«من فيض».. من دواخل الأسماء التي يستضيفها هذا الفضاء، نحاول مقاربة جوانب مخزونها الثقافي والمعرفي، واستكناه بواطنها لتمطر، ثم تقديمها إلى الناس، مصطحبين تجاربهم، ذكرياتهم، ورؤاهم في الحياة ومن حولهم، وذلك على شاكلة أسئلة قصيرة وخفيفة في آن معا. كتاباته الساخرة الساحرة، جذبت إليه الأنظار مع كل موطئ «قلم» يحط رحاله عبر صحفنا.. في هذا الفضاء الواسع، يخصنا الكاتب الساخر مشعل السديري بتقديم أوراق اعترافه تجاه ما نسب إليه من تهم عبر مقالاته، من ذلك اعترافه بأنه كاتب متمرد وسطحي وعنكبوتي، وأن وصفه بالعلمانية والليبرالية شرف لا يدعيه وتهمة لا يدفعها، وأنه يسير على هدى الحكمة القائلة: «حط بينك وبين النار مطوع». • أنظر إلى فوق وقل لي من أنت؟ لماذا إلى فوق تحديدا وليس إلى تحت؟! إيه المشكلة ؟!. • هل تذكر أول عود كبريت سقط من يدك على حياتك ؟ نعم أتذكره جيدا، ولقد ولعت به ساعتها لفافة تبغ رخيصة. • نزوات الكاتب في داخلك.. ما درجة حدتها؟ هل تعرف درجة حدة بركان «آيسلندا» الذي تفجر أخيرا؟!، إذا كنت تعرف ذلك، فأنت بالتالي سوف تعرف مدى حدة نزواتي المتمردة والخارجة عن طريق الاستقامة المظهرية الاستعراضية. • يقال: «أنت متحضر بقدر ما تقرأ»، فماذا تقرأ هذه الأيام؟ أقرأ في هذه الأيام: «الوثائق البريطانية في الجزيرة العربية ما بين 1917 / 1922»، هذا بالطبع إلى جانب قراءاتي المرهقة يوميا في وجوه الناس خصوصا النساء المتخلفات عقليا والمكتنزات عاطفيا منهن . • الكتابة لديك.. هل هي تطوع أم تضوع أم ماذا؟ ماذا ؟. • رغم نفيك كتابة المقال الموجه لسماحة مفتي عام المملكة.. إلا أن الأسلوب الكتابي الذي عرفت به يفضحك.. ما تعليقك؟ لقد نفيت هذا جملة وتفصيلا». • هل هذا ينسحب على المقال الموجه لياسر القحطاني والذي نسب إليك؟ وأيضا نفيت ذلك، وأكرر «مالي أنا ومال اللاعبين، إن شاء الله ما دخلوا أهداف». • هل من السهولة بمكان استنساخ أسلوبك والمضي على ذات نهجك الكتابي؟ هل بالإمكان استنساخ «البصمة» ؟!، هنا السؤال. • هل صدف أن كتبت عبر مواقع الكترونية ومنتديات الإنترنت، بخلاف عامودك الصحافي في الشرق الأوسط ؟ يا لله «جعلها بحملها تثور». • ما ردة فعلك تجاه ما ينسب إليك من مقالات تسيء للغير وتلصق بك ؟ أنا لا أسيء حتى لحشرة، فكيف أسيء لإنسان، وليس معنى ذلك أنني قديس، ولكنني مشغول بهمي. • ما دليل البراءة الذي رفعته في وجه من اتهمك بالإساءة لمفتي عام المملكة وللنجم ياسر القحطاني ؟ لا دليل عندي سوى ضميري، أو مثلما يقولون: «حسبي الله ونعم الوكيل». • هناك من يقول إن هذه المقالات ليست ملفقة، وإن كتاب هذا العصر يجيدون التخفي خلف الأقنعة.. بماذا ترد ؟ ولماذا أتخفى خلف الأقنعة ؟!، ألا تعلم أنني ضد «النقاب» ؟!. • وصفت الفلسطينيين ب «ملوك الفرص الضائعة» وبشرتهم ب «ليل مظلم».. كيف يستقي المعنيين؟ كيف أبشرهم بالظلام، وهم يعيشون في هذه الأيام في دياجيره ؟!. • وما الذي هدفت إليه في حديثك عن القضية الفلسطينية ؟ الذي هدفت إليه وأردت أن أقوله: إن هذه القضية أتعبتنا وأشغلتنا واستنزفت عدة أجيال بأكملها، دون أية فائدة ترجى، اللهم إلا أنها مكنت بعض الحكام من استعباد شعوبهم عندما ركبوا مطية هذه القضية يزايدون ويتاجرون بها، خلاص لقد فاض بنا الكيل هذا إذا كان هناك بقية من كيل . • مقالك «يسروا ولا تعسروا»، رأى البعض أن به إساءة.. لم هذا العداء؟ هل «التيسير» يعتبر إساءة؟!، إذا كان البعض يعتبر ذلك إساءة، فإنني أقول لك بملء فمي وأنا مرتاح الضمير: نعم إنني أسأت ولا فخر. • وبماذا تبرر قولك: «حط بينك وبين النار مطوع» ؟ لست أنا الذي يقول ذلك، ولكن الناس القدماء البسطاء هم الذين قالوا هذه الحكمة البليغة التي أسير على نهجها وهداها، فما أروع أن يتحمل إنسان آخر تبعات أخطائك وتنسل منها أنت مثلما تنسل الشعرة من العجين، وتعود مثلما ولدتك أمك. • ذاكرتك هل هي من النوع الحديدي الذي يصعب اختراقه؟ ذاكرتي هي من النوع «الزئبقي». • إن كان كذلك، هل تتذكر كل ما كتبت؟ ألبتة، ألبتة، إن كل ما كتبت وما أكتب وما سأكتب أتركه للريح تلعب به كيفما تشاء. • بماذا ترد على من وصف مقالاتك التي تتحدث فيها عن رجال الدين، بأنها كتبت في زمن تعبث بها الريح ؟ أرجع إلى سؤالك الذي طرحته قبل ذلك، وأرجع إلى جوابي، وستجد عين اليقين. • وماذا تقول لمن وصفك ب «الكاتب السطحي»، الذي يهمه إشهار نفسه من باب «خالف تعرف»؟. كاتب سطحي ممكن جدا، ولكن إشهار نفسي من باب «خالف تعرف»، فلا أظن ذلك، المشكلة أنني ما أقدر. • ومن وصفك بالكاتب العلماني الليبرالي؟ هذا شرف لا أدعيه، وتهمة لا أدفعها، فلست لا ذلك ولا ذاك. • ما الثمن الذي تدفعه، فيما لو صحت مقولة: «إن هناك من يكتب لك»؟. هناك بعض الأقوال، من السخافة الإجابة عليها. • وبأي أحرف ترد على من اتهمك بذلك؟ أشد على يده بيد من حديد. • القصص التي توردها عبر مقالاتك.. ما نسبة الخيال ونسج العنكبوت فيها ؟. نسبة لا بأس بها، ولا أستبعد إطلاقا أن في جيناتي شيئا من جينات العناكب، ويا ويل اللي يدخل في شبكتي. • كتابات خلف الحربي «الساخرة» في «عكاظ» ألم تحرك فيك الساكن لزمن مضى؟ «وانعم» بولد حرب. • برأيك هل حققت ذات الوهج الذي أنرت به «عكاظ» يوما ما ؟ عن أي وهج وإنارة أنت تتحدث ؟!، إنني رجل مسكين لا تضيء حياتي غير شمعة ذابلة. • بصفتك كاتبا ساخرا، رتب لي أميز كتاب هذا اللون الكتابي: عبد العزيز السويد، ثامر الميمان، مشعل السديري، يحيى باجنيد، محمد صادق دياب، محمد عبدالواحد؟ كلهم زملاء أعتز وأفخر بهم، ما عدا الثالث منهم. • أين تضع نفسك بينهم؟ يا ليتك تسمح لي أن أخرج من بينهم، وأكون لك من الشاكرين. • «عكاظ» صنعت لك الشهرة والتواجد في قلوب القراء.. فهل ما منحتك إياه يعادل ما أعطيته لها؟ الكفة بالتأكيد راجحة ل«عكاظ»، لأنني للأسف بخيل، رغم أنني لست بناكر للجميل. • «قلمك الذي يخاطب رجل الشارع، لا يتسق مع نهج صحيفة عربية دولية تخاطب النخب».. ما مدى اقتناعك بهذه العبارة ؟ إنني لا أخاطب النخب، فما أخاطبها دائما هي نفسي الأمارة بالسوء أحيانا، والأمارة كذلك بعشق الحياة. • الأفواه التي تردد العبارة السابقة، تستند إلى أنك لم تعد تحظى بذات القدر من اهتمام القارئ، حينما كان مقالك يتصدر الصفحة الأولى من صحيفة «عكاظ»؟ لو لم أحظ بتقدير غير قارئ واحد، فهذا يكفيني «ويخب علي» كذلك. • هل أنت من مؤيدي تنويع اتجاهات الكتاب في الصحيفة التي ينتمون إليها ؟ طبعا، طبعا. • هل الكتابة الساخرة تتزعم هذه الاتجاهات ؟ ليس هناك كتابة تتزعم، هناك كتابة تؤثر، أو كتابة تفجر العقل، أو كتابة تعصر القلب. • هل نحن نعاني من ندرة في الكتاب الساخرين؟ لسنا وحدنا الذين نعاني من هذه الندرة. • وجود الكاتب الساخر الماهر في توظيف ألفاظه وسلاسة أسلوبه.. هل له دور مؤثر في زيادة توزيع مطبوعته ؟ لا تسألني أنا، اسأل شركات التوزيع. • الكتابة الساخرة ما شروطها؟ لو كان لها شروط ما كانت كذلك. • هل تمارس السخرية في حياتك؟ حياتي هي التي تمارس بي ذلك، ولست أنا. • هل يوجد لدينا كاتبات ساخرات؟ يوجد لدينا كاتبات «ساحرات» لا ساخرات. • من الكاتب الذي تأنس لأسلوبه، ومن الذي يثيرك؟ كل الكتاب أأنس لأساليبهم، أعرف أن إجابتي هذه «بايخة»، ولكنني لم أدر كيف أجيبك ؟!. • ومن من الكاتبات يندرج عليهن السؤال السابق؟ وجوابي يندرج أيضا على السابق. • متى تضطر لقول الكذب؟. «اوه هو»، لقد ضربت على الوتر الحساس، خذ أول كلمة إلى آخر كلمة من هذه المقابلة وسوف تعرف ذلك. • كم تتوقع نسبة من يقرأون لك؟ هم يتراوحون ما بين (99 %) حسب انتخابات بعض البلاد العربية، إلى نسبة (1%) حسب الانتخابات المشعلية. • يقال إنك أغلى كاتب في الشرق الأوسط.. ما رأيك ؟ لا أدري ماذا تقصد بكلمة «أغلى»؟!، هل هي من الماء عندما يغلي على النار، أم «أغلى» أي أحب ، أم المقصود هي «الدراهم» أو الأجر؟!، أعتقد والله أعلم أن الاحتمال الأول هو الأصوب. • في حياتك تمزج الجد بالهزل.. لماذا؟ لا، إنني لا أمزج الجد بالهزل، ولكنني أمزج الهزل بالجد، أما لماذا؟!، فلأن في يدي اليمنى ما صنع الحداد، وفي يدي اليسرى غصن زيتون، وعلى رأسي تقف حمامة، وفي داخل صدري صقر كاسر لا يتورع عن نهش الأكباد لو استطاع. • الشعرة الأرجوحة بين العاشق وفاقد العقل.. لمن يحق من النساء قطعها؟ لا يحق لأي امرأة أن تحظى بهذا الشرف، إلا إذا كانت مجنونة، وأروع النساء هي من كانت مجنونة، وإذا مرت عليك في حياتك مثل هذه المرأة، فأرجوك ثم أرجوك سلم لي عليها، و«بوسلي» عينيها. • المرور بجوار السياسة.. ماذا سيكلفك؟ إنني لا أمر بهذا الجوار، ألا تعلم أنني جبان وقاطع طريق كذلك ؟!. • قل لنا بصدق من الذين حاولوا ثقب طائرتك الورقية؟. المشكلة أنك قلت وركزت على كلمة «بصدق»، وأنت بذلك أحرجتني كثيرا، لأنني لا أعرف ولا أتعاطى بهذه المفردة في حياتي كلها مع الطائرات الورقية، إنني أتعاطى فقط وبصدق بالغ مع الطائرات المخترقة لحاجز الصوت والمحملة بالقنابل التدميرية. • لديك عدة رسائل، لمن توجهها ؟ وماذا تقول فيها؟ الرسائل التي أوجهها هي لكل قارئ تفضل وأرهق نفسه بقراءة هذه المقابلة، التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وأقول له مثلما كان يكتب قديما من يبعثون بالرسائل، ويكتب الواحد منهم: على «ظرف» الرسالة: شكرا لساعي البريد. مشعل محمد الأحمد السديري • كاتب صحافي وفنان تشكيلي • من مواليد منطقة الجوف. • تلقى تعليمه الابتدائي والمتوسط في مدرسة الطائف النموذجية، وتعليمه الثانوي في مدرسة الثغر النموذجية في جدة. • درس في أكاديمية الفنون في فلورنسا في ايطاليا. • كان يكتب مقالا يوميا في صحيفة عكاظ تحت عنوان «محطات القوافل» منذ 2/6/1415ه. • انضم إلى كتاب صحيفة «الشرق الأوسط» بدءا من 28/2/1425ه. • له مشاركات عديدة في ملتقيات ومنتديات فكرية محلية وعربية.