في الأمر الملكي الذي وجهه الملك عبدالعزيز لابنه الملك فيصل بالموافقة على إنشاء الإذاعة السعودية، التي كانت فكرة الملك سعود (رحمهم الله جميعا) مبادئ، وقواعد، وأخلاقيات، وقيم، ما أجدر الإعلام والإعلاميين بالتوقف أمامها، وهم يستعيدون ذكرى اليوم الوطني، حيث توحدت الأرض، وصين العرض، واتحدت الجهود، وتحققت اللحمة الوطنية، وأصبح الكل يستظل بعلم واحد تعلوه كلمة التوحيد : لا إله إلا الله محمد رسول الله. قال الملك عبد العزيز لابنه فيصل، في الأمر الملكي ذي الرقم (7/3/11/3996) والتاريخ 23 رمضان 1368ه (18 يونيو 1949م) «لقد عرض علينا الجماعة موضوع الإذاعة في جدة»، ويستنتج كاتب هذا المقال أن «الجماعة» المقصودة هنا هم: مستشارو الملك عبد العزيز، ثم حدد كيفية المسؤول عن الإذاعة بقوله: «انتخاب مدير أو مستشار مسؤول أمام الحكومة عن محطة الإذاعة»، ومن ثم حدد مسؤولياته وهي: «ما يذاع فيها، والأعمال الإدارية» فضلا عن أنه حدد مضامين الإذاعة وهي «تهيئة المقالات» وأعتقد أن المقصود مواد الإذاعة، وبرامجها، وأضاف الملك عبد العزيز مضمونا ثانيا هو: «الأخبار التي ستذيعها» واشترط أن تكون مدققة وممحصة، أي خالية من الأخطاء، والارتجال، والعشوائية، وليس ثمة شك أن التمحيص يعتمد على إعمال العقل، ويحمل الكثير من الرصانة، والاعتدال. تأتي بعد ذلك برامج الإذاعة، وفيها قرر الملك عبد العزيز أن تتسم بالتحسين «العمل على تحسين هذه البرامج» واشترط «تمرين المعاونين» أي من يعينون المسؤول الأول عن الإذاعة، بالإضافة إلى تدريبهم، والتدريب الإعلامي هنا وتحديدا عام (1368ه/1949م) لم يكن معروفا أو شائعا لتحسين أداء القوى البشرية، وهي نقطة تحسب لصالح «الملك عبد العزيز» الذي رأى أن التدريب مهم، وثقافة تؤدي إلى التصالح مع النفس، ومع الفكر الذي يؤديه الإعلامي، من خلال الوسيلة الإعلامية التي يوجه من خلالها رسائله إلى المتلقين. انتقل الملك عبد العزيز بعد ذلك إلى قضية مهمة هي: البرامج التي تقدمها الإذاعة، فأمر ابنه الملك فيصل بالإشراف عليها، وتنفيذها بعد موافقته عليها «يوضع برنامج للإذاعة، تشرفون عليه، وينفذ بعد موافقتكم عليه» واشترط الملك عبد العزيز «نشر الأخبار الخارجية كما هي» وشدد على «عدم شتم أحد» وهو ما يسمى في إعلام اليوم أخلاقيات المهنة، وميثاقها، وشرفها، هذا أولا وثانيا «عدم التعريض بأحد» أي تجنب الإساءة، والتجني، والاتهامات الباطلة، وهو ما يمكن عده بمثابة التزام أدبي ومعنوي بالثوابت من الأخلاقيات، والقيم، والمثل، لا سيما أن الإذاعة بدأت إرسالها لأول مرة من مشعر «عرفات» يوم الأحد (9 من ذي الحجة 1368ه/ الأول من أكتوبر 1949م). وينبغي التوقف بعد ذلك، أمام معيار جوهري، من معايير الإعلام الحديث، فكر فيه الملك عبد العزيز في ذلك الوقت المبكر من عمر الدولة السعودية الحديثة، عندما قرر أن يبتعد الإعلام السعودي عن «المدح الذي لا محل له» اقتناعا منه بأن هذا نوع من الدعاية غير المرغوبة، يأباها منطقه، ويرفضها تفكيره، ولا يستسيغ أن يكون منهج إعلامه، وفي تلك الأجواء نأى الملك عبد العزيز أن يصبح الإعلام : سخرة، أو تطبيلا، أو تكون علاقته مع جمهوره غير متكافئة. تبقى بعد ذلك الأخبار الداخلية. وهنا قرر الملك عبد العزيز أن تلتزم بالواقع «يلاحظ في الأخبار الداخلية الواقع».. وأختم هذا العرض بالأسس التي قرر الملك عبد العزيز أن تعتمد عليها الإذاعة، وجاءت في ثلاثة محاور ( القرآن الكريم، المواعظ الدينية، المحاضرات التاريخية عن الإسلام والعرب ). لقد رأى الملك عبد العزيز، أن تركز الإذاعة على ما أطلق عليه في أدبياتها من علاقة المركز بالأطراف. الإذاعة مركز الإشباع، والمتلقون هم الأطراف المقصودون بالإشباع، وهي علاقة تكاملية تكافئية، تمتد إلى المجالات السياسية والثقافية، وجدت بالفعل، واستقرت في العهود التي تلت عهد عبد العزيز .. عهد «سعود» و«فيصل» و «خالد» و «فهد» وها هي تتسع وتنمو في عهد «عبد الله». BADR8440&YAHOO.COM فاكس: 014543856 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 106 مسافة ثم الرسالة