نائب أمير مكة يفتتح غدًا الملتقى العلمي الأول "مآثر الشيخ عبدالله بن حميد -رحمه الله- وجهوده في الشؤون الدينية بالمسجد الحرام"    المياه الوطنية: خصصنا دليلًا إرشاديًا لتوثيق العدادات في موقعنا الرسمي    السعودية تستضيف الاجتماع الأول لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب    ارتفاع أسعار النفط إلى 73.20 دولار للبرميل    وزير العدل: مراجعة شاملة لنظام المحاماة وتطويره قريباً    سلمان بن سلطان يرعى أعمال «منتدى المدينة للاستثمار»    أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    توجه أميركي لتقليص الأصول الصينية    إسرائيل تتعمد قتل المرضى والطواقم الطبية في غزة    الجيش الأميركي يقصف أهدافاً حوثيةً في اليمن    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    أمير الشرقية يرعى ورشة «تنامي» الرقمية    كأس العالم ورسم ملامح المستقبل    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    اختتام معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي    دروب المملكة.. إحياء العلاقة بين الإنسان والبيئة    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    إن لم تكن معي    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصبان .. مسيرة اقتصادية مظفرة وجهود تنموية مثمرة
( الندوة ) تغوص في سيرته تنقل في مناصب المالية حتى تبوأ وزارتها كلما كثر حساده وزادت مؤامراتهم لاذ إلى القاهرة!!
نشر في الندوة يوم 15 - 05 - 2008

الحديث عن مشوار معالي الشيخ محمد سرور الصبان الوظيفي في وزارة المالية متشعب ومثير كيف لا وقد استمر قرابة ستة وعشرين عاماً من عام 1350ه حين عمل رئيساً لقسم التحريرات وحتى عام 1378ه عندما أنهى مشواره بمرتبة باعتباره وزيراً للمالية، ذلك المشوار هو بالتأكيد لم يكن مشواراً مليئاً بالورود والرياحين؛ لأن فيه كثيراً من المحطات التي استوجبت التوقف من حين لآخر ولكنه من المؤكد أنه لولا الظروف التي عاشها وتحملها.. ولولا وجود القيادة الواعية والحكيمة لما استطاع الصبان أن يكون صاحب هذه الشخصية الاقتصادية المؤثرة في تاريخنا الحديث.
ولما كان ذلك المشوار فيه كثير من الاستراحات التي تستوجب التأمل فيها لأهميتها في حياة الصبان وانجازاته ومن ثم انعكاس ذلك على تطور بعض الأجهزة من شعب وأقسام إلى إدارات تطورت فيما بعد إلى وزارات، ولنستطيع استجلاء بعض المواقف الجديرة بالتأمل.
علينا أيضاً معرفة تطور هذا الجهاز المالي المنظم للحياة الاقتصادية للبلاد وهذا يقتضي معرفة تكوين ونشأة هذا النظام أو هذه الإدارة التي لعبت دوراً مهماً في تاريخ تطور المؤسسات الحكومية التنفيذية، وخاصة تلك الإدارات التي تشكلت في رحم هذه الوزارة، ثم خرجت من تحت عباءتها.. ولكي لا يفرض علينا الاستطراد التاريخي لمعطيات تلك المرحلة المهمة في حياة الأمة لكان من المناسب الوقوف عند أهم الإضاءات.
