لا يزال مستشفى الصحة النفسية في محافظة بلجرشى بالباحة ينتظر نظرة عطف وشفقة من وزارة الصحة التي استأجرت له مبنى منذ 25 عاما ونسيت أن تؤسس مبنى خاصا؛ ليظل الوضع هكذا من ربع قرن.. مبنى متهالك وقلة كوادر ونقص كبير في حراس المستشفى، ما يفاقم الوضع ويهدد بهرب بعض المرضى الذين يشكون ايضا ضيق الغرف والمبنى بصفة عامة، وان الكثير منهم ظل سنوات طويلة دون ان يسأل عنهم احد خاصة اسرهم التي تخلت عنهم. وقال عدد من زوار المستشفى ل “المدينة” ان المبنى متهالك والممرات ضيقة الى جانب قلتها، بالاضافة الى سوء التهوية وقلة عدد الغرف، مطالبين بانشاء مبنى جديد للمستشفى بمواصفات حديثة. وهناك مشكلات اخرى لا يراها سوى مدير المستشفى نفسه، حيث يؤكد ان المستشفى بحاجة الى انشاء مركز للادمان، خاصة مع تزايد حالات الادمان لعدم وجود برامج مخصصة لهذه الفئة، الى جانب نقص الكادر الطبي والتمريضي، ونقص الحراسات الامنية المتخصصة في التعامل مع حالات العنف والهروب؛ فالمفترض مع سعة 100 سرير ان يوجد 40 حارس امن الا ان في هذا المستشفى لا يوجد سوى 12 رجل أمن. وتساءل: كيف يتم التعامل مع الهاربين واصحاب العنف؟ “المدينة” زارت مستشفى الصحة النفسية في بلجرشي وخرجت بهذه اللقاءات... يقول عبدالله احمد: إن هناك مشكلات في المبنى من ناحية ضيق الغرف وعدم وجود ممرات كبيرة وان الوزارة مطالبة بتوفير مبنى اخر بدلا من هذا المتهالك الذي انتهى زمنه. أما صالح الغامدي فقال ان المبنى يظل عائقا امام أي تطوير للمستشفى، حيث يوجد العديد من المراجعين وكذلك المرضى والزوار الذين يندهشون من سوء حالة المستشفى. بينما يؤكد سعيد الزهراني ان بعد المستشفى ارهق الكثير من الاسر وخصوصا التي ليس لديها مواصلات او وسيلة نقل. من جانبه قال فهد الزهراني انه منذ عام 1406 ه وحتى هذا اليوم لازال مستشفى الصحة النفسية يقبع في مبانٍ مستأجرة لا تؤدي الغرض المطلوب وهو خدمة النزلاء؛ فضيق المكان لا يساعد على البقاء في هذه المباني ونتمنى من المسؤولين في وزارة الصحة الالتفات الى الصحة النفسية ونزلائها الذين لا حول لهم ولاقوة سوى المكوث في ضيق الغرف والممرات. مشكلات النزلاء “المدينة” التقت عددا من نزلاء المستشفى.. يقول علي الزهراني انه يعاني مرض اعصاب منذ 4 سنوات بسبب تناوله علاجا من احد المستشفيات الخاصة والذي اثر عليه وحرم من الوظيفة والصحة وهو يستغرب كيف يسلم دواء بطريقة خاطئة. وأشار إلى أنه ليس عليه إلا الاستسلام بقضاء الله، فانا اعاني من حالة نفسية حيث تدهورت صحتي. ويقول احد النزلاء الذي حاول الانتحار انه ارتكب اخطاء عديدة وهو في تحت تأثير المسكر ويعلن توبته ولكن بعد ان ضاع شبابه ومستقبله. فيما يقول احد النزلاء القدامى انه مل من الجلوس داخل المستشفى ويريد الخروج باسرع وقت ولكن صحته لا تستدعي الخروج. واشار الى ان ضيق المكان اثر سلبا على حالتهم النفسية، بالاضافة الى ضيق في الغرف وتكدس في الصالة وسوء تهوية. وعلى الجانب الآخر يقول مدير خدمات المرضى بالمستشفى احمد مقنع الغامدي ان الزيارة مفتوحة للجميع، الا في بعض الحلات والتي يعانون حالة تهيج تمنع زيارتهم، فهم عزل بعيد عن بقية النزلاء اما النساء فلا يسمح لزيارتهن الا الاب او الام او الاخ وغيرهم من الاقارب يمنع زيارتهن للاحتياطات امنية. ويضيف انه تم توظيف البعض منهم والذين نرى فيهم تحسن في حالاتهم الصحية حيث نقوم بتوظيفهم حراس امن وهو برغبة منهم وكذلك هو نوع من التأهيل والتحفيز. أرض جديدة للمستشفى وأوضح مدير المستشفى الدكتور سلطان مشرف الغامدي ان هناك معوقات كثيرة تواجه المستشفى ومنها المبنى؛ فمنذ تم افتتاح المستشفى وهو في مبنى مستأجر، وقد طالبنا منذ سنوات بانشاء مستشفى حكومي بسعة سريرية اكبر وهو العائق الاكبر الذي يقف امامنا؛ فمهما نعمل فلا نجد اكثر امانا من المباني الحكومية ولم ينشأ أي مبنى جديد حتى يتم استلامه. ويشير الى ان هناك عدة معوقات يواجهها المستشفى منها ضيق السعة السريرية وكذلك عدم تعاون الاهالي في اخراج النزلاء، و من المؤسف أن هناك حالات تنكر لها الأهل والأقارب منذ سنوات طويلة، مما كان له السبب في زيادة حالتهم النفسية كما ينقص المستشفى وجود مركز للادمان، فهناك تزايد في حالات الادمان