أرجع مختصان أسباب وقوع الانهيار الأرضي الذي شهدته طبرجل بالقرب من مركز العيساوية على بعد 40 كلم وأدى إلى حدوث تصدعات كبيرة بطول 15 مترا وبعمق 30 مترا «إلى المياه الجوفية التي أدت إلى تخلل في توازن القوى في الموقع» وأوضحا ل «عكاظ» ، أن هناك 6 أسباب جيولوجية تؤدي لحدوث الانزلاقات (الانهيارات) الأرضية، وأن أهم خطوات الحلول تشخيص أسباب الانهيارات الأرضية والعمل على إيجاد حلول مناسبة تمنع تكرارها والتقليل من آثارها على البيئة والناس. الانهيارات الأرضية رأى أستاذ هيدرولوجية المياه الجوفية في كلية الأرصاد والبيئة ورئيس قسم علوم وإدارة موارد المياه سابقا الدكتور ناصر بن سليمان العمري، أن الانهيارات الأرضية أو الانزلاقات الأرضية صنفت على عدة أنواع حسب أسبابها، ومن أهم هذه الأنواع الانزلاقات الأرضية الناتجة من تأثير أسباب طبيعية استثنائية مثل الزلازل الأرضية أو الأمطار والسيول الشديدة التي تسرع عملية حت التربة. ويضيف «في ما يتعلق بالأمطار والسيول الشديدة فإنه بات واضحا ما تشهده مدينة جده بعد سقوط الأمطار الغزيرة على المحافظة خلال السنتين الأخيرة وما نتج عنه من هبوطات أرضية وحفر في الشوارع والإسفلت، بالإضافة إلى مسببات أخرى تتمثل في عدم وجود تصريف سطحي وتصريف تحت سطحي، وعدم اكتمال البنية التحتية لتصريف جميع أنواع المياه سواء شبكات مياه أو مياه صرف أو صرف أمطار وسيول». وأشار إلى أن هناك 6 أسباب لحدوث الانزلاقات (الانهيارات) الأرضية تتلخص في: أولا: تشبع طبقات التربة السطحية بالمياه الجوفية أو مياه الأمطار والتي تؤدي إلى تفكك المواد وانتفاخها وزيادة وزنها وبالتالي انهيارها أو انزلاقها حسب درجة ميلان سطح الأرض. ثانيا: السحب غير الآمن وغير المدروس للمياه الجوفية من باطن الأرض، وخصوصا إذا كان تواجد المياه الجوفية قريبا من الأساسات الخرسانية مما يتسبب في حدوث انهيارات جزئية للمباني القريبة منها، حيث إن المياه قد تتسبب في تآكل الأساسات الخرسانية بسبب الأملاح الموجودة فيها مما يستوجب إلى عمل حقن للتربة لزيادة قوتها وتحملها للأحمال. ثالثا: الضغط الهيدروستاتيكي الذي يتولد بفعل الاجهادات أو الاهتزازات الأرضية. رابعا: عملية التعرية أو التجوية للصخور التحت سطحية. خامسا: زيادة الكتل والأحمال على سطح الأرض. سادسا: النشاط البشري وما ينتج عنه من آثار تسهم في حدوث الانزلاقات مثل إزالة الطبقات الصخرية السفلية التي تعد نقطة ارتكاز ما فوقها. وكشف د. العمري أن أهم العوامل التي تؤدي إلى الانهيارات هي حدوث اختلاف في محتوى المياه الجوفية أي بمعنى التشبع بالمياه ثم الجفاف، حيث تزداد الانزلاقات في المناطق الرطبة وتقل في المناطق الجافة لأن الماء يقلل من احتكاك الكتلة بالسطح الذي تتحرك علية، كما ينشط عمليات التجوية والتعرية والتي تساعد على كثرة الانزلاقات. العمري أكد أن من أهم خطوات الحلول تشخيص أسباب الانهيارات