كما يشير الاستاذ هاني ماجد فيروزي المؤرخ المكي ان الشيخ محمد سرور الصبان كان تعيينه في شهر صفر عام 1350ه رئيساً لقلم التحرير بوزارة المالية حيث يؤكد هذا ما يتمتع به الصبان من ثقة وتقدير من قبل جلالة الملك عبدالعزيز رحمه الله لما قام به وأنجزه الشيخ الصبان في أعمال المؤتمر الوطني والذي كان لمقترحاته وأسلوب صياغته دور في ما أنجزه المؤتمر الذي عقد في القصر الملكي بمنى قبل تعينه شهر محرم 1350ه ولما كانت وزارة المالية بعد في طور تكوينها وتحولت إلى مديرية للمالية ثم إلى وكالة وأن هيكليتها الإدارية تتمثل في مالية مكة وأمانة الأحوال في جدة نظراً وما رفعته هيئة المؤتمر الوطني من توصيات، منها اللجنة الاقتصادية التي أسندت إدارتها للشيخ محمد سرور الصبان، ولما كانت تلك التنظيمات المالية قد كتبت بشكل مالي منظم وبأسلوب راق.. رأى الملك عبدالعزيز بثاقب فكره تكليف وتعيين الشيخ محمد سرور الصبان ضمن إدارة الجهاز المالي وتكليفه بتطبيق ما جاء في تقرير المؤتمر الوطني. دون أن يؤثر على موقع الشيخ عبدالله السليمان الذي يتمتع بمكانة وثقة خاصتين لدى جلالته في الوقت الذي حرص الملك على الاستفادة من كل القوى والكوادر الوطنية القادرة على الإسهام في خدمة هذا الوطن الغالي الذي بدأ يأخذ دوره الطبيعي بين الدول المستقلة. وانفاذاً للإرادة الملكية الكريمة تم تعيين الشيخ محمد سرور الصبان (رئيساً لقلم التحريرات) بوزارة المالية في شهر صفر عام 1350ه كما ذكر عبدالله عريف الذي رجح أن هذه الإدارة قد استحدثت بما يناسب والهدف الذي عين من أجله الصبان، وسبب هذا الترجيح أن تنظيم الإدارات المالية السابقة لم يكن يتطلب مثل هذه الإدارة، في الوقت نفسه إن بساطة التنظيم كانت تقتضي من مدير مكتب وكيل المالية ثم وزيرها الكتابة بما تم في ذلك من توجيه؛ ولهذا نجد أن قلم التحريرات أصبح هو المعني بكتابة وصياغة الأوامر والتعليمات والتنظيمات المراد إرسالها إلى فروع الوزارة والإدارات التابعة لها.
وبعد ذلك عين الشيخ الصبان مديراً لإدارة الوزارة وكان يحتل المركز القيادي الثاني بعد وزير المالية الأمر الذي مكنه من لعب دور أكبر في تنظيم الإجراءات المالية حيث أصدرت الوزارة في تلك الفترة قرارات متلاحقة أحدثت كثيراً من التغييرات على أجهزة الوزارة في الحجاز والمقاطعات الأخرى استهدفت تحسين موارد الدخل بعد اكتشاف البترول. غير أن هذه الفترة شهدت موقفاً من مواقف الاختلاف في وجهات النظر وطريقة التطبيق بين معالي وزير المالية الشيخ عبدالله السليمان الحمدان وبين مدير عام وزارة المالية الشيخ محمد سرور الصبان. وجاء هذا الخلاف نتيجة التدخلات الخارجية من المنتفعين من هذه الخصومة. وكانت أيضاً تنعكس على صدور قرارات مناقضة لما سبق وأن صدر به قرار مما أربك الدوائر المالية وجعلها عاجزة عن التأقلم والتكيف مع الوضع الإداري والمالي.
في الوقت نفسه سعى بعض المستفيدين إلى إقناع معالي وزير المالية إلى استقدام خبير مالي من سوريا هو الخبير المالي (خيري عبدالهادي) وذلك لوضع تنظيم يمكن به حد لصلاحيات الشيخ محمد سرور الصبان، الذي كان يغادر البلاد كلما حدثت بينه وبين معالي وزير المالية أزمة من هذا النوع، ويقضي معظم وقته في مصر إلى أن تنقشع الغمة وفي هذا يقول الشيخ محمد علي مغربي (أعلام الحجاز) بقي الشيخ محمد سرور الصبان في منصبه مديراً عاماً لوزارة المالية وتقلبت به الأيام في هذا المنصب علواً وسفلاً. فإذا كان الرضا عنه كانت له السلطة والتصرف، وإذا أغضى عنه وحل محله من ينال ثقة الوزير الشيخ عبدالله السليمان بقي محمد في منصبه أو سافر إلى الخارج ينتظر تغير الأحداث.
وعلى كل فإن جهود ضيفنا الشيخ محمد سرور الصبان كانت واضحة المعالم في هيكلة وزارة المالية في عهده وقد شهدت تلك الفترة كثيراً من تطوير أجهزة وزارة المالية التي ربط بها عدد من الإدارات المالية ذات الفائدات المالية؛ وذلك لتنظيم الحسابات والقيودات المالية وتنظيم تلك العائدات التي تشكل الركيزة الأساسية لميزانيتها.
وبعد أن شهدت الوزارة العديد من التطورات الجديدة وارتباط الحج والإذاعة بمدير عام المالية ما بين عامي 1365 1373ه صاحبت تلك التطورات واعطيت صلاحيات واسعة لمعالي الشيخ محمد سرور الصبان ليس هنا موضوع ايضاحها ولكن يمكن ايجازها فيما يلي:
أولاً في عام 1365ه صدر القرار الوزاري رقم 26/2/1365ه وأوضح هذا القرار الهيكل الجديد للوزارة والإدارة العامة والذي نص على تعيين الشيخ محمد سرور الصبان مدير المالية العامة وعين مساعداً له الشيخ إبراهيم اسلام وتعين الشيخ محمد شلهوب رئيساً للمجلس المالي وكذلك الشيخ حامد كعكي الذي عين رئيساً لديوان المالية والشيخ حسين جستنيه مراقباً عاماً.
وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وما أثرته من نتائج على كافة ظروف الحياة في المنطقة اقتضت المصلحة إعادة تنظيم بعض الإدارات والشعب والأقسام وتطويرها ورفع كفاءتها إلى مديريات، وبعضها استحدث لما اقتضته الحاجة، وفي عام 1365ه أنشئت إدارتان مهمتان وألحقتا بوزارة المالية وهما: ديوان الموظفين العام 1365ه 1945م. والمديرية العامة لشؤون الحج 1365 1945م وكانت مديرية شؤون الحج.. قد أصبحت ضمن إدارة وزارة المالية وتحت إشراف مباشر من وزير المالية وإدارة مدير عام وزارة المالية الشيخ محمد سرور الصبان.
بعد ذلك تطورت هذه المديرية من مكتب للحج والدعاية إلى لجنة لإدارة الحج والمطوفين ثم المديرية العامة للحج والإذاعة حتى عندما شكلت أول وزارة في عهد الملك سعود وترأسها سمو ولي العهد الأمير فيصل وجعل الإشراف العام على المديرية العامة للحج بعد أن استقبلت الإذاعة بمديرية لوحدها وبقيت مديرية الحج تحت إشراف معالي الشيخ محمد سرور الصبان. واستمر وضع المديرية إلى عام 1380ه عندما طلب وزير المالية إلحاقها بوزارة الداخلية باعتبار أن معظم أعمال المديرية أعمال أمنية.
