أهنئ الأستاذ (محمد الشريف) على الثقة الملكية بتعيينه رئيسا لهيئة مكافحة الفساد، وهي لا ريب مهمة شاقة وشائكة، خصوصا إذا علمنا أن ديدنها وغايتها الأسمى التصدي لكل فاسد (كائنا من كان) بمقتضى ما جاء في الأمر الملكي ... كيف لا والفساد من أعظم ما يكره الله عز وجل ويمقت، وهو القائل سبحانه وتعالى «ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين» سورة القصص الآية (77)، والقائل جل وعلا «والله لا يحب الفساد». وبما أن جميع المواطنين (عدا المفسدين طبعا) يتمنون اجتثاث (دودة الأرض) التي ما فتئت تقتات على مكتسبات الوطن وتنخر مقدراته فهم لن يترددوا بالإبلاغ عن بؤره التي على الأرجح شاخصة لدى الكثير، وهذا يتطلب من جملة ما يتطلب إيجاد وسيلة اتصال مباشرة وسريعة (فاعلة) وفي متناول الجميع وفي الإطار من المفيد، بل من الضروري تذكير هؤلاء بتوخي السرية عند الشروع بالإبلاغ تجنبا لما قد يلحق الضرر بهم وهذا من باب الاحتراز؛ لأن الذئاب حولنا كثر وإن ظهروا بلبوس الحملان. هذه مجرد توطئة تجرنا لما هو أهم وأخطر وهو أن المفهوم الحقيقي والعريض للفساد ليس كما يتصور الكثيرون بأنه عبارة عن أفراد مرتشين أو مختلسين وإن كان ذلك في مجمله صحيحا لكنه في الأعم أو الأساس إن جاز التعبير هو فكر وتوجه بمعنى من المعاني ليس في معظمه (ماديا) ملموسا فقد يكون بصورة غير مباشرة أو محسوسة كالتجاوزات تارة وغض الطرف والتواري وربما إغماض الأعين تارات أخرى. كلنا نعلم أن اللص هو الذي يسرق لكن ماذا عن الذي يسند السلم للص!! حسبكم سوف تقولون لا يختلف عنه .. لن أبالغ بالقول إنه أخطر وأعتى إجراما وأكثر خسة بوصفه أشبه (بالرافعة) التي ما برحت تستعذب حمل اللصوص والفساد وبما أن الشيء بالشيء يذكر .. فالفأر ليس هو السارق بل الكوة (الفتحة) التي تمكنه من المرور (هيرمان جاكوب قاضي أمريكي). جلية القول، إن الحل الأنجع ليس في القبض على اللصوص ولا قتل الفئران وإن كان ثمة بد من ذلك لكن قضيتنا الأهم الذين يسندون السلالم وصناع الفتحات ولنقل (مصمميها) وبكلام آخر .. كم هم الذين يرتشون ويسرقون فرادا (دون الاستعانة بسلالم أو فتحات)؟؟ بالتأكيد هم قلة. ما أود إيضاحه أن جل الفساد نتيجة تواطؤ أو توارٍ ومرده المناطقية والمحسوبية ومتى ما استطعنا تعريتها وتاليا تحييدها سوف نقضي لا محالة على شأفة الفساد والمفسدين، وفي السياق ليس من قبيل التشاؤم أو التثبيط الزعم بأنه من دون تلك التدابير يصبح حالنا أشبه بأهل القرية الذين قضوا على الثعلب الذي يفترس أغنامهم لكنهم لم يتمكنوا من بناء سور يحمي قريتهم من وحوش أخرى طليقة ومتوالدة. نختم بالقول لا بد من وقفة سريعة وناجزة لاقتلاع الفساد (قبل أن تكبر الرقعة على الراقع) لننعم بمكتسبات الوطن وخيراته، لاسيما بعد أن حظي أنحاء الوطن بحزمة من الأوامر من لدن خادم الحرمين الشريفين حفظه الله التي بالتأكيد سوف تعم عوائدها شتى أفراد المجتمع، فليكن شعارنا وطن بلا فساد ومفسدين .. ولن تكون العاقبة إلا للمتقين ولن يصلح عمل المفسدين وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 229 مسافة ثم الرسالة