امتزجت في لوحات الفنان سلطان الناصر التشكيلية التقنية الحديثة بالتشكيل اليدوي في أكثر من 11 عملا من فنون «البوب أرت» دعا لها النقاد والمتذوقون للفن التشكيلي في معرضه الأخير «المزامير» الذي يحتضنه مركز تياترو مول جدة. المعرض الذي ضم الكثير من العناصر التي تثير القدرة البصرية لدى المتلقي بثرائها وتنوعها لامست المشاعر مباشرة دون الحاجة إلى شرح من قبل الفنان، ففكرة المعرض كما قال الناصر تتمحور حول رسالة شكر مختلفة وعميقة أراد تقديمها لمجموعة من القراء والأئمة لما جذروه من قيم دينية أصيلة في تزاوج بين التفكير المختلف والقيم المتجذرة. الناصر اختار في لوحات معرضه عددا من المشايخ والقراء ممن أضاءت أصواتهم العذبة وهم يقرأون القرآن الكريم مشاعل أرواحنا لعقود من الزمن أمثال: الشيخ عبدالله الخليفي، الشيخ أبو العنين شعيشع، الشيخ عبدالباسط عبدالصمد، الشيخ عبدالله خياط، الشيخ محمد رفعت، الشيخ زكي داغستاني، الشيخ محمود الحصري، الشيخ جميل دقنه، الشيخ عبدالظاهر أبو السمح، الشيخ عبدالرحمن السديس، والشيخ مشاري العفاسي. أعمال الناصر كاتب المقال الأسبوعي في «عكاظ» (تخاريف فنان) ظهر فيها ابتكار فني وأسلوب مثير للإعجاب، محاولة أراد منها الناصر إيجاد فن رفيع مستخلص من القيم والمواقف وخصائص الثقافة الجماهيرية في المجتمع الاستهلاكي، كما هو الحال في إثاراته الفنية في مقاله الأسبوعي. إن المتأمل في أعمال الناصر يجد ردا على الإسفاف التجريدي العبثي الذي أصاب الحركة الفنية أخيرا متجها بكل قوه إلى فنون عالم البوب أرت للبحث على الأساليب الذاتية البحتة في الفن ليفهمه الجميع ويفك رموزه كل متلق للفن بعيدا عن الرموز غير الواضحة وغير مفهومة في كثير من الفنون الأخرى. وفي زاوية يتلمس القارئ لأعمال سلطان الناصر تركيزه على تدرجات الألوان المعروفة، مع إضافة لمسة طيف خفيف من لون آخر، وقد نجد لوحة زرقاء تنتمي إلى سلسلة من اللوحات أحادية اللون، ولوحة أخرى توزعت فيها ثلاثة ألوان هي الأحمر والأخضر والأصفر مستخدما الكلاين في رسم هذه اللوحات وهي أكثر أنواع أدوات الرسم بساطة.
كما اعتمدت أعمال سلطان الناصر في المعرض على تضخيم التفاصيل، مطعمة بألوان أساسية صارخة، مع خطوط واضحة في تناقضات ذات حرفية عالية بين الخطوط تجعلنا نكتشف ملامح الفن الحديث عند سلطان الناصر انطلاقا من معرضه «مزامير»، مختصرا مهمته في تكوين صور المشايخ وربطها بجماليات الخط العربي والألوان، معلنا عن أسلوبه الخاص الذي يفتح آفاقا جديدة لفن يعد غريبا على العالم العربي. معرض «مزامير» حتما يجعلنا نقول إنه لا بد من تطوير هذه التجربة والوقوف على جمالياتها لتحمل إضافات جديدة وأفكار خاصة بها، تنطلق من أحاسيس ذلك الفنان الذي يحمل الكثير من القيم الأخلاقية والجمالية. يذكر أن سلطان إدريس الناصر حاصل على بكالوريوس الفنون الجميلة من الولاياتالمتحدةالأمريكية، وشارك في عدة معارض للفن الحديث في أمريكا، إضافة إلى أنه عضو جمعية تكسس للفنانين التشكيليين، وجمعية الفنون التشكيلية في جامعة ساوث وست تكسس.