كما أضيف إلى وزارة المالية بعض الإدارات ومهامها مثل: مكتب العمل في عام 1366ه وإدارة الزراعة في عام 1367ه، بالإضافة إلى ارتباط الإذاعة في وزارة المالية في عام 1368ه بعد أن رفع سمو ولي العهد الأمير سعود إلى والده جلالة الملك عبدالعزيز طلب إنشاء إذاعة في جدة وأنه قد تم تكليف معالي الشيخ عبدالله السليمان وزير المالية بتمثيل المملكة في مفاوضاتها مع (شركة انترناشيونال ستاندر الكترونيك كوربورشن) وهذه الشركة هي إحدى شركات (الشركة العالمية للتلفزيون والتلغراف) (I.T.T) وقد تم توقيع العقد في مبنى السفارة السعودية في القاهرة في 13/7/1368ه حيث صدر في 23/9/1368ه المرسوم الملكي من الملك عبدالعزيز آل سعود إلى جناب المكرم الابن فيصل سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
لقد عرض علينا الجماعة موضوع الإذاعة في جدة، ونحن نرى فيها ما يأتي: أولاً: ينتخب مدير ومستشار أمام الحكومة عن محطة الإذاعة وما يذاع فيها، وعن الأعمال الإدارية وهي تهيئة المقالات والأخبار التي ستذيعها وتدقيقها وتمحيصها والعمل على تحسين هذه البرامج، وتمرير المعاونين وتدريبهم على هذه الأعمال. ثانياً: يوضع برنامج للإذاعة تشرفون عليه وينفذ بعد موافقتكم عليه. ثالثاً: يلاحظ في البرنامج: (أ) نشر الأخبار الخارجية كما هي، وإنما يلاحظ عدم شتم أحد أو التعرض بأحد أو المدح الذي لا محل له. (ب) يلاحظ في الأخبار الداخلية عاداتنا في السكوت على ما اعتدنا السكوت عليه. ونشر ما اعتدنا نشره. (ج) ينظر فيما يمكن إذاعته من القرآن الكريم، المواعظ، والمحاضرات التاريخية عن الإسلام والعرب.. يكون معلوماً والسلام. حرر في 23 رمضان المبارك 1368ه 19/7/1949م. عبدالعزيز.
وفي يوم 9 ذي الحجة عام 1368ه 1 أكتوبر عام 1949م بدأ البث الإذاعي بكلمة جلالة الملك عبدالعزيز التي ألقاها بالنيابة عنه سمو الأمير فيصل نائب جلالته في الحجاز. وقد استعانت الإذاعة في تلك الفترة بالخبرات المصرية.. وقد أوكل معالي وزير المالية مهمة الإشراف على الإذاعة إلى الشيخ محمد سرور الصبان (وكيل وزارة المالية) وفي عام 1372ه صدر أمر سمو ولي العهد الأمير (الملك) سعود بن عبدالعزيز رقم (150) وتاريخ 1/2/1372ه الموافق 20/10/1952م القاضي بدمج مديريتي الحج والإذاعة التابعتين لوزارة المالية في مديرية واحدة، وبعد شهرين من صدور الأمر المشار إليه كلف الشيخ محمد سرور الصبان (مستشار) وزير المالية بالإشراف على المديرية بالإضافة إلى عمله.
وقد شهدت الإذاعة في هذه الفترة استقراراً مالياً وإدارياً أسفر عنه تطور واضح في حقلي الإدارة والبرمجة.
في 17/6/1374ه 10/2/1955م صدر المرسوم الملكي رقم 7/3/16/1007 يقضي بإنشاء مديرية عامة للإذاعة والصحافة والنشر.
وبعد أن اقتضت الأعمال في وزارة المالية التي كانت تمثل الجهاز الحكومي العام إلي تطوير متطلبات العمل الإداري والأقسام العامة ضمن نطاق الوزارة وتحويلها إلى إدارات وهيئات خلال الفترة التي كان فيها الشيخ محمد سرور الصبان حيث كان صاحب الرأي والقرار الذي يتقبله معالي وزير المالية الشيخ عبدالله السليمان. بدءاً من إعادة هيكلة الوزارة عام 1352ه ومروراً بالتنظيمات الداخلية لوزارة المالية 1356ه 1937م التي صدرت بها الموافقة السامية رقم 84/1/5 في 19/1/1356ه (معهد الإدارة العامة والوثائق) والتي بموجبها أعطيت لمدير عام المالية الكثير من الصلاحيات التي تجعله المرجع لكل الماليات في المملكة وهو الأمر الذي أثار أحقاد البعض ضد الشيخ محمد سرور ومنهم ممن كان للشيخ عليه يد فيما وصل إليه من مناصب، وهو الأمر الذي استدعى استقدام الخبير المالي السوري (خيري عبدالهادي) ليمثل الإدارة المالية الأخرى لإدارة الشيخ محمد سرور الذي استفاد من المدرسة المصرية وخاصة مدرسة (طلعت حرب) الأمر الذي أدى إلى إرباك كثير من الإدارات المالية عند تطبيق تنظيمات القيود المحاسبية وتطبيق نظام الجباية، والكفالات مما دفع إلى تأسيس ديوان المأمورين وديوان العوائد (المقررات) بالقرار الوزاري رقم وتاريخ 30/1/1358ه (محمد توفيق صادق) وديوان المستودعات العام بالقرار الوزاري رقم 394 في 1/2/1358ه. واستمرت هذه التغيرات لتكون الجبهة الوحيدة التي تودع فيها وتصرف منها ايرادات الدولة وتتولى إصدار العملة و أن تحل محل الخزينة العامة.
وتحقيقاً لهذه الأهداف صدر المرسوم الملكي رقم 30/4/1/1046 في 25/7/1371ه يقضي بتأسيس مؤسسة النقد العربي السعودي كما صدر المرسوم الملكي رقم 30/4/1047 في 25/7/1371ه يقضي بالموافقة على نظام المؤسسة في 12 مادة. نشرته جريدة أم القرى في عددها 1411 الصادر في 8/8/1371ه والتي كان من أول أعمالها إصدار أول عملة ورقية سعودية عرفت باسم (ايصالات الحجاج) التي بدأ تداولها في 18/11/1372ه 29/7/1953م وأصبح الجنيه السعودي الذهب من العملات العالمية القانونية اعتباراً من 3/2/1372ه 25/10/1952م وكان مساوياً للجنيه الإنجليزي المعروف والمتداول من حيث الوزن وتفاوته، وأصبح الجنيه السعودي هو المتداول في السوق وبسعر صرف قيمته أربعون ريالاً سعودياً وحل تدريجياً محل الجنيه الإنجليري.
مما تقدم ومن تواريخ الإجراءات يتضح لنا أن الشيخ محمد سرور الصبان لعب دوراً رئيسياً في كثير من تلك القرارات والإجراءات لما كان يتمتع به من صلاحيات واسعة أعطيت له من معالي وزير المالية الشيخ عبدالله السليمان الجمراني وبمباركة ورضا من المقام السامي خاصة في الفترات التالية: الفترة الأولى من عام 1352 1358ه عندما كان مديراً للإدارة المالية. الفترة الثانية من عام 1360 1368ه خاصة بعد صدور نظام وزارة المالية عام 1365ه الذي أعطاه الصلاحيات الكاملة باعتباره مديراً للإدارة العامة. الفترة الثالثة من عام 1369 1372ه عندما أصبح وكيلاً لوزارة المالية ووزيراً مفوضاً ومستشاراً لوزير المالية.
وكانت هذه الفترات تمثل أزهى الفترات الإدارية والسلطوية التي تمتع بها الشيخ ولولا حنكته الإدارية ومهاراته وخبراته لما استطاع تقلد هذه المناصب التي سببت له كثيراً من الخصومات العنيفة وإن كان معظمها مستتراً عن المواجهة مؤثراً في كثير من المواقف التي أثرت على أداء الشيخ وتسببت في التوازن وأخرت كثيراً من التطور الإداري.
وزارة الاقتصاد
بعد أن تجاوزت المملكة آثار أزمة الحرب العالمية الثانية بسلام أعيد تشكيل الإدارة العامة لوزارة المالية بموجب القرار الوزاري رقم 26 في 26/2/1365ه ليصبح تشكيل الإدارة العامة على النحو التالي:
1 الشيخ محمد سرور الصبان مدير المالية العامة. 2 الشيخ حسين جستنيه المراقب العام.
