بيروت - أ ف ب - لا يزال عدد الفنانين التشكيليين اللبنانيين الذين يعتمدون ال «بوب آرت» في لوحاتهم قليلاً، إلا ان معظم الرسامين الشباب يستوحون أجواء هذا النمط الذي بات مطلوباً من قبل هواة جمع اللوحات محلياً، وتفتح صالات العرض أبوابها لرساميه، اللبنانيين منهم والأجانب. ألوان صارخة صاخبة وموضوعات مستقاة من الثقافة الشعبية الشائعة مثل الإعلانات والكتب الهزلية المصورة والكاريكاتور والسينما منفذة بتقنيات فنية مختلفة، هي التي تحدد سمات هذة الحركة الفنية. ويقول الفنان التشكيلي اللبناني والكاتب شارل شهوان: «علبة الحساء مثلاً حوّلها البوب آرت الى فن، وأي لوحة إعلانية جميلة على الطريق يمكن ان تكون موضوعاً للبوب آرت». ويعتبر أن ال «بوب آرت» ساهم في «تقريب الفن الى الجمهور بعدما كان بعيداً عن الناس، وكانوا ينفرون منه، وجعل الناس يشعرون بأن الفن موجود في حياتهم». ويرى شهوان أن هذا النمط يدعو الناس «الى رؤية الجمال في الاشياء»، موضحاً أن «الفن موجود في كل شيء يمكن ان نراه. والبوب آرت أجمل مقاربة للفن الحديث، يتعلم الناس عبره ان يروا، ولا محرمات فيه». ويقول الرسام اللبناني تيو منصور في هذا الصدد: «أخذ الرسام عموماً حريته عبر البوب آرت بعد الحرب العالمية الثانية، وفي الستينات مع الرسام الاميركي أندي وارهول. ومنذ ذلك الحين لم يعد أحد يمكن ان يضع الرسام في اطار محدد». حضور هذا الفن اليوم في لوحات بعض الفنانين التشكيليين اللبنانيين لا نجده في الألوان الفاقعة، والأشكال المبهرة فحسب، بل في الموضوع التي تعبر عنه اللوحة. ويفيد شهوان بأنه «يمكن للبوب آرت أن يدخل في السياسة أيضاً، وليكون خاصاً يجب أن يدل على شيء له علاقة بالمدينة إجمالاً». وكان معرض شارل شهوان الاخير خير دليل على هذا النمط، اذ عالج حرب الشوارع وابتكر شخصيات متشابهة بشعرها الطويل وجسمها النحيل، تحمل البنادق في لوحات، وآلات موسيقية في لوحات اخرى، مازجاً بين الموسيقى وايقاع الرصاص في الشارع، موجهاً تحية الى فرقة «رولينغ ستونز» وبوب ديلان. ويرى شهوان «ان مفهوم البوب آرت معقد بعض الشيء، اذ لم يعد هناك أسلوب واحد في الرسم حالياً، وتداخلت الأساليب كلها. والتعبير في البوب آرت قد يكون عبر استخدام الالوان الصاخبة فقط، لكن موضوع اللوحة والاشكال التي تتضمنها قد لا تندرج ضمن هذا الفن». ولا يضع الرسام اللبناني تيو منصور نفسه كلياً في خانة ال «بوب آرت»، لكن مواضيعه التي تتعدد، من الرومانسية مروراً بالحروب والجثث، تدفعه الى أن يقول: «في مكان ما لست بعيداً من البوب آرت، لأنه ينقل الواقع». وتُدخل كارمن غولداليان الرسم على الصور الفوتوغرافية عبر تقنية «فوتو شوب»، محافظة على ألوان «البوب آرت» الصاخبة. وتشرح: «اضافة الى الفوتوشوب، أحبّ الناس كثيراً البورتريهات التي أرسمها بالأكريليك في إطار حديث. أكتب أبرز صفات شخصيّة صاحب كل بورتريه، وأجعل اللوحة تعبّر عن طبيعته في الحياة وأذواقه الخاصة». غير إن كارول شهاب، مديرة غاليري «اجيال» التي انطلقت قبل 20 عاماً، وتساهم منذ سنتين بإطلاق الرسامين الشباب، تقول إن «الاقبال على هذا النمط هو مسألة ذوق، فالبعض يحبه والبعض الآخر يفضل نمطاً مختلفاً». وتعتبر اسعار لوحات «البوب آرت» في لبنان متدنية مقارنة بأوروبا، اذ قد يراوح سعر اللوحة بين 500 دولار و15 الف دولار، والسعر تحدده شهرة الفنان، وعدد المعارض الذي شارك فيها، على ما يؤكد شهوان.