يعيش بعض الأزواج غرباء تحت سقف بيت يجمعهم بزوجاتهم، بعد أن تلاشى الكلام والاهتمام وحل مكانه الجفاء والبرود، ليصبح الزوجان كموظفين في مؤسسة الزواج. ويطلق علماء النفس على هذه الحالة الطلاق العاطفي أو الطلاق الصامت؛ حيث يحافظ الزوجان على العلاقة الزوجية شكلا، في حين تنعدم العلاقة الوجدانية والعاطفية واقعا. عدد من المهتمين تداولوا هذه القضية عبر «الدين والحياة» وكانت إجاباتهم كالتالي: قضايا الهجر الشيخ حمد الرزين (قاضي محكمة جدة العامة): تظهر قضايا الهجر في المحاكم من خلال دعاوى يرفعها أحد الطرفين على الآخر، وغالبا ترفعها الزوجة من خلال دعوى المعاشرة بالمعروف أو طلب فسخ النكاح، وقد يرفعها الزوج من خلال دعوى طلب الانقياد. وفي كل الحالات تلجأ المحكمة إلى معالجة الأمر بالصلح بين الطرفين بواسطة لجنة متخصصة، وتفتح النقاش في جميع الأمور العالقة ويكون دور اللجنة في ذلك إدارة الحوار بين الزوجين بتوازن، فيتم التركيز على الملاحظات المهمة، ويتم اطراح الملاحظات التافهة التي قد يبديها أحد الزوجين في الآخر. وإذا لم يتم الوصول إلى حل بالإصلاح بين الزوجين والعودة إلى بيت الزوجية، فقد يتم الإصلاح بالتفريق بينهما بإحسان وبدون إجبار، وإذا لم يحصل ذلك فإن المحكمة تتصدى للأمر وتفسخ النكاح لرفع الضرر عن الزوجة. صمت المشاعر الدكتور خالد الحليبي (رئيس مركز التنمية الأسرية في الأحساء): لقد انتشر ما يسمى بالطلاق العاطفي أو صمت المشاعر الذي هو عبارة عن عدم تعبير عن المشاعر بين الزوجين. ومن خلال الاستشارات التي ترد إلينا يتبين أن هناك غليانا داخليا بين الأزواج، بينما يكون كل طرف في شوق للآخر، إلا أن المشكلة هنا تكمن في الكبر الحاصل بين أحد الطرفين وعدم الرغبة في التنازل، وهنا أحذر من تبييت المشاكل ولو كانت صغيرة فإنها سبب رئيسي في وقوع هذه الآفة ومنها الطلاق، فكلما زاد الصمت كثر الشقاق. هذه المسألة باتت سببا كبيرا في كثرة حالات الطلاق. الهروب الأسري د. نورة الصويان (مديرة الخدمات الاجتماعية في برنامج الأمان الأسري الوطني في جامعة الإمام محمد بن سعود): من خلال التعامل مع المشكلات الأسرية رأيت أن هذه الآفة منتشرة في مجتمعنا بشكل كبير، كما نرى في المقابل أن هناك علاقة مباشرة بين صمت الأزواج وكثرة حالات الطلاق في المجتمع. أرى أن سبب تفاقم هذه المشكلة هو الهروب السلبي من المشاكل وعدم الاعتراف بوجودها وعدم حلها مباشرة، فإن تراكم المشاكل ولو كانت بسيطة وعدم وجود الحوار بين الزوجين هو نوع من أنواع التفكك الأسري الذي يهدد المجتمع مستقبلا. نحن نفتقد إلى المؤسسات الاجتماعية المبنية بشكل علمي لتسهم في مساعدة الأسر على حل مشاكلها، مع أن وجود بعض تلك المؤسسات في الآونة الأخيرة يدعو إلى التفاؤل.