وفي ضوء التطوير المستمر لإدارات المالية استحدث عام 1367ه 1947م مكتب لمراقبة النقد، ومهمة هذا المكتب هي تطوير احتياجات المملكة من البضائع المستوردة، وتحديد أنواع المنتجات المحلية التي يسمح بتصديرها، ويقوم بإصدار رخص الاستيراد والتصدير للراغبين العمل في هذا المجال ولما كان العمل جارياً بتطوير وزارة المالية حسب اقتضاء الأمر، ولما كانت علاقات المملكة الاقتصادية في تطوير مستمر مع العالم الخارجي وجد الشيخ محمد سرور الصبان بغيته في إقناع معالي وزير المالية بضرورة تطوير هذا المكتب وتحويله إلى شعبة للشؤون الاقتصادية وما لبثت أن تطورت هذه الشعبة إلى ديوان (مجلس) اقتصادي بموجب القرار الوزاري رقم 518 في 6/11/1370ه وتكليف الشيخ (حسين جستنيه) المراقب العام بإدارة هذا الديوان ليصبح مسماه الوظيفي (مستشار وزارة المالية للشؤون الاقتصادية) وكلف بتشكيل الديوان واستطاع الشيخ محمد سرور الصبان أن يلعب دوراً مؤثراً في تشكيل الديوان (المجلس) خاصة وقد أصبح وكيلاً لوزارة المالية ووزيراً مفوضاً ومستشاراً لوزارة المالية الشيخ عبدالله السليمان إلى أن الشيخ محمد سرور يسعى إلى إنشاء وزارة للاقتصاد والاستقلال بها دون وزارة المالية. فعين الشيخ (أحمد موصلي) وهو الذي شغل فترة طويلة مديراً لمكتب معالي الوزير وكيلاً مساعداً لشيخ (أحمد جستنيه) ليكون على إطلاع بأي تشكيلات في هذا الشأن إلى أن صدر الأمر السامي رقم 140 في 29/1/1372ه يقضي بتشكيل مجلس اقتصادي برئاسة معالي وزير المالية. وعضوية كل من وكيل وزارة المالية (الشيخ محمد سرور) ووكيل وزارة الخارجية ورئيس ديوان النيابة العامة. ورئيس ديوان وزير الخارجية والنائب الثاني لرئيس مجلس الشورى ومستشار وزارة المالية (حسين جستنية) ووكلاء وزارة المالية المساعدين لشؤون الاقتصاد (أحمد موصلي) ولشؤون الشركات والمعادن ومدير عام الجمارك ومدير الأشغال العامة. وأمين العاصمة ورئيس الغرفة التجارية بجدة ومدير المالية العامة بالوزارة.
في شهر شوال عام 1372ه صدر المرسوم الملكي رقم 9443 في 22/10/1372ه يقضي بإنشاء وزارة للاقتصاد وأسندت مهام الوزارة الجديدة لمعالي الشيخ عبدالله السليمان إلى جانب وزارة المالية، فعين الشيخ (أحمد موصلي) وكيلاً لوزارة الاقتصاد.
وبذلك التاريخ أنشئت وزارة الاقتصاد وزارة مستقلة مرتبطة بمعالي وزير المالية حتى تاريخ استقالة الشيخ عبدالله السليمان الحمدان من مناصبه في 10/8/1372ه وسافر إلى الهند في رحلة علاجية وبقي الشيخ محمد سرور الصبان يدير الوزارتين حتى أدمجتا في أول تشكيل وزاري في عهد الملك سعود في 6/1/1373ه 4/9/1954م لتصبحا وزارة واحدة بمسماها الجديد (وزارة المالية والاقتصاد الوطني) وأصبح الشيخ محمد سرور الصبان أول وزير لها بموجب المرسوم الملكي رقم 12/1/126 في 6/1/1374ه.
