في يوم من الأيام المخصصة للرجال فقط في معرض الرياض الدولي للكتاب، وعلى طاولة خارجية اجتمع عليها مجموعة من الزملاء «العكاظيين»: خالد السليمان وخلف الحربي وصالح الطريقي ومحمد الأحيدب وهاشم الجحدلي ومحدثكم، وأثناء النقاش المتبادل وجدت نفسي بعيدا عن ألق الجلسة متجها صوب مدخل المعرض، حيث تجمع رجال الأمن على «شابين» يحاولان دخول المعرض، والأمن يقف حائلا بينهما وبين مرادهما. تحرك في جين «اللقافة الصحافية» وتركت جلسة الرفاق متجها إليهم، سألت رجال الأمن عن سبب المنع، ولا سيما أن اليوم مخصص للرجال فقط، فكانت الإجابة: التعليمات تنص على منع دخول «الكدش»!، التفت باحثا عن ذلك «المكدش» فلم أجد أحدا، سألت الجندي من يقصد تحديدا؟، فأشار إلى واحد منهما وكان يحلف الأيمان المغلظة «أنا مو كدش»!، ومع الأخذ والرد أصر رجل الأمن على أن يغادرا أرض المعرض، فغادراها بكل حسرة بعد قطعهما المشوار الطويل لأخذ جولة «ثقافية» نفتقدها في مشروعنا الحضاري، وفي يوم خصص للرجال لا يحتمل «مظنة السوء». لم أشأ أن أسجل هذا الموقف، ولكن التحقيق الذي نشر بالأمس في صحيفة الرياض عن «المراهقين» حرك فيني كوامن الاعتراض فيكفي أن التحقيق استفتح بعبارة «متمردون على الواقع بكل أشكاله»، ومشكلة أن نبدأ بالنتيجة قبل سردنا للمقدمات... بحكم السن قد أكون قريبا جدا من الأوساط الشبابية ومتداخلا معهم في كثير من همومهم، وأكثر ما يزعجني هي مطرقة «التسفيه» التي ترفع في وجه أي شاب دفعه السلوك الإنساني إلى ممارسة «العادي» في أوساطه، لكن أزمة الفهم تقف حائلا بينه وبين اقتناع وسطه التربوي بهذا السلوك، والتحريض الاجتماعي الأبوي ضخم كثيرا من الممارسات التي كان من الممكن أن تمر مرور الكرام، لكن «الانتقاء» جعلها من مسائل التحدي، ومن ثم أصبح معيارا في تقويم المجتمع لأفراده: هل هذا كدش – لابس طيحني – إيمو – عباية على الكتف.. وهذا بحد ذاته تسطيح للقضايا واختزالها في مسائل ظاهرية بدلا من الغوص في خصائص السلوك وأساليب تعديله، فحتى لغة «المنع» لم تعد تجدي في ممارسة الشاب لقناعات جيله، وإن كان هناك منع لسلوك معين فلماذا لم يبرز لنا «تحرير» لشكل وهيئة ذلك السلوك وإنما هو وصف «عائم»، كما فعل رجل الأمن مع الشاب الذي أصر على أنه «كدش»، وبناء على ذلك ستصبح «المزاجية» محركا لتصنيف الشباب وفقا لفهم ورؤية المسؤول. واقعنا يقول: نحن نسلم بالأفكار ولكن لا نعمل بها، فهل العيب في المفكر أم المتلقي؟. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 128 مسافة ثم الرسالة