لعدم وجود برامج مخصصة لهذه الفئة ولعدم وجود مراكز للادمان. واضاف ان هناك نقصا في الكادر الطبي والتمريضي حيث يقارب 50 % ومن مقترح الوزارة لإعداد القوى البشرية لتشغيل مستشفى بنفس السعة السريرية لدينا، كما اننا نعاني عدم توفر استشاريين اطباء واستشاريين علم نفس سريري واستشاريين خدمة اجتماعية. كذلك نقص الحراسات الامنية المتخصصة في التعامل مع حالات العنف والهروب؛ فالمفترض مع سعة مائة سرير وجود 40 حارس امن الا ان في هذا المستشفى لايوجد سوى 12 رجل امن وهذه تعد لنا مشكلة كبيرة جدا فكيف يتم التعامل مع الهاربين واصحاب العنف ولكن ولله الحمد نادرا ما تحدث حالات هروب او عنف كذلك عدم وجود نقطة امنية بالقرب من المستشفى، كما ينقص المستشفى قسم عيادة علاج الاطفال للامراض النفسية ودعمهم بكل الامكانيات. وأشار إلى طريقة التعامل مع المرضى، وقال انه يتم حسب معايير الصحة ولا يسمح بأي مظهر من مظاهر سوء معاملة المرضى بل اننا نحرص على ان يأخذ المريض حقه من الرعاية.. فالمريض أولًا هو شعاره وشعارنا ايضًا، كما يجب الأخذ في الاعتبار طبيعة بعض المرضى المرتادين لمستشفيات الصحة النفسية والذين يعانون من نوبات هياج أو عدوانية يتم التعامل معهم بالطرق الموصى بها طبيًا من استخدام غرف العزل المحكمة وحتى استخدام القيود الطبية، وذلك لحماية المريض والآخرين من أي اذى محتمل والذي قد يعتبره الآخرون نوعا من انواع اساءة المعاملة، بل يتم أخذ أي شكوى بعين الاعتبار والتحقيق فيها ومحاسبة المقصر إن اتضح ان هناك قصورا من النواحي الفنية او الخدمية. وبالنسبة للميزانية قال انها لا تشكل ازمة حيث ان ميزانية وزارة الصحة لها نصيب الأسد من الميزانية العامة وبذلك نلحظ بأن الملزمة الطبية والأدوية متوفرة بشكل كافٍ في المستشفى ولكن مشكلة الكوادر هي التي تشكل الأزمة. 8 أطباء متخصصين اما مدير خدمات المرضى بالمستشفى احمد مقنع الغامدي فقال: ان المستشفى يهدف إلي علاج الأمراض النفسية والعصبية والعقلية و علاج حالات الإدمان ويشتمل على العيادات الخارجية وورشة العلاج بالعمل، إضافة إلى المختبرات والأشعة والأقسام الفنية المساعدة والمساندة ويحتوي المستشفى على خدمات متكاملة، وقد تم افتتاحه عام 1406ه و يراجع المستشفى يوميا ما يقارب 160 شخصا ما بين جديد ومتردد ويوجد ثمانية اطباء متخصصين، كما تم ايجاد قسم للترفيه وللثقافة وكذلك عمل رحلات خارجية للتنزه. المستشفى يستقبل جميع الحالات النفسية والتي تاتي طواعية والبعض منها ياتي عن طريق الجهات الامنية ويوجد دوران لاقسام الرجال والباغ عددهم 57 والنساء دور واحد وعددهن 20 وتفتح لهم زيارة الأقارب والاطلاع عليهم الا ان البعض لا يقوم بزيارة مريضهم الا نادرا. ---- الغامدي: تخصيص أرض لإنشاء مبنى جديد كشف مدير الشؤون الصحية بمنطقة الباحة الدكتور عبدالحميد الغامدي انه تم تخصيص أرض لإنشاء مبنى لمستشفى الصحة النفسية بمنطقة الباحة والمشروع مدرج ضمن قائمة أولويات مشاريع المنطقة التي تم رفعها لمقام وزارة الصحة، ويمكننا التأكيد على أنه لم يسقط من ذاكرة صحة الباحة، وهذا ما أكده مدير عام الصحة النفسية والاجتماعية بالوزارة ضمن فعاليات اللقاء السادس لمشرفي الخدمات النفسية والاجتماعية المنعقد بمحافظة الاحساء بأن مستشفى الصحة النفسية بمنطقة الباحة ضمن أولويات وزارة الصحة ويأتي بعد مستشفى العاصمة المقدسة، وأن متابعته مستمرة ضمن إطار خطة تطوير الخدمات النفسية والاجتماعية التي يتم رفعها إلى الوزارة كل ستة أشهر. ---- 18 ألف مريض نفسي في الباحة معظمهم نساء كشفت احصائيات صادرة عن ادارة الشؤون الصحية في الباحة ان هناك اكثر من 18 الف مريض نفسي بالمنطقة اكثرهم من النساء. وقال الباحث عبدالله القنوت الزهراني اخصائي نفسي في دراسة قام بها حول الصحة النفسية للفرد ان هناك زيادة في نسبة الاضطرابات النفسية وان الظروف الصعبة والأحوال المعيشية القاسية والهموم التي يعانيها الأفراد في مجتمعاتنا، التي وفي كثير من الأحيان تفوق قدرات ومصادر وإمكانات الأفراد والمؤسسات، فإنها تؤدي إلى ظهور الأعراض الفسيولوجية والنفسية والتي بدورها تؤثر سلبًا في فاعلية أداء الأفراد وإنتاجيتهم، وارتفاع التكاليف العلاجية التي تتحملها المؤسسات.