شارع العرب في لندن هو مقصد السياح العرب والخليجيين لقضاء أوقاتهم، بعدما أصبحت عاصمة الضباب الوجهة الأبرز خلال السنوات الأخيرة. ومع تزايد أعداد السياح العرب والخليجيين إلى العاصمة الأكثر صخبا وإثارة بين العواصم الأوروبية، أصبح تواجد هؤلاء يمثل مصدر رزق للكثيرين من جنسيات بريطانية وعربية. إنه شارع (إدجوار رود) نقطة انطلاقة جولة «عكاظ» على امتداد أكثر من كيلومترين مقابل «هايد بارك» الحديقة الأشهر في العالم، والذي اكتسب شهرته من العرب المتواجدين فيه، فبمجرد أن تصل إلى مطار هيثرو في لندن وتطلب من سائق التاكسي أن يقلك إلى هناك، ستعرف أنك في مكان لا يتحدث الإنجليزية، فيما تلمح على جوانبه الكثير من اللوحات العربية لمطاعم ومقاهي ومحال مواد غذائية تبيع كل ما يمكن أن يحتاجه السائح والمقيم العربي في لندن. فنادق وشقق ومعسل في شارع جانبي ل«إدجوار رود» المجاور لأحد الفنادق العالمية الشهيرة، تمتد الكثير من الفنادق المتلاصقة التي لا تتجاوز مساحة بعضها أمتارا، تكاد تكون مخصصة بكاملها للعرب، وكثيرا ما تأتي إليها ولا تجد موطئ قدم فيها بسبب الزحام الشديد من السياح والطلاب والعاملين العرب في لندن. وبجوار «إدجوار رود» تنتشر المباني الكبيرة التي خصصت لسكن العائلات بطريقة الشقق المفروشة وبأسعار عالية. في هذه الفنادق، تجد موظفي الاستقبال يتحدثون العربية بطلاقة، بل هم عرب ولكن الكثيرين منهم يحملون الجنسية البريطانية. ورغم الإقبال على هذه الفنادق خاصة في الصيف، إلا أن الحجز فيها عن طريق الإنترنت أسهل بكثير من الذهاب إليها مباشرة. يقول محمد شريف، وهو شاب عراقي يعمل في خيمة منصوبة أمام هذه الفنادق يقدم من خلالها الشاي والقهوة والوجبات السريعة والنارجيلة (المعسل بمختلف أنواعه): إن العاملين في المطاعم والمقاهي في شارع إدجوار رود هم من العرب، نظرا لأن غالبية مرتاديها من العرب، فيما يختلف العمل فيها صيفا بسبب تواجد العرب من السياح القادمين للعمل والعلاج والدارسين من مختلف مناطق بريطانيا إلى العاصمة لندن أثناء الإجازة الأسبوعية، وأسعارها أضعاف ما هو موجود في جميع الدول العربية. المتسولون للعرب فقط ليس غريبا عندما تمشي أو تجلس في إحدى المقاهي في (إدجوار رود) أن تشاهد متسولا أو امرأة تحمل طفلا وتتسول، ورغم تواجد بعض الإنجليز وجنسيات أخرى في الشارع، إلا أن المتسولين لا يطلبون الهدية أو المساعدة إلا من العرب. يقول فواز (طالب سعودي يدرس في لندن) إن التسول في (إدجوار رود) يوحي وكأن الشخص في دولة عربية بينما الإنجليز ينهرون المتسولين. ودافع زميله تركي بشراسة عن موقف الغرب من التسول، مؤكدا أن أغلب المتسولين في هذا الشارع هم من جنسيات آسيوية، والغريب أن أكثر المتسولين من النساء اللائي يحملن أطفالا لاستدرار عطف الجالسين في المقاهي والمطاعم ومن يسيرون في الشارع. أقدم عربي قنديل حماد الإنجليزي من أصل مصري أمضى في بريطانيا ما يقارب 40 عاما، يملك واحدا من أشهر المطاعم في شارع (إدجوار رود) يعمل فيه على مدار الساعة أكثر من 70 عاملا. تحدث قنديل مؤكدا أن الشارع يعتبر مركز العرب في بريطانيا، فهو يشهد كل المناسبات الدينية والأعياد ورمضان وغيره من المناسبات، مشيرا إلى أن تاريخ الشارع يعود إلى أكثر من 250 عاما أيام الاحتلال الروماني لبريطانيا، أما بالنسبة للعرب، فمع مطلع الثمانينيات الميلادية وأثناء حرب إيران والعراق، بدأ العرب يرتادونه ثم جاء اجتياح العراق للكويت ليزيد من تواجد الخليجيين والعرب شيئا فشيئا، ثم بدأ العرب والخليجيون يشترون أملاكا في الشارع، بسبب موقعه المميز بالقرب من «الهايد بارك» وشارع أكسفورد التجاري الشهير، وأصبحت الساحات المجاورة للشارع مملوكة بشكل كبير للعرب. وعن البداية الفعلية لتواجد المطاعم والمقاهي العربية، قال أول مطعم عربي كان في بداية السبعينيات، وكان مطعما للمأكولات اللبنانية، إلى أن تجاوز عدد المطاعم العربية 50 مطعما في الوقت الحاضر. وعن مدى صحة هجرة أبناء الطبقة الراقية والأثرياء للشارع، فقال: ليس صحيحا، ففي هذا الشارع يأتي أصحاب المناصب العليا وأشهر الفنانين واللاعبين والكثير من الشخصيات المعروفة، كاشفا عن اختفاء النوادي الليلية التي كانت موجودة فيه سابقا، مؤكد أن هذا شيء إيجابي ساهم في أن تسير العائلات العربية في الشارع وترتاد المطاعم والمقاهي في أي وقت. ماذا يحدث في «بيكاديلي» ساحة بيكاديلي الشهيرة على مستوى العالم الواقعة في وسط عاصمة الضباب، هي الوجهة الرئيسة للسواح القادمين إلى بريطانيا. ويقصد السياح العرب في هذه الساحة المقاهي والمطاعم العالمية ودور السينما المنتشرة على جنباتها، ومشاهدة العروض الغريبة لبعض المتمرسين كألعاب الخفة والسحر والتهريج بأنواعه، إضافة إلى المشي وسط الساحة حيث يتواجد الرسامون المحترفون الذين يرسمون الوجوه هناك. «هايد بارك» حديقة هايد بارك الشهيرة لا تبعد عن شارع (إدجوار رود) أكثر من عدة أمتار، وهي أيضا ساحة للقاء العرب في عاصمة الضباب، وساعد حجم الحديقة على أن تكون ملتقى للزوار، فيما يستغل بعض السياح العرب والدارسين الحديقة في لعب كرة القدم. أما الأكثر ارتيادا لهايد بارك فهي العائلات الخليجية لتناول القهوة العربية والشاي وبعض المأكولات الخفيفة. الشماغ يكسب في واحد من أكبر الأحياء وأفخمها في لندن يوجد محل صغير يرتاده الخليجيون تحديدا من دون العرب فهو مخصص لبيع الشماغ والغتر، وفي ذلك المحل الصغير الذي تتصدر بوابته صورة الزي الخليجي، آلاف الأشمغة والغتر وخلفها وفي مكتب صغير يجلس أبو إبراهيم الذي أكد أن هذه الأشمغة من المصدر الرئيس (المصنع)، وهي نفس الأشمغة التي يتم تصديرها للخليج، وتباع بأسعار عادية جدا.