شهدت مدينتا القاهرة والإسكندرية لقاءات علمية وفكرية بين عدد من العلماء والمفكرين من المسلمين وغيرهم، بينهم: أمين عام رابطة العالم الإسلامي الدكتور عبدالله التركي، وشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، ووزير الأوقاف المصري الأسبق الدكتور محمد علي محجوب، ورؤساء الجامعات الإسلامية. وطالبت تلك اللقاءات بثورة اجتهادية على أسس علمية تشمل مجالات الحياة المختلفة، ولا تقتصر على الفقه والعلم الشرعي، مع إظهار الموقف الإسلامي من القضايا الإنسانية والحضارية المعاصرة، بعد التطور السريع في الثقافات المحيطة، والابتعاد عن الخرافات الفكرية والقضايا الفرعية، ومساهمة وسائل الإعلام في التربية الدعوية للنهوض بمستوى الخطاب الديني الإسلامي. موقف إسلامي من جانبه دعا الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبدالله التركي، العلماء والدعاة لإظهار الموقف الإسلامي من القضايا الإنسانية والحضارة المعاصرة، بعد التطور السريع في الثقافات المحيطة، في وقت ظل فيه المسلمون بعيدين عن التطورات العالمية، مما أدى إلى انقسامهم إلى فريقين، أحدهما مؤهل للحديث عن القضايا الإسلامية، والآخر تأثر بالثقافة والهوية الغربية أطلق على نفسه لقب «المفكر الإسلامي». وأوضح الدكتور التركي أنه لا يكمن أن نسمي شخصا مفكرا إسلاميا، إلا بعد إتقان أصول وفروع المسائل الفقهية والمعرفية، وإحاطته باللغة العربية باعتبارها سبيلا للوصول إلى معارف وعلوم القرآن الكريم، مشيرا بأصابع الاتهام إلى الإعلام الذي يطلق هذا المسمى على من لا يستحق اللقب. وأوضح الدكتور التركي أن بعض من يصفون أنفسهم بالعلماء والدعاة والمفكرين يصفون خلافاتهم على شاشات الفضائيات، ويستخدمون الدين وفتاواهم سبيلا لذلك، مشيرا إلى أن تلك الفضائيات لا تستضيف إلا من يجيد هذا النوع من الصراع الفكري، مطالبا وسائل الإعلام المساهمة في عملية التربية الدعوية، للنهوض بمستوى الخطاب الديني الإسلامي، بعد أن أثيرت حوله شبهات التشدد والتراجع. وطالب الدكتور التركي الأئمة والدعاة البعد عن الخرافات الفكرية، والقضايا الفرعية، وأن يركزوا على توعية الأمة بالتنمية والتعاون والعمل الجاد المتقن، لنتجاوز عنق الزجاجة، وأن يتصفوا بفكر عميق بعيد عن السطحية. استعادة الحضارة ورأى شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب ضرورة عقد لقاءات بين رجال الدين في مختلف الأديان، موضحا أن هناك مساحات مشتركة تساهم بفاعلية في إنقاذ البشرية، مشيرا إلى أنه لا يمكن أن يتحقق سلام بين أتباع الأديان إلا إذا حدث سلام بين قادة الشعوب. وأوضح طيب أن الإسلام يدعو إلى التعاون مع الآخر، ويرفض الانغلاق والتقوقع على الذات، مشيرا إلى أن «القرآن الكريم دستور لنا للتعامل مع غير المسلمين»، مؤكدا أن «الإسلام يؤدي دورا مهما في الحضارة الشرقية، وإذا تم استبعاده فسنجد أنفسنا أمام حضارة مادية بحتة»، واصفا الحضارة الغربية الحديثة ب«الشاذة»، لقصرها الفكر الإنساني كله على الاكتشافات المادية، باستغلال العلم في بسط حضارتهم على الحضارات الأخرى، مضيفا أن «الشريعة الإسلامية تدعو إلى تعمير الأرض، ونبذ العنف، والاعتداء على الآمنين». ثورة اجتهادية وفي الوقت الذي يؤكد فيه المستشار الثقافي لوزير الأوقاف المصري الدكتور محمد شامة، أن كتب الفقه الإسلامي اشتملت على الحريات المختلفة، التي أسهمت في نمو المستوى العلمي والحضاري لدى الأوائل، فإن الأستاذة في جامعة الأزهر الدكتورة خديجة النبراوي طالبت بثورة اجتهادية متقنة، تقوم على أسس علمية شاملة في كافة مجالات الحياة، ولا تقتصر على الفقه والعلم الشرعي، مشيرة إلى أن الأمة ابتليت بالجمود والتخلف بسبب غلق باب الاجتهاد.