لم تتوقف أحلام سكان حي العبور في جدة منذ 40 عاما، أملا منهم في اللحاق بركب الحياة مواصلين مسيرة الطلبات لإيصال أصواتهم وملاحظاتهم للجهات المعنية، علها تجد أذنا صاغية تسعى لتحقيقها. ومع أن حيهم ورغم قسوة الظروف شكل في ماضي الأيام محطة للعابرين من جدة في طريقهم الى العاصمة المقدسة تحط فيها رحالهم للتزود بالوقود وأخذ قسطا من الراحة فيه، إلا أن الحال تغيرت بعد افتتاح طريق الحرمين الجديد، ما أدى إلى دخوله في دائرة النسيان كما جاء في أحاديث الأهالي. حيث وصف مسعود العتيبي حال حي العبور بالمتردي بعد أن بات ممرا للعاملين في تهريب المخالفين والمجهولين من خلال همزة الوصل الوحيدة للحي على طريق الحرمين، وذلك باختراق أزقته وشوارعه لتجاوز النقطة الأمنية في جسر الاسكان الجنوبي، مضيفا أن المشاكل الأمنية زادت الى حد دفع ببعض قدامى السكان الذين مكنتهم الظروف المالية للهروب الى أحياء الشمال خوفا من أعداد المجهولين من الجاليات الأفريقية والآسيوية التي وجدت في المنازل المهجورة والأحواش القديمة مساكن آمنة لهم، مشيرا الى تقديمهم شكاوى عدة إلى الجهات المعنية دون فائدة. من جانبه، تساءل شرار الذيابي عن غياب «العبور» عن خارطة التطوير وجولات المعنيين في الأمانة والمجلس البلدي، خصوصا في ظل شبه انعدام للبنى التحتية خصوصا الطرق والإنارة والمياه، وانتشار النفايات في كل مكان، فضلا عن افتقار الحي للخدمات الصحية رغم الكثافة السكانية، حيث لا يوجد مركز صحي أو مستوصف، كما أن مباني المدارس للبنين والبنات قديمة ومستأجرة وغير ملائمة للنهضة التعليمية، إضافة إلى انتشار البائعات من الجالية الافريقية في محيطها مما يشكل خطرا على صحة أطفالنا. وطالب الذيابي الجهات المعنية في المجلس البلدي بسرعة الوقوف ميدانيا لرصد الملاحظات والخلل الذي يعاني منه الحي في جانب الخدمات. وأبدى عادل الروقي استياءه من انعدام الخدمات البلدية واصفا الوضع البيئي في الحي بالكارثي، ويقول: رغم شكاوى الأهالي ومطالباتهم عن حاجة «العبور» الى مشاريع للتأهيل وتحسين الأوضاع البيئية لتهيئة الظروف المناسبة لراحة السكان وتمكينهم من العيش في أجواء مريحة، إلا أن الاستجابة الوحيدة كانت في تعبيد طريق لا يتجاوز طوله 200 متر. وشدد الروقي على ضرورة توفير الخدمات البلدية وشمول الحي بالخدمات الأمنية لمكافحة ظاهرة المجهولين والمخالفين، لافتا الى أن العبور شكل ممرا في حج العام الماضي لمهربي لحوم الهدي والاضاحي والعمالة غير النظامية الذين عمدوا الى استغلال مدخل الحي الرئيسي من الجهة الجنوبية الواقعة على طريق الحرمين هربا من النقطة الأمنية في جسر الإسكان الجنوبي. في السياق ذاته، رصدت عدسة «عكاظ» خلال جولتها عددا من الملاحظات كان أبرزها تحول الأحواش المهجورة والمنازل القديمة في حي العبور الى مساكن للعمالة المخالفة لنظام الاقامة والعمل الذين وجدوا فيها فرصة آمنة للاختباء والسكن المجاني، ومستودعات لتخزين المخلفات المعدنية وأكوام الكرتون التي يجمعونها تمهيدا لبيعها لاحقا. من جهته، حذر بسام بن جميل أخضر عضو المجلس البلدي في جدة من تدني مستوى الخدمات في بعض الأحياء الشعبية التي تعج بكثافة سكانية عالية، ويتشكل أغلبها من محدودي الدخل، وشدد على أهمية تشديد الرقابة من قبل أمانة المحافظة والجهات المختصة للحفاظ على الحد الأدنى من المستوى الصحي والبيئي المطلوب والتصدي لأي مخالفات، وأكد أن المجلس لم يتلق أي شكوى من أهالي العبور حول هذه الملاحظات، مشيرا إلى أنها جديرة بالاهتمام وسيتم اتخاذ اللازم حيالها فور تلقي شكواهم. المتحدث الأمني في شرطة جدة العميد مسفر الجعيد أوضح ل«عكاظ» عن تخصيص الرقم 6425550 لتلقي بلاغات المواطنين حول الملاحظات والاشتباه بالمواقع والأشخاص، وقال إن الشرطة ترحب بالبلاغات غير الطارئة على الرقم الجديد وسيتم التعامل معها بعد التأكد من صحتها.