يمتثلون لأوامر الأهل ويتقبّلون طلباتهم، يخضعون لكل الابتزازات التي يمارسونها عليهم مع اقتراب الشهر الثاني عشر من كل عام. فرضى الوالدين عنهم، استرضاء غير مباشر ل"بابا نويل". هذا العجوز، الذي يقترب عمره من عمر الأجداد، صورته المثالية أن يكون سميناً أشيب الرأس واللحية والحاجبين. يرتدي الكثير من الملابس تناسب القطب البعيد الذي يأتي منه. ثيابه حمراء مذيلة بالأبيض، وقبعته طويلة تنتهي بكتلة بيضاء، ومتى غابت الحواجب أو اللحية الحقيقية يستعيض عنها بأخرى اصطناعية أو ببربارة تفي بغرض وجود هذا العجوز الصعب الإرضاء، والذي (ينأى بجانبه) وقد لا يظهر محملاًً بالهدايا، لمجرد أن هذا الطفل أو ذاك لم ينل العلامات المدرسية اللازمة، على مقياس الأهل، الذين يملكون الصلة الأساسية والوحيدة للاتصال بالعجوز الأشيب. وتكبر المعضلة، كلما تقدم الطفل في السن، وبات على والديه مواجهته بالحقيقة الصادمة "بابا نويل ليس إلا شخصية وهمية". حقيقة يصعب تقبلها لا سيما إذا جاءت من أحد الأشخاص كرد فعل ساخر يفهم منه الولد أنه معاقب. وهمية هي الشخصية أم حقيقية، لا يجد الأهل إلاّ استخدامها كلما سنحت لهم الفرصة، ف"بابا نويل" جزء من يوميات الطفولة، التي يسعى الأهل إلى تحويلها ذكريات لا تنسى، تماماً كجنية "الأسنان"، التي تساعد الطفل على تقبل فقدان أسنانه الحليب. "بابا نويل" بات اليوم يستخدم في كثير من المجالات، فيتظاهر مندداً بالاحتباس الحراري، من دون أن يتمكن من معاقبة المسؤولين عنه. ويقوم باعمال خيرية من خلال تقديم الهدايا لأطفال فقراء على مساحة الكرة الأرضية، وهو عاجز عن فرض جزية، على بخلاء أو حثّ زعماء على تحكيم ضميرهم كما فعل ب"سكرووج". ويساعد عسكريين وسياسيين في تقديم الجانب الإنساني من مهماتهم، وهو مسلّم بواقع أنه لن يستطيع فرض سلام على مناطق متنازعة. ظهور علني لا يقلق "بابا نويل" من أن يفقد صورته بين الأطفال، فكثيرون ممن يؤمنون به لا يسمح لهم وضعهم الاجتماعي الرفيع من أن يرونه في مثل هذه الأماكن، فهم أطفال "عزّ"، يزور "بابا نويل" شجرتهم، ليلاً وهم نائمون ويقوم بمهمته عبر وضع هداياهم الثمينة من دون أن يقلقهم. هذا ال"بابا نويل" صاحب سمعة طبية ولمروره حسابات أكبر عند أطفاله. أمّا "بابا نويل" اليوم الأكثر ديموقراطية، فطبيعته "الخيرية"، تقتصر على عدد محدد من الهدايا يوزعها على عدد غير محدد من الأطفال المحتاجين في العالم... وظهوره المحبب والمرحب به في مدارس أيتام أو خيم لاجئين، قد ينتهي بحنق من طفل لم يسمع اسمه في قرعة من ربحوا هدية... أو طفلة وقفت في زاوية بعيدة لم تستطع بلوغها هدايا "بابا نويل" المربوطة بحبل "غير مطاط". وقبل ليلة واحدة من عيد الميلاد استوحى رجل من أجواء عيد الميلاد ليسطو على مصرف في مدينة ناشفيل، بولاية تنيسي الأميركية، متنكراً بزيّ بابا نويل. وذكرت صحيفة "ذو تنيسينيان" أن الشرطة تبحث عن رجل يرتدي بذة بابا نويل أقدم على سرقة مصرف "سان تراست بنك" في مدينة ناشفيل في ولاية تنيسي. وقالت المتحدثة باسم الشرطة كريستين مامفورد "لا أذكر أي بابا نويل يقوم بذلك. لا أذكر متى تم استخدام زيّ مثل الذي كان يرتديه اليوم للقيام بعملية سرقة". وكان السارقون قد استخدموا زيّ باب نويل للقيام بأعمال سرقة في السابق، وكانت ابرزها تلك المعروفة باسم "سرقة مصرف بابا نويل" في مدينة سيسكو في ولاية تكساس، حين اقدم رجل يرتدي زيّ بابا نويل على سرقة مصرف برفقة مساعديه وقتل 6 اشخاص وجرح آخرين. صور لبابا نويل من حول العالم في هذا الشريط