ما من أحد إلا ويعلم أن الموت حق على كل حي، وأنه حقيقة لامفر منها، ومع ذلك يظل حقيقة صعبة، وفجيعة وصفها القرآن الكريم بالمصيبة .. تغشى الإنسان أينما يكون، ومهما طال بقاؤه في دار الفناء: فكل ابن أنثى وإن طالت سلامته يوما على آلة حدباء محمول وكم يصبح الموت مصابا أليما حين يفقد الإنسان فلذة كبده وقرة عينه. وقد دهمنا، في أول هذا الأسبوع، خبر فقد الصديق الحبيب الأستاذ عبدالمقصود خوجة ابنه الشاب (إباء)، رحمه الله رحمة واسعة. يا أخانا الأكبر عبدالمقصود خوجة ما أكثر ما شاركناك حفلاتك، وشاطرناك أفراحك .. فلا أقل من أن نشاطرك أحزانك، فنعبر لك عن صادق مواساتنا، وتأثرنا البالغ بمصابك الجلل. عرفناك أديبا تكرم الأدباء والعلماء، وتتابع أحوال الضعفاء، وتصنع المعروف، وتتفقد بإنسانيتك كل صديق غاب عن ناظريك. واليوم وقد فقدت ابنك الغالي لانلبث إلا أن يشعر بأشد الأسى وجدان من أحبوك، وتدرك نفوسهم مدى الصدمة التي منيت بها. إن عبارات العزاء مهما بلغ عمقها من القلب، فلن تعوضك عن فقيدك الذي أحببت .. ولكني أدعو الله لك أن يجعل الصبر رائدك .. فليس كالصبر دواء للمصيبة والفجيعة. وليس أبرد على القلب من التسليم بقضاء الله وقدره. لايسعني إلا أن أزجي لك أعمق مشاعر التعاطف لما ألم بك .. راجيا أن يكون في تعاطف المحبين لك ما يخفف حزنك، ويزيل شجنك، ويعوضك الأجر الجزيل. وليحفظ الله أبناءك وبناتك .. فهم وأمهم خير معين لك على تخفيف وطأة حزنك، وهم أقرب من يمنحك القوة على زوال ألم الفراق في نفسك. أسأل الله أن يقيك صروف البأساء، ويلهمك الصبر على الضراء، ويفيض على الفقيد سحائب الرحمة، وينور ضريحه، ويسكنه فسيح جناته. «والذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون».