بحسب اعتراف مدير مستشفى الصحة النفسية في جدة أن 90 في المائة من المرضى نساء ورجالا ينامون في عيادات مرممة، وإذا تجاهلنا سوء وضع تلك العيادات المرممة، فإن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: أين ينام البقية الذين يمثلون نسبة ال10 في المائة؟ وما هو وضعهم الصحي؟. معروف عن علاج مرضى الحالات النفسية أنه يتطلب توفير بيئة صحية ملائمة تساعد على رفع معنوياتهم، وتسهل من مهمة الأطباء في علاجهم، ويأتي في مقدمة تلك الالتزامات الواجب توفرها لعلاج المريض النفسي، الكوادر الطبية المتمرسة، والمبنى الملائم، وتوفير الدواء الطبي اللازم، والمساحات الخضراء والحدائق، لكن في مستشفى الصحية النفسية في جدة، لايتوفر أي شيء من ذلك، فتنتكس حالة المريض ويطول أمد علاجه لسنوات، وفي حين يرفض معظم الأهالي استلام مرضاهم، ترفض شركات التأمين إدراج الأدوية النفسية ضمن برامجها التأمينية، في الوقت الذي يعجز المستشفى عن توفير بعض الأدوية. وأول ما يتبادر إلى ذهن زائر المستشفى حين يرى المرضى متكدسين وسط القاذورات، والأوساخ، والروائح النتنة، في المبنى القديم الأشبه بالمهجور، هل تعلم وزارة الصحة عن الوضع المتردي في المستشفى؟، وإن كانت لا تعلم فالمصيبة أعظم، والمهم أن حقيقة واقع المستشفى مؤلم جدا وهو الماثل أمامنا حتى وصل الأمر إلى بيع المخدرات على المرضى بحسب سجلات ضبط الشرطة، وتأكيدات المسؤولين عن المستشفى. وسجلت اللجنة الوزارية برئاسة مدير عام الصحة النفسية والاجتماعية في الوزارة الدكتور عبدالحميد الحبيب، والدكتور عبدالله الهذلول، من الهيئة السعودية للتخصصات الطبية، في زيارة مفاجئة، عددا من الملاحظات على المستشفى، وذلك ضمن تقييمها كمركز تدريب لزمالة الطب النفسي بالمنطقة الغربية. واعترف مدير المستشفى الدكتور سهيل خان بقِدم بعض المباني و أن 90 في المائة من المنومين من الرجال والنساء ينامون في عيادات مرممة، وهناك بعض التشطيبات البسيطة في تنويم النساء جارٍ العمل عليها، كذلك يجري حاليا تأهيل قسم كامل للسجناء، ويتم التنسيق مع وزارة الداخلية لترتيب إجراءاته، وتوجد خمس عيادات للطب النفسي، وعيادات نفسية، واجتماعية، وعيادة تخصصية غير نفسية، بالإضافة إلى أطباء الزمالة والاستشاريين، لافتا إلى أن المستشفى يقدم للمرضى خدمات متطورة و يستخدم أحدث البرامج العلاجية مع المرضى. وأضاف أنه تم استحداث برنامج جديد معني بمتابعة المرضى في منازلهم، إذ تمت متابعة 86 مريضا من خلال 1500 زيارة خلال السنوات الثلاث الماضية، مؤكدا أن الخدمة العلاجية في المستشفيات النفسية لا تظل تحتاج إلى التطور، كما أن هناك مشروع إنشاء مبنى جديد، ورفع السعة السريرية من 120 سريرا إلى 500 سرير. وقال كبير الاستشاريين النفسيين في المستشفى الدكتور سعد الخطيب: إن علاج المرضى النفسيين يتم حسب التوصيات الصادرة من منظمة الصحة العالمية، التي أكدت على أن يكون لكل مريض برنامج علاجي مستقل من قبل فريق طبي متخصص. وأضاف أن جميع مستشفيات الصحة النفسية في المملكة تقدم خدمات جيدة، لكنها تحتاج إلى تقديم خدمات نفسية عبر المراكز الصحية وذلك يحتاج إلى جهد أكبر، مؤكدا أن جميع الأدوية الجديدة في العالم متوفرة للمرضى في مستشفيات الصحة النفسية وبكميات كبيرة، وبعض النقص الذي يقع أحيانا يوفر بالطلب مباشرة. وبين أن أدوية المرضى النفسيين مكلفة جدا، خصوصا أدوية الاكتئاب والانفصام والذهان، لأنها أدوية تعتبر حديثة التصنيع وشركات الأدوية تعتمد على رفع تكلفتها، وقد تصل إلى ألف ريال للدواء الواحد الذي يستخدم لمدة شهر واحد، لذلك ترفض شركات التأمين إدراج العلاج النفسي ضمن مسؤوليتها العلاجية. وقال إن دور القطاع الخاص في علاج المرضى النفسيين محدود، ودافع عن نقص الكوادر العلاجية في مستشفيات الصحة النفسية بقوله «نقص الكوادر موجود على مستوى العالم، ولكن فتح مجال الابتعاث الآن سوف يساهم بشكل كبير في سد جزء من النقص». وبرر رفض أقارب المنومين استلام المريض النفسي، بأن معظم الحالات المنومة هي حالات ذهانية، ومهما استمرت في الاستقرار لفترات طويلة، تحدث انتكاسات متعددة، لذلك يكون هناك تردد في إخراج المريض، وطالب بزيادة عدد الأسرة في المستشفى، مؤكدا أن هناك مجمعا للصحة النفسية وعلاج الإدمان، سيرى النور قريبا وسوف يقوم بنقلة كبيرة في العلاج.