياحي. تغيير النمط وأكدت الاستشارية النفسية الدكتورة مها حريري، على أهمية التغيير في نمط الحياة، قائلة: نحن مقبلون علي إجازة الصيف بعد عناء عام من العمل والدراسة، فروتين الحياة اليومي الثابت يصيب الإنسان بالتعب النفسي، لذا لابد من السياحة والترفيه لأن للتغير أهمية للإنسان، فروتين الحياة اليومي لا يصيب الإنسان بالتعب الجسدي، ولكن يصيبه بالضجر والخمول، وشهر في السنة يخفف كثيراً من ضغوط الدراسة إذا كان طالبا، وضغوط وأعباء العمل إذا كان موظفاً. وترى حريري أن النظريات تشير إلى نسبة 15% من الضغوط النفسية ناتجة عن السفر، إذ أن الإجازة تمثل للكثيرين عبئا نفسيا، وليس راحة وتخفيفا من مشاق العام. ولكي نغير مفهوم الإجازة الحقيقية لدى الكثيرين، تقول حريري لابد أن نغير أفكارهم لمفهوم الإجازة، بأن يعرف كل فرد انه هو من يحدد الإجازة على حسب احتياجه النفسي، فليس بالسفر تكون الإجازة، بل بالراحة والهدوء والطمأنينة والسعادة وليس بتقليد الآخرين.