تُكمل “الرسالة” ما بدأته الأسبوع الماضي حول مدى تأثير الشبكات الاجتماعية على الحياة الزوجية وازدياد معدلات الطلاق من خلال إدمان المواقع الاجتماعية في الإنترنت، وقد نفى بعض المختصين حدوث أي تأثير للمواقع الاجتماعية في قضية الطلاق. وأشار إلى أن معدلات الطلاق ازدادت بسبب سوء اختيار الشريك في الحياة، مما يُسبب عدم توافق نفسي وفكري بين الزوجين، في حين أن بعض المختصين أكد أن المواقع الاجتماعية ساهمت في فقدان التواصل بين الزوجين والهروب من المشكلات والخلافات إلى العالم الافتراضي وتعويض النقص في الشريك بالتعارف وتكوين علاقات عاطفية، وغيرها من المحاور في ثنايا الموضوع. نفى الأستاذ الفيصل سراج الزهراني “المحامي والمستشار القانوني” أن المواقع الاجتماعية لها تأثير في العلاقات الزوجية ووضح عدة طرق للحد من الطلاق فقال: “الخطوات في العلاج هي اتباع الهدي النبوي في حل المشكلات الزوجية من مخاطبة المرأة باللين وإفهامها خطأها أو العكس، وكذلك الهجر في فراش الزوجية، والضرب غير الموجع والقصد منه التأديب لا التعذيب كما نسمع ونرى في الصحف، فهذا خارج عن الهدي النبوي وسنة المصطفى عليه الصلاة والسلام، كما أن هناك مسألة التحكيم بين أهل الزوج وأهل الزوجة في المشكلات المتعلقة بين الزوجين ويصعب حلها وديا بينهما، وينبغي على المرأة أو الرجل التأكد والتثبت قبل إطلاق الأحكام الهدامة وحسن الظن مطلوب من الطرفين، حتى يثبت يقينا وليس شكا، فالحكمة مطلوبة في مسائل الزوجية”. إشباع الجانب المفقود ويؤيد د. ياسر نصار “المستشار الأسري ومدرب تعديل وتطوير السلوك وتنمية الذات” القول بأن المواقع الاجتماعية تؤثر في الحياة الزوجية فقال: “من المؤكد ان الشبكات الاجتماعية تؤثر بشكل كبير على الحياة الزوجية، وذلك ينتج عندما يقارن الزوج أو الزوجة بين شريكه وبين من تعرف عليهم بهذه الشبكات من ناحية الاسلوب او الجمال او الافكار، التي غالبا ما تكون مصطنعة وكاذبة، وتزداد سوءًا عندما يرغب الزوج أو الزوجة بإشباع الجانب المفقود في شريكه بهذا النوع من التعارف”. وأضاف نصار: “فمن البديهي أن تزداد حالات الطلاق والانفصال ويلعب الجهل دورًا كبيرًا في هذا الخصوص، حيث إنه في حالة اكتشاف أحد الزوجين لخطأ بدر من شريكه يقوم بالإصرار على الطلاق وكيل الاتهامات والتشهير به في المجتمع بدون بذل أي محاولة لتفهم الأسباب المؤدية لذلك لربما كان هو السبب”. العلاج نوعان واسترسل فقال: “والعلاج الناجع للحد من الطلاق ينقسم إلى نوعين: النوع الأول للحالات التي لم تقع بمشكلة حتى الآن: مراقبة الله والايمان بأن الملذات التي تأتى من غير شرعية لا يمكن ان تسمى سعادة أو تغني عن المتعة الشرعية، مراقبة الذات وتنمية الثقة بالنفس لكي يعيش بدون شكوك بالشريك، الخلو بالنفس ومحاولة التعرف على الأسباب المؤدية لهذا الطريق، والنوع الثاني للحالات التي وقعت بمشكلات: الوقوف والتعرف على سبب البحث عن البدائل بالشبكات بدل الشريك، الله يقبل التوبة فلماذا العبيد يرفضونها؟! لذا يجب أن نترك باب الحوار والصلح مفتوحًا، التركيز على الحل وليس على المشكلة، الابتعاد عن الشبهات، إحسان الظن بالله وكذلك بالآخرين”. إدمان الأزواج أما د. ماطر بن عواد الحربي “الإخصائي النفسي” فيؤكد أن الشبكات الاجتماعية تعد سلاحًا ذا حدين، يفيد الزوج أو الزوجة في عملهم وتخصصهم ويُوسِّع مداركهم ويُنجز مهامهم، ولكن حال استخدامه لأغراض سيئة سيؤدي إلى نتائج خطيرة مثل التي نراها في المجتمع من تفكك الأسر وتصدع العلاقات، وأضاف: “والمكوث لفترات طويلة أمام تلك الشبكات لا يعد الفرد صحيحا نفسيا، فالمرء السليم نفسيًّا وعقليًّا هو الذي يستطيع أن يوازن بين متطلباته المتعددة، بحيث لا يطغى جانبٌ على آخر، وبذلك يتكيف مع الحياة بشكلٍ سليم، ولا يجعل رغباته تتحكم فيه كما تشاء، وقد يبرر الأزواج بالإدمان على تلك المواقع بسبب عدم التوافق بينهما وكثرة المشكلات والخلافات والفتور المادي والعاطفي، ومن ثَمَّ يلجأ بعض الأزواج إلى الدخول على المواقع وكذلك قد تفعل بعض الزوجات، وهذا يعدُّ أسهل الطرق للهروب والانعزال عن الواقع، الذي يؤدي إلى اتساع الفجوة بين الزوجين، التي دائمًا ما تكون نهايتها مدمرة نفسيًّا وأسريًّا واجتماعيًّا، ولا بد كذلك من إحياء مساحات الاهتمام المشترك بينهما وعدم الانشغال بتلك المواقع أكثر من ساعة أو ساعتين في اليوم والاهتمام بالنواحي الإيجابية فيه، التي تنمي التواصل بين الأسرة ولا تهدمه”. ليس الشبكات فحسب أما الشيخ عبدالحميد البلالي “الداعية الإسلامي” فيقول: “قد تساهم هذه الشبكات الاجتماعية بشيء يسير في قضية الطلاق، لأن الطلاق لا يرتبط بسبب واحد بل بمجموعة من الأسباب لعل من أبرزها الاختيار الخاطئ من الطرفين أو عدم التوافق والتكافؤ، مما يدفع أحد الطرفين للاتجاه إلى أي طريق لسد حاجته وليس الشبكات فحسب”. إساءة الاستخدام ويشدّد الشيخ عبدالله بن فريح البهلال “القاضي بوزارة العدل” على أن الشبكات الاجتماعية تؤثر في الحياة الزوجية عند إساءة الاستخدام أو عند عدم مراعاة مشاعر الطرف الآخر، وأضاف: “معدلات الطلاق بالزيادة والنقصان تخضع للثقافة وحسن السياسة الاجتماعية وقبلها مراقبة الله، الحلول لمشكلة الطلاق كثيرة: أعظمها مراقبة الذات بالمخافة من الله إضافة إلى تنمية مشاعر الضمير”.