جاءتني عزيزتي الصغيرة تقفز وفي عينيها دهشة تلمحها عن بعد بمجرد نظرة.. وقالت في حيرة وإرباك: من هو هذا الذي يحيبونه الأطفال.. وملابسه حمراء وبيضاء وله دقن أبيض وعلى رأسه قبعة لها ذيل؟ من هو تعرفينه؟! لأني لما سألت المعلمة في الفصل عنه قالت لي وهي تهز أصبعها في وجهي: يا ويلك إن عاد سمعتك تسألين هذا السؤال.. ويا ويلك لو تحدثت عنه أمام زميلاتك.. تفهمين.. حرام هذا الكلام.. وإلا ترى أعلم المديرة تقول لأمك تجي المدرسة! الصغيرة تقول: والله ما سويت شيء.. بس سألتها! ينقلنا هذا الموقف إلى تأمل ما يجري حولنا في العالم المجاور الذي يشاركنا الإقامة على الكرة الارضية! وما مدى صلة أطفالنا به؟! فلم يعد بإمكاننا أن نقنع أطفالنا بحدود هذا العالم على اعتبار أننا وحدنا فيه ولا يوجد آخرون. فعندما كنت طفلة كنت أحس أن «الرياض» هي الدنيا وهي العوالم وهي الحدود وهي الأرض ولا يوجد غيرها سوى الفضاء! ولن أخرج منها وإذا ذهبت إلى القبر فهو فيها بمعنى أموت وأحيا في الرياض ولا غير «الرياض» في الوجود! اليوم أطفالنا وهم في مكانهم سواء في جدة أو الرياض أو «القيصومة» في أي مكان على الخريطة السعودية يطلون على العالم الآخر ويكشفونه بضغط خفيف على زر ريموت بين أيديهم! ولا يمكن أن تغلق الصندوق وتضع فيه فلذة كبدك معزولا عن العالم! فماذا نفعل كي نربي هؤلاء الصغار الذين صاروا يعرفون أكثر مما نعرف.. وصاروا يرون كل شيء ويسمعون كل شيء ويشاركون عبر القنوات الفضائية في كل شيء! صغيرتي كانت تسأل عن شخصية ترتدي الأحمر والأبيض فهل يصح لي أن أجيب عليها وأقول (بابا نويل) هل أقول اسمه كما يقولونه «بابا» وهل يصح أن أرمي في وجهها الكلمة بلا تفسير لمعناها في الجملة تحديدا؟! كل الشخصيات التي أدركها أطفالنا ليست من صنعنا! «سوبر مان»، «سبيدرمان»، «طرزان».. «الوطواط».. «نويل».. «ميكي ماوس» وحتى «توم وجيري» وغيرها كلها أبناء أفكار أجنبية أجادت صنع شخصيات بارزة في عالم الطفل توارثها الأجيال جيلا بعد جيل! وأخذناها عنهم مثلما أخذنا غيرها كمستهلكين ومنتفعين ومروجين ولسنا مبتكرين ولا حتى موافقين! عشنا الانتهازية وسمحنا لهم بانتهاز عجزنا واستغلال حاجتنا! فقد وجدنا هذه الشخصيات تنتشر لأن الفراغ في عالم طفلنا كبير وجاهز للاستقبال هذه المنتجات الفائزة بحب الجماهير لأنها شخصيات إيجابية تحب الخير وتنصر الضعيف وتحارب الشر وتقبض على اللصوص وتأتي على غرة تنقذ وتذهب دون أن تطالب بالثمن! كل السمات الحلوة لا تخلو منها.. جعلت أطفالنا يحبونها ويحبون ما عند الأجانب من فضائل لا يجدون من يمثلها في عالمهم المعاش! مع ملاحظة أن معظم الشخصيات المحبة للخير ذكورية بينما الشخصية الأنثوية الوحيدة هي الساحرة الشريرة!! فكيف نقول للطفل حرام؟! ويا ويلك.. إنه الفاصل الحديدي بين المدرسة والعالم. للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 152 مسافة ثم الرسالة