كشف إجبار الطفلة القاصرة نورة حوشان (14 عاما) على الزواج من ثمانيني في قرية «الكدمي» الجبلية التابعة لصبيا معاناة يواجهها كثير من سكان القرى الجبلية النائية في منطقة جازان يفتقرون للخدمات الصحية والمياه العذبة، وبناتهم محرومات من التعليم الجامعي في ظل عدم وجود كليات قريبة، وعدم توفر المبالغ الكافية ليتمكن من التواصل مع الكليات البعيدة عنهن، كما أن سكان هذه القرى يضطرون لقطع مسافة 300 كيلو متر للوصول إلى أقرب مستشفى من أجل علاج مرضاهم، أوضاعهم المادية سيئة للغاية لعدم وصول الجمعيات الخيرية لهم. وأكد الكثير ممن التقتهم «عكاظ» في جولاتها في المناطق الجبلية، أن الجمعيات لا تعرف الطريق إلى قراهم، وإذا وصلت مساعدات منها توزع على المحافظات والقرى القريبة منها، بينما يبقى سكان الجبال والأودية محرومين من أية مساعدات، وكشفت «عكاظ» أنه يعمل في هذه الجمعيات وافدون تدور حولهم الشكوك في عمليات التوزيع، مما يؤدي إلى تزويج الكثير من الفتيات لكبار السن من أجل توفير المال، أو استدانة مبالغ مقابل إرجاعها لأصحابها بعد موسم بيع الأغنام. في وادي العين في محافظة الريث كشف عدد من المواطنين بأنهم لا يملكون من متاع الحياة إلا الأغنام، يلجاؤون لبيعها في كثير من الأحيان لتأمين مستلزماتهم الحياتية، مشيرين إلى أن قراهم تفتقر للخدمات الأساسية من الكهرباء، المياه، والمراكز الصحية التي تقدم العلاج للسكان. ولعل معاناة المواطن ثوعان الريثي الذي يتنقل بوالدته مرتين في الأسبوع من أجل إجراء الغسل الكلوي لها في أحد مستشفيات صبيا، ويقطع 300 كيلو متر، أكبر دليل على حاجة المنطقة لمستشفيات تساهم في تقديم الخدمات لهم، وذلك بعد أن تعثر تشغيل مستشفى الريث بعد الانتهاء منه، ولا زال المواطنون ينتظرون هذا التشغيل الذي طال انتظاره. وقال ثوعان «أضطر أن أعبر هذا الطريق الطويل بسيارتي المتهالكة لأنقل والدتي إلى المستشفى في صبيا، وفي هذا المشوار الطويل تتعرض للإرهاق ما يؤدي لزيادة معاناتها ومرضها»، مطالبا بتوفير مركز للغسل الكلوي لمرضى الفشل الكلوي في القرى الجبلية في الريث وما جاورها. من جانبه، أكد ل «عكاظ» الناطق الإعلامي في صحة جازان جبريل القبي، أن المستشفى اكتمل تشييده ويجري حاليا تأثيثه ليقدم خدماته للمواطنين في تلك القرى التي تحتاج للخدمات الصحية وهي محل الاهتمام. الجمعيات وقلة المساعدات ورغم الأوضاع المعيشية المتردية لسكان القرى الجبلية والحدودية، إلا أنها لا تزال تفتقر للجمعيات الخيرية، فالكثير من المواطنين لا يعرفون آخر مرة وصلت إليهم مساعدات الجمعيات الخيرية التي اقتصرت فقط على القرى القريبة من المحافظات، حتى أصبح الكثير من السكان لا يملكون قوتهم اليومي. وقال علي الريثي أحد سكان قرية الوادي «نحن محاصرون في هذا الوادي، غير قادرين على بناء مساكن لنا فيه، ما أجبرنا على بناء بيوت من الحجارة لا تحمينا من الأمطار والسيول التي تتربص بنا في الوادي، ونضطر للبقاء في منازلنا عند هطول الأمطار وننتظر المساعدات في هذا الوادي المقطوع من الخدمات»، مضيفا «نستغرب تجاهل بعض الجهات ذات الاختصاص التي لا تعرف الطريق إلينا». غياب الدعم للأسر وللمواطن حسين الريثي معاناة أخرى، إذ أنه يعول أسرة تضم 22 شخصا مع أبناء شقيقه المتوفى، ولا يستطيع الصرف عليهم بعد أن غابت الجمعيات الخيرية في القرى، واكتفت بتقديم المساعدات والخدمات لسكان المدن وتركت القرى دون رعاية، ما تسبب في معاناته التي يتمنى أن تنتهي بتوفير الحياة الكريمة له ولأسرته التي يهددها الجوع. وفي مجلس متهالك يفتقد لأبسط الأثاث، تجمع سكان وادي العين التابع لمحافظة الريث مطالبين بتوفير الخدمات الصحية لهم والمياه التي يفتقدونها في منازلهم، حيث إنهم يعتمدون على مياه الأمطار والأودية التي تهدد حياتهم بالتلوث. وأكد عامر الريثي أحد السكان أن خطر السيول يهددهم في الوادي ويجعلهم معزولين ومحاصرين عندما يقطع الطريق عليهم، مبينا أنه لقلة إمكانياتهم المادية يضطرون لبناء منازلهم من الحجارة والأخشاب دون أن تفي هذه البيوت بحاجة أبنائهم، ما يؤدي لتعرضهم للغرق عند هطول الأمطار، مضيفا نطالب بتوفير منازل تحمي أبناءنا من الخطر. يبيعون أغنامهم للتدريس ويضطر أهالي قرية العين التابعة لمحافظة الريث إلى بيع أغنامهم لتوفير مبالغ لصرفها في إيصال أبنائهم بها إلى المدارس ومواصلة تعليمهم، وذلك بعد أن غابت عنهم وسائل النقل، مطالبين بأن يصرف لبناتهم وأبنائهم مبالغ مالية تخفف عنهم معاناتهم في المواصلات، أو توفير وسائل نقل. وفي هذا السياق، أشار محمد حسن إلى أن أبناءه يقطعون مسافات طويلة سيرا على الأقدام للوصول إلى مدارسهم في ظل عدم وجود وسائل نقل أو مصاريف كغيرهم من أبناء منطقة جازان. الطالبات محرومات من الجامعة كما تعاني طالبات الريث والحشر والقرى الجبلية من عدم توفر كليات قريبة منهن، حيث إنهن لا يقدرن على قطاع مسافات تتجاوز 200 كيلو متر إلى الكليات البعيدة والعودة منها، ويطالب أولياء أمورهن بافتتاح كليات جامعية قريبة منهم ليتسنى لبناتهم الدراسة.