يتصيدون القادمين من رحلات مطار الملك خالد الدولي بالرياض ويهمسون لهم "مشوار؟" و"سيارة يا الطيّب?" للظفر ببعض الركاب والحصول منهم على بضع عشرات من الريالات نظير توصيلهم لوجهتهم داخل العاصمة بعد عودتهم من السفر جواً. هؤلاء هم بعض طلاب الجامعاتِ والشبابِ العاطلين الذين دفعتهم الحاجة ليكونوا "كدّادين"، مستخدمين سياراتهم الخاصة من وإلى المطار كونه وجهة مناسبة يمكن من خلالها الحصول على الركاب لجمع "قوت اليوم" لا أكثر. "الوطن" استطلعت هذا النشاط في مطار الملك خالد بالرياض، حيث تبدأ الرحلة بإيقاف هؤلاء الطلاب والشباب سياراتهم في مواقف السيارات الخاصة بالمطار والوقوف أمام بوابات خروج المسافرين القادمين لعرض خدمة توصيلهم، فيظفرون بركاب مقابل مبلغ مالي معدّله 50 ريالاً للمشوار الواحد. وخلال الجولة رصدت "الوطن" وقوفهم خارج الصالات وحرصهم على التخفّي عن أنظار كل من إدارة المطار والمرور وعن سائقي سيارات الليموزين النظاميين خوفاً من الإبلاغ عن نشاطهم. كما امتنع غالبية من التقيناهم عن الحديث وبعضهم رفض نشر اسمه أو صورته قائلين: "فكّنا.. لا يمنعوننا "، وأضافوا "يكفي أننا ملاحقون بالمخالفات والمنع من تحميل الركاب"، مطالبين الجهات المعنيّة بالنظر في وضعهم، بحيث يسمح لهم بالبحث عن رزقهم في هذا النشاط الذي يحتكره الوافدون. وقال أحدهم ويدعى عبدالله العتيبي إنه يدرس في المرحلة الجامعية، ويمتلك سيارة صغيرة يحاول من خلالها البحث عن مصدر رزق يعينه على مصاريفه اليومية، لافتاً إلى أن المرور يمنع تحميل الركاب من أمام بوابات المطار باستثناء سيارات الأجرة "الليموزين" المصرّح لها بالتحميل، فيضطر لإيقاف سيارته في المواقف السفليّة للمطار مقابل ريالين للساعة أو جزء منها ثم يتوجه لبوابات خروج المسافرين ويقف هناك بانتظار من يوافق أن يقوم بتوصيله. ولفت إلى أنه يتجنّب العوائل والسيدات ويعرض خدماته فقط على الرجال الذين يتوقع أنهم سيوافقون على إيصاله لهم. وتتم المفاوضات بطريقة خاطفة وسريعة بعيداً عن أنظار المرور وأصحاب سيارات الأجرة. وحينما يتفق معهم على السعر يصطحبهم لسيارته ويقوم بإيصالهم لوجهتهم مقابل مبلغ لا يزيد عن 50 ريالا، وهو مبلغ رغم ضآلته إلا أنه يعينه على مصروفه اليومي، مبيناً أنه يعرف العديد من زملائه الطلاب الذين يمارسون هذا النشاط في أوقات فراغهم وخلال إجازة نهاية الأسبوع. ويشير شاب آخر اكتفى باسمه الأول فيصل إلى أنه عاطل عن العمل، ولا يملك سوى سيارة صغيرة يحاول من خلالها ممارسة مهنة "الكدادة"، لكنه يصطدم بعوائق كثيرة، أولها عدم موافقة الركاب على الركوب معه في الشوارع وأمام الأسواق كون سيارته خاصة وليست ليموزين، والعائق الآخر ملاحقته من قبل المرور بمخالفة "تحميل ركاب"، فلم يجد موقعاً مناسباً سوى المطار، حيث تجبره ظروفه على البحث عن الركاب القادمين وإيصالهم لوجهتهم مقابل مبلغ مالي يتراوح بين 40 و60 ريالاً حسب الموقع الذي يريد الراكب الذهاب إليه، مطالباً الجهات المختصة بمساعدة الشباب العاطلين والطلاب المحتاجين، وأن يسمح لهم بممارسة تحميل الركاب من المطار وإليه وفق تنظيم معيّن . ويقول المواطن بندر العازمي إنه تشجيعاً لهؤلاء الشباب ودعماً لهم ومراعاة لظروفهم يقبل بأن يقوموا بتوصيله، وأحيانا يتجنّب سيارات الليموزين المرابطة أمام بوابات خروج المسافرين، ويذهب للبحث عن هؤلاء الشباب دون اكتراث بنوع سياراتهم أو موديلها، ويدفع لهم المبلغ الذي يطلبونه كونه يعرف حاجتهم ويعتبر أنهم أولى بهذه المبالغ من العمالة الوافدة، مقترحاً أن يقتصر تحميل الركاب من أمام المطار على السعوديين وأن يتم دعمهم من خلال توفير سيارات أجرة بالتقسيط المريح بعد أن تقام لهم دورات في فن التعامل مع القادمين من الخارج.