الأرضية والعمل على إيجاد حلول مناسبة تمنع تكرارها والتقليل من آثارها على البيئة والناس. المياه الجوفية ويتفق الخبير واستشاري المياه الدكتور حمود الثبيتي مع الرأى السابق فيقول: يحدث أحيانا أن تنهار الأرض إما على شكل خفس في سطح الأرض أو على شكل صدوع مختلفة الاتساع والأطوال، وعادة ما تحدث هذه الانهيارات في نوع معين من الصخور الرسوبية وهي الصخور الجيرية وذلك يعود لخصائصها الكيميائية والقابلة للذوبان في المياه، وخصوصا إذا احتوت هذه المياه على نسبة من الأحماض. وكشف الثبيتي أنه عادة ما يوجد كهوف في طبقات هذا النوع من الصخور، وتكون هذه الكهوف على أعماق مختلفة منها الضحلة ومنها العميقة وهي معروفة عند مهندسين حفر الآبار العميقة وعادة ما تتسبب هذه الكهوف في المشكلات أثناء الحفر، كما توجد مثل هذه الكهوف على سطح الأرض وهي ما يسمى بالمغارات كمغارة جعيتا في لبنان وهي مرشحة لأن تكون إحدى عجائب الدنيا السبع، وتذوب هذه الصخور نتيجة للمياه وتتساقط هذه المادة المذابة وتكون كثيفة في تركيبها مما يجعلها متماسكة لتشكل ما يعرف بالهوابط حيث تكون معلقة في أشكال قمة في الجمال، أما إذا تساقطت على سطح قاع الكهف فمع الزمن تتراكم وتشكل ما يعرف بالصواعد، ويوجد مثل هذه الكهوف منشرة في الصخور الجيرية في عدة أماكن من العالم، وقد توجد مثل هذه الصواعد والهوابط في كهوف عميقة تحت الأرض لم يصل إليها الإنسان.. ويستطرد الثبيتي: «عادة ما تكون هذه الفجوات أو الكهوف ممتلئة بالمياه وأحيانا تكون ممتلئة كليا بالمياه وتعمل هذه المياه على توازن القوى الناتجة من الجاذبية الأرضية في جوانب الكهوف وفي الطبقات الأرضية الواقعة أعلى هذه الكهوف، ولكن في حالة سحب هذه المياه وجفافها إما نتيجة للسحب البشري أو أحيانا نتيجة لهجرة هذه المياه نتيجة لحدوث شقوق تتصل بكهوف أخرى أكثر عمقا مما يجعل المياه تهاجر نتيجة لتأثرها بالجاذبية الأرضية، هنا يحدث أن تتشتت القوى وتجعل الأجزاء الواقعة أعلى موقع الكهف تنهار وتسقط لقاع الكهف، ولاسيما إذا كانت هذه الكهوف قريبة من سطح الأرض فهي تكون أكثر عرضة لحدوث الانهيارات الأرضية. الثبيتي أكد أن هذا النوع من الصخور الجيرية يعرف عنه تواجد شقوق في طبقاته عند أعماق مختلفة تمتد لمسافات بعيدة وعادة ما تتشابك هذه الشقوق بعضها مع بعض وتكون خزانات جيدة للمياه الجوفية، وهنا يجب التنبه لمياه الصرف الصحي وهي مياه عادة ما تحتوي على بعض الأحماض ولو بنسب قليلة فإذا ما تسربت هذه المياه مع شقوق هذا النوع من الصخور فهي تسبب تآكل وذوبان في هذه الصخور وربما تحدث فجوات وكهوف جديدة في أمان تكون أكثر تأثرا لتركيبها الكيميائي من هذه المياه الحاوية على أحماض، وتتوسع هذه الكهوف مع الزمن، ولكني في النهاية أرجح وبشكل شبه مؤكد أن سبب انهيارات طبرجل يعود لسحب المياه الجوفية مما سبب تخللا في توازن القوى في الموقع وأدى لتلك الانهيارات.