كانت أم الأسواق، وأم الاكتظاظ والصخب، من هنا يبدأ الرزق لمن أراد، يأتونها من القرى المجاورة ومن المناطق المحيطة، فبات من لم يتوقف بها ويتناول شيئا من سمكها فاته الكثير والكثير. فماذا حدث؟، ذبل كل شيء، وفي الوقت الذي تحولت تلك القرى إلى ما يشبه المدن والحاضرة، توقف هذا المكان على حاله وتجاوزته القرى المحيطة وتركته. مستورة.. هذا الموقع الممتد غير بعيد من رابغ، هو بالفعل (مستور) في كل أوضاعة، ولا يمكن القول بغير ذلك، مع رائحة أنفاس الانكسار في الطرق والأحياء وحتى في النظرات. كانت مستورة مسعود حبيب العصلاني(60 عاما) يبدأ من تلك الذاكرة قائلا: مستورة لم يكن أحد ليتخطاها، القادم من المدينةالمنورة أو حتى الذاهب إلى جدة أو مكة من المستحيل أن لا يتوقف بها، وصارت مشهورة لدرجة أن الكثير يأتون لمجرد تذوق سمك مستورة، أما الأسواق فقد كان هناك سوق الأغنام وآخر لمنتجات الأغنام، وسوق التمر والحرف والخضراوات والحبحب وسوق الحطب، وكانت القرى المجاورة وحتى رابغ تعتمد على سوق مستورة، لكن مع الوقت أنتهى كل ذلك وصارت مثلما تشاهدها الآن. يتدخل عتيق الله عابد اليوبي قائلا: كنت ممن يأتي بالخضراوات من جدة، عندما تلاشت مزارع مستورة، أتحرك من جدة بعد الفجر وأصل بعد العصر، من أجل أن أغطي أسواق مستورة بما تحتاجه من تلك الخضراوات، هذا بعدما تقلص وضع مستورة. بيوت بلا كهرباء يعود مسعود العصلاني قائلا: ما يهمني حاليا هو الكهرباء، ولهذا أرجو أن يتم توفير التيار للكثير من البيوت، حيث إن هناك من لم تصله الكهرباء، وأعرف بعضا من هؤلاء يسكنون بلا كهرباء رغم وعود الشركة، وهناك منازل يتوقف السكن فيها لعدم وجود الكهرباء. لكن أحمد محمد ردة الولدي المزمومي (52 عاما) يوجز كثير من الاحتياجات بالقول: هذا الحي الذي نسكنه، يسمى بالمشهد وأكاد أجزم بأنه الوحيد الذي لم يتم سفلتته، كما أنه مهمش حتى على مستوى بقيه الخدمات ومن ضمنها النظافة، أما بخصوص مستورة مع الأسف لا يتوفر فيها من الدوائر الحكومية سوى الهلال الأحمر والدفاع المدني والشرطة ومقر لفرع بلدية، أما البنوك فلا توجد أطلاقا وهناك أثنين من الصرافات ليست في أفضل حالاتها، لهذا نعتمد على رابغ في كل شيء. صلاحيات ممثل البلدية يقاطعه مسعد حميد المزمومي قائلا: بالنسبة لفرع البلدية فهو ممثل للبلدية، لا يملك من الصلاحيات الكثير، ولهذا أتمنى لو يتم تمكينه ببعض الصلاحيات التي تساهم في التخفيف عن السكان، وعلى سبيل المثال لماذا لا يترك لممثل البلدية صلاحية أصدار رخص المحال التجارية، ولماذا يجب على الأهالي التوجه إلى رابغ، وبقاء الرخص لمدة تتجاوز الشهرين حتى تصدر، كما أن هناك الكثير من المعدات والإمكانات التي لا تتوفر لبلدية مستورة، فهناك تقلص في الخدمات التي يجب على الفرع أن يقدمها وعلى رأسها النظافة، ولهذا تتراكم النفايات في الطرق بين الأحياء، أما إشكالية مستورة مع المياه التي يتم إحضارها من رابغ مسألة أخرى وصعبة، وبالرغم من وجود خزان للمياه، إلا أنه لم يتم تمديد شبكة للبيوت، وصار دور الخزان هو أن تعبئة الوايتات بالمياه، ومن ثم نقلها للمنازل بمبلغ من المال. خزان بلا شبكة ولهذا يتساءل الأهالي: طالما أنه يوجد خزان، فما الذي يمنع تمديد الشبكة للبيوت؟ يتدخل ثانية أحمد ردة قائلا: مدرسة البنات الوحيدة وهي الأولى الابتدائية، ولدى معلمات وإدارة المدرسة مشكلة مع المبنى، فرغم عملية الترميم أخيرا، إلا أن هناك أشكالات متعددة، منها سقوط زجاج بعض النوافذ بصورة مستمرة، كما أن هناك معاناة مع رفع الماء من خزان المبنى، حيث يتوقف (ماطور) ضخ الماء وتبقى المدرسة أسبوعين بدون ماء، لريثما تتم عملية الصيانة من رابغ. كورنيش بكر يشير أيمن مسعد المزمومي لطريق الكورنيش قائلا: أنظر لهذا الطريق والذي يمتد للكورنيش إلا أنه لا علاقة له بالواقع، فكورنيش مستورة أو الشاطئ مجرد مساحة من الأرض (البكر)، والتي لم تمس بأي تعديلات، لدرجة أن من يتوجه للبحر يفضل رؤية البحر أو الجلوس وهو قابع داخل سيارته، فلا وجود للخدمات، لا جلسات أو حدائق ولا حتى إضاءة. مطالب بالجملة يتشاطر الجميع في المجمل حيال مشكلة يعاني منها الكل، وهي الرعاية الصحية، والحقيقة أن المبنى لا يليق أن يسمى بمركز رعاية، ولا يليق بإمكانات وزارة الصحة، الذي يحتضن غرفا يسكنها الدمار والعبث، والذي يتردد أن هناك مقاولا بدأ في عملية الترميم عام 1425ه ثم توقف!. كما أن سكن الكادر الطبي المحدود في المركز يفتقر لأدنى حدود تلك الرعاية، يقول معظم الأهالي بصورة شبه موحدة: يفتقر مركز الرعاية الصحية لسيارات خدمات مساندة، والوحيدة المتوفرة هي الأسعاف فقط، والذي غالبا ما يكون في مهمة مرضية لرابغ، ولهذا فيما لو راجع المركز حالتان في وقت متعارض يتعذر نقل المصاب لرابغ لمعالجته هناك، وما الذي يمنع من فتح مستشفى مصغر يستقبل الحالات البسيطة، التي لا ترهق كاهل الهلال الأحمر أو إسعاف المركز بالنقل إلى رابغ، والتي تستغرق وقتا طويلا مقارنة بحالة المرضى. الغريب كما يردد سكان مستورة، أن أغلب حالات الولادة بالنسبة لأبناء مستورة تتم خارجها، حيث تتم عملية نقل حالات الولادة إلى رابغ ويكفي هذا مشقة على الأمهات، كما أن المركز لا يوجد به قسم للطوارئ رغم كثافة المراجعين، لهذا يجبر المركز على إجراء عملية التحويل لرابغ بصورة دائمة، لضعف الإمكانات، ورغم حماس العاملين وتفانيهم وبذلهم الجهود الفردية والطوعية لخدمة المراجعين، إلا أن كثافة الإقبال على المركز يفوق جهودهم، كما يقر بذلك سكان المنطقة، وبالتالي تظل الشكوى على الإمكانات ومحدودية الدعم للمركز. ويطالب الأهالي بزيادة المدارس نتيجة للازدحام داخل الفصول ويقولون: نحتاج إلى زيادة عدد المدارس في كل مرحلة مدرسية، لتخفيف الضغط على المدراس المتوفرة، ويتمنى عدد منهم تحويل الكوابل الهوائية للكهرباء إلى أرضية؛ لأن الأسلاك بحالتها الراهنة تسبب أنقطاعا مستمرا، وخصوصا مع سقوط الأمطار والذي يصل إلى حدود خمس مرات في اليوم الواحد، إضافة إلى ضرورة إنارة الطرق ومن ضمن ذلك طريق الكورنيش. وهنا يتدخل ياسر اليوبي قائلا: كتبت في الصحف أكثر من مرة عن احتياجات مستورة، وطالبت بتوفير أبسط أنواع الخدمات، واعتبرت توفير تلك الخدمات من المستحيلات، لعدم الالتفات لهذه المنطقة رغم وجود كثافة سكانية. بطء المشاريع ايمن أحمد محمد المزمومي، قال: الرايس والأبواء من القرى التي كانت تعتمد على مستورة، أنظر الآن لحالهما لقد حظيت الرايس والأبواء بالخدمات التي تتطلبها معيشة الناس هناك، وصارت مستورة هي من تتوجه في بعض الأمور للرايس أو الأبواء في بعض احتياجاتها، وبالمقارنة في مستوى الخدمة الصحية لوجدت أن بهما مركزا للرعاية لا يقارن بالموجود في مستورة. ويضيف مستورة أصبحت تفتقر للجذب السياحي، على سبيل المثال المدخل الشرقي، يقال بأنه سوف يتم وضع حديقة كبيرة للمنطقة، وبالرغم من عدم وجود حديقة في مستورة، إلا أن هذا المكان والمجاور (لمردم النفايات) يعتقد السكان بأنه لا يصلح أبدا لوجود المردم، كما أن هناك مخطط ذوي الدخل المحدود تم توزيعه منذ زمن، وإلى اللحظة لا وجود لأي خدمة يمكن بأن تعطى السكان فرصة للبناء، ولازال المخطط قطع أرضية لا وجود للعمران بها. جامع الأهالي يسترسل ايمن أحمد حديثه عن الجامع الوحيد قائلا: الجامع الوحيد يواجه مشكلة من ناحية السقف، حيث إنه يسرب مياه الأمطار من الأعلى، كما أن فرش المسجد قديم، ولم يتم تغييره منذ 16 عاما، أي من تاريخ تأسيس المسجد.