ترتفع أصوات «الكدادة» العاملين على سياراتهم الخاصة في رمضان، وبمجرد الاقتراب من أماكن تواجدهم في مواقف كيلو 10، أو أمام محطة النقل الجماعي وسط البلد في جدة، حتى يتناهى إلى المسامع صياحهم وهم ينادون: جازان، مكة، الطائف، صبيا، المدينة والرياض، وكل يتسابق من أجل الفوز براكب. طويلا تحت الشمس عقارب الساعة تشير إلى الواحدة بعد الظهر، أحدهم يحمل علبة مناديل في يده لتجفيف عرقه الذي سال من الوقوف تحت الشمس، يدعى موسى السلمي أحد الكدادين على الخطوط الطويلة، تخرج في جامعة الملك عبدالعزيز منذ عامين، إلا أن عدم الحصول على وظيفة والظروف، أجبرته على الوقوف لساعات في مواقف الركاب. يقول: أعاني منذ تخرجي من البحث عن عمل، طرقت كل الأبواب، ولم أترك بابا في قطاع عام أو خاص إلا وطرقته، ومع ذلك لم أيأس، فقررت استئجار سيارة والعمل عليها في توصيل الركاب خلال رمضان. وأضاف: هذه مهنة متعبة تتطلب الصبر والانتظار، وفي ذات الوقت يتوجب الحذر من القسائم المروية التي تلاحقنا ونعجز عن سدادها. فصلت من عملي سرحان البقمي، لم يجد من مصدر دخل آخر له، سوى تحميل الركاب، بعد أن قررت الشركة التي كان يعمل لديها الاستغناء عن أكثر من 30 موظفا لديها. من هنا بدأت المعاناة كما يقول، وحاولت مع عدد من زملائي العودة إلى العمل في الشركة، وتقديم شكوى إلى مكتب العمل لإنصافنا من بعض القرارات التعسفية، غير أن محاولاتنا باءت بالفشل بدعوى أن الوضع المالي للشركة يحتم فصلنا. وبعد ترك العمل لم أجد سوى هذه المهنة المتعبة والمكلفة في نفس الوقت، وعليك إذا أردت العمل هنا أن تبحث عن الراكب، وأن تحذر المرور، حيث لا يسمح النظام للسيارات الخاصة بنقل الركاب، يتوجب الحذر من الحصول على مخالفة ودفع غرامة «تحميل ركاب». متطلبات الحياة سعيد القحطاني دفعته ضغوط الحياة، لتوصيل الركاب من جدة إلى مكة أو الطائف. يقول: دخلي من الوظيفة بالكاد يفي بمستلزمات أسرتي، وأقساط السيارة، ودفع الإيجار، أضف إلى ذلك ازدياد المصروفات في رمضان. وظيفة صيفية أما الشاب ماجد الكثيري، الذي كان ينادي على الركاب: مكة.. مكة، فضفض عن معاناته قائلا: أنا طالب تمريض أحصل على مكافأة ألف ريال، لا تغطي حتى مستلزمات الدراسة، ولذلك أحرص على الكد على سيارتي حتى أكمل مصاريف الأسرة، وذلك بعد أن فشلت كل محاولاتي في الحصول على إحدى الوظائف الصيفية التي أعلنت عنها وزارة العمل، فقررت تحميل الركاب وقد ازدادت علي المخالفات المرورية حتى وصلت ثلاثة آلاف ريال كلها «تحميل ركاب». البحث عن راكب لا يختلف صالح عيسى عن زميله السابق في تحميل الركاب بعد أن مل البحث عن وظيفة. يقول: استأجرت سيارة ب 2200 ريال، حيث هذه هي الوسيلة الوحيدة للحصول على عمل. ويروي محمد الشريف أنا متزوج ولدي أولاد ومنذ 3 أعوام، و أنا أعمل في تحميل الركاب، ومنذ تخرجي في الثانوية عام 1425 ه وأنا أبحث عن فرصة وظيفية فلم أجدها، وما دفعني للخروج للعمل في هذه الأجواء الحارة وأنا صائم إلا الحاجة. المخالفات المرورية في الجانب الآخر كان علي القرني ينتظر منذ وقت مبكر، حيث مشواره إلى مكة، قائلا: أعول أسرة كبيرة، وأجبرتني الظروف على هذه المهنة حتى تسير الحياة ولا نحتاج أحدا، وعملي في تحميل الركاب من جدة إلى مكة بأجرة 15 ريالا للفرد، أي ب 75 ريالا للمشوار، ولا شيء يضايقنا سوى ملاحقة المرور وإعطائنا المخالفات التي أنهكتنا كثيرا، كان آخرها قسيمة ب 300 ريال، أضف إلى ذلك أنه في بعض الأحيان لا يوجد تنظيم في المنطقة.