رغم استقلال الحجاز عام 1334ه عن الحكم التركي غير أن أسلوب المخاطبات الإدارية استمر يحمل الكثير من ذلك الطابع التقليدي المليء بالألفاظ والعبارات الكثيرة التي بها أوصاف التبجيل والتعظيم دون أن تصل إلى المراد الحقيقي بشكل واضح. ثم أصبحت المخاطبات تكتب في كثير من الظروف من المسؤول الأول في الدولة أو من يكلفهم بذلك ولهذه الخطابات طابعها الذي لا يختلف كثيراً عن سابقاتها وإن كانت أفضل بتخلصها من كثير من المفردات التركية؛ لكنها مازالت تحتفظ بصيغ الجمع في المخاطبات. وعندما أصبح الحجاز تحت الإدارة السعودية حدث تغير في نمطية الخطابات والمخاطبات الرسمية حسب نوعية الجهة المرسل إليها تلك المخاطبات. وهذا المنهج في المكاتبات فرضته الظروف الحتمية. فقد كانت مخاطبات الملك عبدالعزيز في معظمها موجهة إما إلى شيوخ القبائل وإما مخاطباً بها أفراد الرعية. لذلك جاء تدوين تلك التوجيهات بحسب ما تلفظ به جلالته. وبحسب إدراك القارىء لتلك الألفاظ وكأنه يسمع فيها صوت الملك عبدالعزيز وهو يبلغه تلك التعليمات مباشرة. وإني لأ تطلع إلى يوم تجد فيه تلك الرسائل والمخاطبات من اهتمام الباحثين ما يمكننا من الاطلاع عليها وعمل دراسات عنها لما تتميز به من بساطة في الأسلوب وتلقائية في اختيار المقررات وحزم كثير من الأمور ووضع في إبلاغ التعليمات وهي جديرة بالدراسة وسوف تكشف لنا أسراراً كثيرة وتجسد لنا منهجاً يمثل مرحلة مهمة من تاريخ بلادنا. أما أسلوب المخاطبات الخارجية فقد كلف بها عدد من السوريين الأحرار الذين قدموا في معية جلالته مثل الشيخ يوسف ياسين الذي أصبح وكيلاً للخارجية. وفؤاد حمزة الذي استدعي ليتولى شؤون التحرير وكذلك خير الدين الزركلي. وغيرهم ولما كانت المالية من أهم الإدارات التي تتركز عليها توجيهات الملك عبدالعزيز لهذا أختير محمد سرور الصبان للعمل في وزارة المالية سعياً إلى تحسين أدائها وأسلوب مخاطباتها فكان تعيينه (مديراً لقلم التحريرات).
قلم التحريرات: أي قسم التحريرات ومصطلح قلم هو مصطلح عثماني تم تمصيره ثم أصبح معمماً علي كثيراً من الإدارات مثل قلم المرور، قلم المباحث. وغيرها من الإدارات.
وقلم التحرير يعني في واقع الأمر السكرتارية العامة أو الإدارة العامة للاتصالات فمهامها إعداد المذكرات والخطابات الموجهة من الوزير أو الوكيل إلى أي جهة كانت بما في ذلك التعيينات والترقيات. وهي بذلك كانت تمثل أيضاً المكتب السري. وكان يشترط فيمن يقبل في هذا القسم أن يكون ملماً بالأدب وحسن الخط. إذ إن الكاتب هو المسؤول عن تحرير أو تبييض الخطاب قبل دخول (الآلات الكاتبة) وكان هناك تنافس بين الموظفين في هذا القسم على جمال الخطوط.
بعد أن عين الشيخ محمد سرور الصبان في هذه الإدارة أخذ يختار لها من يعرف عنهم حباً للأدب أو جمالاً في الأسلوب إلى جانب حسن الخط. ولا غرابة في ذلك فالشيخ محمد سرور الصبان هو أول وأبرز رواد الأدب في الحجاز واستطاع استقطاب عدد من رواد الأدب في الحجاز من رفاق الصبان وزملاء السجن وفي مقدمتهم الأديب الشيخ عبدالوهاب آشي الذي أصبح فيما بعد رئيساً لقلم التحريرات عندما أصبح محمد سرور الصبان مديراً لإدارة المالية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.